كشفت استمارات أملاها مقاتلون في تنظيم الدولة، عن نجاح التنظيم في استقطاب وتجنيد عناصر من مختلف أنحاء العالم، ومن عشرات الجنسيات والقوميات والأعراق، حسب تحليل بياني قامت به "زمان الوصل" للمعلومات المدونة في أكثر من 1700 استمارة، نظمتها "الإدارة العامة للحدود" الخاضعة للتنظيم، ضمن نموذج موحد يحمل عنوان "بيانات مجاهد".
النماذج التي حصلت عليها "زمان الوصل" هي وثائق موحدة، يضم كل نموذج منها 23 حقلا، يبدأ بالاسم ثم الكنية (يعنون بها الاسم الحركي)، ثم اسم الأم فتاريخ الولادة والجنسية.
كما يحتوي النموذج حقولا خاصة بالحالة الاجتماعية للعنصر الملتحق بالتنظيم (أعزب، متزوج)، وتحصيله العلمي والشرعي، والمهنة أو المهن التي عمل بها خلال حياته، فضلا عن "الاختصاص" الذي يرغب به (مقاتل، شرعي، استشهادي).
*عولمة من نوع آخر
أظهرت الوثائق الصادرة عن تنظيم "الدولة" والبالغ عددها 1736 وثيقة تحت مسمى "بيانات مجاهد"، أن الملتحقين بالتنظيم ينتمون إلى ما يناهز 40 جنسية، أتى حاملوها من مناطق مختلفة حول العالم، بعضها بعيد جدا عن منطقة نشاط التنظيم الرئيسة في العراق والشام، ما يوضح فعالية الآلة التواصلية للتنظيم، التي استطاعت إقناع الآلاف بترك بلادهم وأعمالهم والالتحاق به، رغم ما قد يشوب رحلة الالتحاق من مصاعب، ومخاطر أحيانا.
ويكشف تنوع الجنسيات عن تنظيم عالمي الصبغة، استطاع إلى حد ما أن يؤسس كيانا عابرا للحدود، ويعكس وجها آخر للعولمة، بخلاف الوجه المتعارف عليه.
ويشكل حملة الجنسيات العربية الأغلبية بين منتسبي التنظيم، وفق لبيانات الوئائق التي حللتها "زمان الوصل"، حيث يهيمن العرب على أكثر من 72%، ويأتي في مقدمتهم السعوديون بنسبة تقارب 27%، ثم التونسيون بنسبة 21% تقريبا.
ويستحوذ حملة الجنسية المغربية على المرتبة الثالثة، يلهيم المصريون، ثم الأتراك الذي يشكلون أكبر جنسية غير عربية في التنظيم، بناء على معطيات الوثائق المحللة.
ولا يمثل السوريون إلا نسبة 1.7% من المدونين في وثائق "بيانات مجاهد"، لكن هذه النسبة لايمكن الركون إليها ولا الاعتداد بتعميمها على التنظيم؛ لأن الوثائق تم تنظيمها من قبل "الإدارة العامة للحدود"، التي توازي "إدارة الهجرة والجوازات" وتشرف غالبا على الداخلين إلى البلد، ولاتهتم ببيانات من هم موجودون في البلد أصلا، وبناء عليه فإن أعداد السوريين في التنظيم تبقى غير واضحة المعالم، باعتبار أن سوريا تشكل في عرف التنظيم "معقل أرض الخلافة"، بل إن التنظيم اختار "الرقة السورية" لتكون عاصمة "دولته".
*أجانب
وما ينسحب على حملة الجنسية السورية، يمكن أن يقال في حق أصحاب الجنسية العراقية، الذين لا تتخطى نسبتهم 1.2%، علما أن الوثائق التي بحوزة "زمان الوصل" تغطي المعابر الشمالية مع تركيا، وليس فيها ذكر لأي معبر في المنطقة الشرقية المحاذية للعراق.
أما الجنسيات غير العربية، فتتنوع لتشمل بمروحتها: الفرنسيين، الألمان، البريطانيين، الأندونيسيين، الأذريين، الأوزبك، الإيرانيين، الكنديين، الشيشانيين، الروس.. وبين هؤلاء من يحمل الجنسية الأجنبية لكن له أصولا عربية، وبينهم من هو بالفعل أجنبي (غير عربي) الجنسية والأصل.
وعلى أي حال فإن الوثائق وما تحويه من معلومات، تشكل ما يمكن أن يعد أول قاعدة بيانات رسمية تكشف جزءا من تركيبة التنظيم وتوزع الجنسيات فيه، بعيدا عن التخمينات والتقديرات التي قد تصيب وتخطئ.