عقد في العاصمة السعودية الرياض، أوّل اجتماع لرؤساء هيئة الأركان في دول التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي أعلنت المملكة العربية السعودية عن تشكيله في ديسمبر الماضي من 39 دولة تمثل أغلب دول العالم الإسلامي.
يشكّل الاجتماع جزءا من جهد أشمل، وستواصل المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الدول المشاركة في التحالف، بذله من أجل وضع الأطر النظرية والعملية الكفيلة بجعل التحالف فاعلا في المجال الذي أنشئ لأجله وهو محاربة جميع أشكال الإرهاب والتطرّف، سواء على مستوى الفكر أو الممارسة العملية.
وكان التحالف قد بدأ عمله عبر إنشاء مركز يتخذ من مدينة الرياض مقرا له بهدف “تطوير الأساليب والجهود لمحاربة الإرهاب في العالم الإسلامي، ولتنسيق الجهود بين الدول المشاركة للارتقاء بالقدرات لمحاربة الإرهاب، وكل ما يزعزع أمن دول العالم الإسلامي”.
وتمثلت أول الإنجازات العملية للتحالف بإجراء أكبر مناورة عسكرية في المنطقة، وهي “رعد الشمال” التي انطلقت في مدينة الملك خالد العسكرية، في 27 فبراير الماضي، واختتمت في 10 مارس الجاري، بمشاركة قوات من 20 دولة.
وشارك ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان قيادات أركان دول التحالف الإسلامي العسكري، اجتماعهم الأوّل.
وخلال الاجتماع شدّد رئيس الأركان السعودي، الفريق أول عبدالرحمن صالح البنيان على ضرورة أن تبذل الدول الإسلامية جهدا واضحا وفعالا ضمن الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، كما أكد البنيان أن دراسة ومحاربة الفكر المتطرف ستكون من صميم عمل مركز التحالف الإسلامي، وذلك إلى جانب مواجهة الإعلام الإرهابي التابع للجماعات المتطرفة.
وعرض الجانب السعودي تصورا لمكافحة تمويل الإرهاب، وأشار إلى تعقيدات هذا الملف وإلى أن ممولي الإرهاب يعتمدون على آليات منظمة ويستخدمون تقنيات متطورة ونظم اتصالات حديثة، مشددا على تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المتخصصة واعتماد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتطبيق نظم مراقبة متطورة.
وفي ذات السياق أكد العميد الركن أحمد عسيري، المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي، أن دول التحالف ستعمل على تجفيف منابع الإرهاب ومصادره. وكان أكد في وقت سابق ارتفاع عدد دول التحالف الإسلامي العسكري الذي تقوده المملكة لمحاربة الإرهاب من 34 إلى 40 دولة.
وقال عسيري في مؤتمر صحافي عقب اجتماع رؤساء أركان دول التحالف الإسلامي في الرياض، إن دول التحالف تحرص على العمل ضمن المواثيق الدولية، وإنها تحارب الإرهاب بشكل عام وليس داعش فقط.
وأضاف “أن هناك حرصا على أن تكون عمليات التحالف تحت مظلة الشرعية الدولية”، موضحا أن آلية عمل مكافحة الإرهاب تتم بالتوافق وتحترم سيادة كل دولة عضو بالتحالف.
وذكر عسيري أن السعودية لها باع طويل في مكافحة الإرهاب ماليا وأمنيا وعسكريا، وأن المملكة ستسخر خبرتها في ذلك لمساعدة دول التحالف.
وأعلن أن اجتماع الأحد “توطئة لاجتماع وزراء دفاع التحالف الإسلامي”، وقال إن دول التحالف رسمت استراتيجية لمكافحة الإرهاب من 4 محاور.
واتفق المجتمعون، في بيانهم الختامي الذي أطلق عليه إعلان الرياض، على أهمية تفعيل الجانب الفكري في محاربة الإرهاب من خلال تنسيق الجهود لدراسة الفكر الإرهابي واجتثاثه، وترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار ونبذ الكراهية والتحريض على العنف.
وشددوا في الوقت ذاته على الدور المهم للإعلام في محاربة الإرهاب، من خلال التصدي لدعوى الفتنة والفرقة والتطرف والعنف، وإرساء قيم الإسلام السمحة والامتناع عن الترويج للإرهاب من خلال توظيف الإعلام.
وأكد رؤساء الأركان في دول التحالف الإسلامي العسكري، في اجتماعهم، عزمهم تكثيف الجهود لمحاربة الإرهاب من خلال تعزيز عملهم المشترك تبعاً لإمكانية الدول الأعضاء، وحسب رغبة كل دولة عضو في المشاركة في أي عملية أو برنامج، ضمن إطار مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، وفقاً لتنظيمه وآلياته، وبما لا يخل باحترام سيادة الدول الأعضاء، معربين عن أهمية المضي قدماً في تفعيل انطلاقة التحالف الإسلامي، وذلك من خلال اجتماع وزراء دفاع التحالف الذي سيعقد في الفترة المقبلة.
ودعا المجتمعون إلى اتخاذ التدابير اللازمة وتطوير السياسات والمعايير والتشريعات الوقائية الرقابية كافة، الكفيلة بمكافحة دعم وتمويل الإرهاب والوقوف بحزم ضد جرائم تمويل الإرهاب، مشيرين إلى أهمية الدور العسكري في محاربة الإرهاب وهزيمته، من خلال تنسيق الجهود العسكرية لدول التحالف، وتبادل المعلومات والتخطيط والتدريب.
وأكد رؤساء الأركان، استناداً للبيان الصادر في الـ14 من ديسمبر/كانون أول 2015، الذي تضمن الإعلان عن تشكيل التحالف، أن الإرهاب يمثل تهديداً مستمراً للسلم والأمن والاستقرار، وأن التطرف ظاهرة عالمية، والإرهاب لا دين له ولا وطن.
وأشادوا بروح التفاهم والتعاون التي سادت الاجتماع، وظهور توافق في الرؤى والمواقف في محاربة الإرهاب، عبر جهود موحدة ومنظمة ودائمة، تكفل التنفيذ في إطار الاتفاقيات ذات الصلة وتتبنى معالجة شاملة متعددة الجوانب.
وعبر المجتمعون عن صادق تمنياتهم بتضافر الجهود والتعاون المشترك للإسهام في تحقيق أهداف التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب
مصدر