يصارع مصنعو الاسلحة الاميركيون من اجل الرد على الطلب المستجد للصواريخ الدقيقة والاسلحة الاخرى المستعملة في المعركة التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية ضد الدولة الاسلامية وفي الصراعات الاخرى الدائرة في الشرق الاوسط وذلك بحسب المسؤولوين الرسميين الاميركيين الكبار والتنفيذيين الصناعيين.
يتأمن الطلب الاجمالي للصواريخ الاميركية والقنابل الذكية بشكل مستمر منذ استعمالها في حرب الخليج الاولى، الا ان الولايات المتحدة هبت ومجموعة من الحلفاء الآن لضمان توريد دائم لتلك الاسلحة ومن المنتظر ان يكون قتالا طويل الامد ضد الدولة الاسلامية التي غذى ظهورها وتطورها الصراع في سوريا وعلى امتداد رقعة كبيرة من الشرق الاوسط.
يقول المسؤولون الاميركيون ان مصنعي السلاح قد عمدوا الى زيادة دوامات العمل والعمال، لكنهم يصطدمون بقيود القدرة وقد يحتاجون الى توسيع منشآتهم او حتى لفتح منشآت جديدة للمد الدائم بالسلاح.
زادت الهجمات التي نفذتها داعش في باريس في تشرين الثاني الماضي واضافت طابعا ملحا اكثر، في ما خص حملة القصف الجوي التي تقودها الولايات المتحدة ضد هذا التنظيم في العراق وسوريا. نتج عن هذه الحملة حتى الثاني من كانون الاول الماضي ٨٦٠٥ ضربة بتكلفة ٢،٥ مليار دولار تقريبا.
في الوقت نفسه، تقود السعودية حملة تشارك فيها البحرين والامارات العربية المتحدة تدعمها الولايات المتحدة منذ تسعة اشهر ضد المتمردين المدعومين ايرانيا في اليمن. وتمون دول الخليج بالسلاح الاميركي المتمردين الذين يقاتلون الحكومة السورية منذ اربع سنوات.
يقول احد المسؤولين التنفيذيين في احدى الشركات الاميركية المصنعة للسلاح لم يسمح له بالتكلم علنا انه حقل نمو هائل بالنسبة لنا. ويضيف ان الكل في المنطقة يتحدث عن تأسيس مخزونات لفترة تمتد من خمس الى عشر سنوات. وستكون معركة طويلة ضد الدولة الاسلامية.
ان تأثير الوضع ملموس في مدينة Troy في ولاية Alabama حيث تصنع شركة Lockheed Martin صواريخ جو - ارض نوع Hellfire بوزن ١٠٠ رطل للصاروخ الواحد.
اضافت Lockheed Martin دواما ثالثا في منشأتها التي وظفت ٣٢٥ شخصا حتى شباط الماضي وهي الآن تتميز باعلى قدرة انتاج وذلك بحسب مسؤول اداري على صلة بالمسألة. هذا، وقد اعلنت الشركة في شباط الماضي انها ستضيف ٢٤٠ عاملا حتى العام ٢٠٢٠ وستوسع المنشأة التي تنتج ايضا صاروخا خفيا جو - ارض زنة ٢٠٠٠ رطل.
صرح مدير المشتريات العسكرية في وزارة الدفاع الاميركية Frank Kendall لوكالة Reuters ان الوزارة طلبت كمية كبيرة من صواريخ Hellfire. يتراوح سعر الصاروخ بين ٦٠٠٠٠ و ١٠٠٠٠٠ دولار وهو رخيص مقارنة مع عدة صواريخ اخرى ويمكن اطلاقه من الطائرات، الطوافات والسفن لتدمير الآليات المدرعة او ضرب الابنية.
وقال Kendall ومسؤولون كبار اميركيون لوكالة Reuters انهم يعملون مع Lockheed Martin، Raytheon وBoeing لانتاج الذخائر الدقيقة كما من الممكن اضافة قدرة جديدة.
يضيف Kendall: نحن نراقب ذلك جيدا وننظر الى الحاجة لزيادة القدرة.
برهنت اسهم الدفاع عن عمل جيد خلال الاشهر الماضية في ما يتعلق بتوقعات النتائج الافضل، وقد ارتفع الكثير منها بعد الهجمات في باريس.
سجلت الموافقات على عقود مبيعات خارجية زيادة بنسبة ٣٦% اي ٦،٤٦ مليار دولار خلال السنة الماضية حتى ايلول ٢٠١٥.
وقفزت المبيعات الموافق عليها من صواريخ، قنابل ذكية وذخائر اخرى الى ٦ مليار دولار في العام ٢٠١٥ وقد كانت في العام ٢٠١٤ تقدر ب ٥،٣ مليار دولار.
وافقت الحكومة الاميركية، في السنة الماضية لوحدها، على بيع صواريخ Hellfire الى كوريا الجنوبية، باكستان، المملكة العربية السعودية، لبنان، فرنسا، ايطاليا وبريطانيا. واعلن الجيش الاميركي في حزيران الماضي انه طلب من Lockheed Martin رفع عملية انتاج صواريخ Hellfire من ٥٠٠ صاروخ شهريا الى ٦٥٠ حتى شهر تشرين الثاني.
تعليقا على هذا الطلب، قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية، لم يكشف عن هويته ان لوائح الانتظار متعلّقة بشكل اساسي بصواريخ Hellfire. لا تستطيع شركة Lockheed Martin صنعها بالسرعة اللازمة، اشارة الى ان الشركة لم تشأ اعطاء اي تفصيل عن كيفية التعامل مع الطلب الزائد على صواريخ Hellfire والذخائر الاخرى.
بالاضافة الى المبيعات العسكرية الخارجية الموافق عليها، تراقب وزارة التجارة عدة مبيعات ذخيرة وتتم المفاوضات مباشرة بين الدول والشركات. لا يفيد مصنّعو السلاح الاميركيون عن هكذا مبيعات بشكل دوري ولا تفصّل الواردات التي تجنيها الاسلحة الخاصة.
يقول السيد Kendall ان مجموعات JDAM من انتاج Boeing، والتي تحول الذخائر غير الموجهة الى قنابل ذكية، استعملت بالتالي لضرب اهداف للدولة الاسلامية في العراق وسوريا.
وافقت وزارة الخارجية الاميركية في تشرين الثاني الماضي على صفقة بقيمة ٢٩،١ مليار دولار مع السعودية لاكثر من ٢٢٠٠٠ مجموعة JDAM وانواع اخرى من القنابل الدقيقة التوجيه. قالت Boeing انها دفعت بوتيرة الانتاج اليومي في منشآتها خارج St. Louis بنسبة ٨٠% في تموز للرد على طلب من السلطات العسكرية الاميركية ول ٢٥ دولة اخرى.
لم تشأ Raytheon، وهي احدى اكبر مصنّعي الذخيرة في الولايات المتحدة، التعليق على عملها في انتاج الصواريخ. يقول السيد Kendall ان الشركة لديها منشأة واسعة لانتاج الصواريخ في Tucson في ولاية Arizona، الامر الذي قد يعزّز الانتاج.
اضاف Kendall ان المصنّعين الاميركيين كانوا متعاونين جدا لكن بعض المنشآت كانت قد وصلت الى حدود قدرتها القصوى وقد يستغرق الامر سنوات قبل ان تقوم الشركات بأعمال التوسيع اللازمة. واشار الى ان الحكومة الاميركية عملت على تغطية تكاليف المنشآت الجديدة والادوات لكن الامور تعالج كل على حدى.
تحتاج الطلبات الاميركية والاجنبية للوقت ليُصار الى معالجتها وترجمتها الى عقود للشركات. وهذا ما يحصل الآن، الامر الذي يؤدي لرفع عدة منشآت من حدود قدرتها بحسب تنفيذيين صناعيين لم يُسمح لهم بالتكلم علناً.
قال اللواء البحري Joe Rixey مدير وكالة التعاون الامني والدفاعي في وزارة الدفاع الاميركية ان الصناعة تستمر في معالجة الطلبات حتى الآن لكن الضغط يزداد: ويتابع اننا نعمل لتنفيذ الطلبات وعلى شراء القدرة والدوامات، دعمت الاسهم الدفاعية موافقة مجلس الشيوخ على ميزانية، لمدة سنتين، تضمنت تمويلاً مستمراً لعامي ٢٠١٦ و٢٠١٧.
اكدت Raytheon للمحللين ان مبيعات الصواريخ زادت العائدات من ٢٨% الى ٣٩% في الربع الثالث من العام الماضي اي بنسبة ١١%، وازداد الامر في الربع الاخير من العام.
لا تكشف Lockheed Martin وBoeing عن تفاصيل حول مبيعات الصواريخ. وينتظر زيادة طويلة الامد بالنسبة للطلبات للدفع بالعائدات الخاصة بالموردين الاساسيين مثل Orbital ATK وAerojet Roketdyne Holdings اللتان تصنعان نظم الدفع لعدة صواريخ.
قال الجنرال Mark Welsh رئيس اركان سلاح الجو الاميركي ان السلطات العسكرية الاميركية زادت من طلباتها في السنين الماضية لإعادة تعبئة وتوسيع مستودعاتها لكن الامر تطلب عملاً اضافياً. واضاف ان واشنطن تشجع حلفائها على القيام بذلك.
اما بالنسبة للمدن الاميركية المعتمدة على صناعة السلاح لتحقيق نموّها فان نمو تلك الصناعة مرحّب به اقتصادياً بالرغم من زيادة الصراعات العالمية.
من ناحية اخرى، مع تطور الصراع في سوريا، ودعم الولايات المتحدة العسكري للاحلاف المختلفة التي تقاتل ضد النظام السوري من خلال تزويد المقاتلين بالسلاح، هناك قلق من وصول الاسلحة المتقدمة الى ايدي المتمرّدين.
بالفعل لطالما رفضت الولايات المتحدة الاقتراحات القاضية بتسليم المتمردين السوريين اسلحة متقدمة مثل الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف (MANPADS)، معددة الاضرار التي قد تحدثها ان وقعت بين الايادي الخطأ. ومتحدثة عن الخوف من ان تسليم تلك الانواع من السلاح الى المجموعات المسلحة قد يجرّ واشنطن وحلفاؤها الى حرب مباشرة بالواسطة مع موسكو، الا ان المسؤولون الرسميون يخشون ان يقرر حلفاء الولايات المتحدة ان الامر في مكان ما يستأهل المجازفة.
واكد مسؤول اميركي لم يكشف عن اسمه لاذاعة صوت اميركا انه سيُصار الى ردّ فعل اذا تبين ان هناك تهديداً ما، لكن لم يتبين حتى الآن ان اي من المجموعات المتمرّدة قد حصلت على نظم MANPADS.
سعت المجموعات تلك بكل ما أوتيت من قوة للحصول على اسلحة متقدمة. لمواجهة طائرات النظام السوري الحربية اولا والحملة الجوية الروسية ثانية.
تجدر الاشارة الى انه في العام ٢٠١٣ ظهرت بعض الاسلحة نوع MANPADS على ارض المعركة وقد ساد وقتها الاعتقاد القوي ان قطر كانت المورّد الا ان الدوحة نفت ذلك.
سرت اشاعات قوية ودائمة حول وصول اسلحة MANPADS صينية الصنع الى سوريا عبر السوق السوداء، بالرغم من تأكيد المسؤولين العسكريين والمخابراتيين انه ليس من دلائل تشير الى استخدام لهذه الاعتدة على نطاق واسع.
بالرغم من كل ذلك، لا يزال القلق يخيم على الاميركيين بالنسبة للمتمردين السوريين فإن امتلاك نظم MANPADS قد يريحهم من سيطرة الطيران الحربي السوري. يقول مسؤول في المخابرات الاميركية لم يكشف عن اسمه ان الشائعات الدائرة حول التسليم الوشيك لاسلحة MANPADS الى المتمردين السوريين تعكس رغبته في التخفيف من العمليات الروسية. وذلك من قبل كل من عناصر المعارضة وبعض داعميهم.
اضاف: ان هذا التخمين يظهر ان الاعمال التي يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجعل الوضع اسوأ ووصف وصول سلاح MANPADS الى منطقة تعج بالمجموعات الارهابية بالامر الاكثر من خطر.
يبرز قلق ايضا حول امكانية استعمال هذه الاسلحة بفعالية حتى من قبل مجموعات مسلحة وقد اوضح مسؤول اميركي ان الصعوبة تكمن في تأكيد الهدف وهل يستطيع المقاتلون معرفة اذا ما يشتبكون بطائرات روسية.
يؤكد مسؤولو الحركات المسلحة المناوئة للنظام السوري انهم حاولوا الحصول على اسلحة MANPADS من السوق السوداء وانهم سعوا للحصول على صواريخ TOW الا ان الجواب جاء بالنفي...