أفادت مصادر موثوقة لموقع The Sudan Tribune في 22 شباط/فبراير الماضي أن المملكة العربية السعودية ستزوّد السودان بمساعدات عسكرية تبلغ قيمتها 5 مليار دولار، مضيفة أن تلك الأموال كانت مخصصة كهبة من السلاح الفرنسي للجيش اللبناني ولكن تم تحويلها إلى الحكومة السودانية لأنها وقفت إلى جانب المملكة ودعمتها بشكل كبير ضد إيران من نظيرتها اللبنانية.
هذا، وكانت المملكة العربية السعودية أعلنت في 19 شباط/فبراير أنها أوقفت المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وقوى الأمن والبالغة قيمتها 4 مليار دولار لأن العاصمة بيروت أحجمت عن إدانة الهجوم الإيراني على سفارة المملكة في طهران في 2 كانون الثاني/يناير الماضي. وفي المقابل، عمدت السودان إلى قطع كافة علاقاتها الديبلوماسية مع إيران احتجاجاً على الحادث، على غرار السعودية والبحرين.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين أنفسهم رفضوا التأكيد أن الجيش السوداني هو الآن "المستفيد الأكبر من المساعدات المالية السعودية الكبرى"، كما لم يتم التعليق على زيارة وزير الخارجية السوداني ابراهيم غندور إلى الرياض في 22 شباط/فبراير ولقائه نظيره السعودي عادل الجبير، أو على زيارة الأخير الخرطوم في اليوم التالي للقاء الرئيس عمر البشير. وفي المناسبتين، شدد الجبير على تقدير المملكة لمساهمة السودان في عمليات التحالف العربي العسكرية المستمرة في اليمن، والتي تشمل نشر مقاتلتين من نوع "سو-24 أم" في قاعدة الملك خالد السعودية بالإضافة إلى مشاركة كتيبة من القوات السودانية في العمليات جنوب اليمن، على الأقل.
هل ينسحب الموقف السعودي من لبنان على المساعدات إلى مصر؟
إذا كان موضوع اليمن يمثل أهمية كبرى للمملكة العربية السعودية فإن المملكة تعطي الموضوع السوري ذات الأهمية. وعليه، لم يمضِ سوى أيام قليلة على إعلان الرياض وقف مساعداتها المالية للجيش وقوى الأمن اللبنانيين، حتى تساءل مراقبون إن كان الدور القادم بقطع المساعدات سيطبق على مصر، التي تقف موقفاً واضحاً تجاه الملف السوري بعدم التدخل عسكرياً وتعتبر أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسياً فقط.
لن يكون الدعم الخليجي لمصر بلا نهاية، والموقف المصري تجاه الملف السوري ليس مشجعاً بالنسبة للمملكة التي تبدو غير راضية عن المواقف المصرية الرسمية، غير أنها لم تعبر عن ذلك بموقف رسمي صريح، حسبما قال الكاتب السعودي جمال خاشقجي في حوار مع DW عربية: "لم يصدر عن أي مسؤول سعودي أي تعبير بشأن عدم الرضا أو المتطالبات".
ويشير الكاتب السعودي إلى أن موقف المملكة تجاه لبنان مختلف عن موقفها تجاه مصر ويضيف: "لا يوجد ربط بين هذا وذاك. موقف لبنان حيال السعودية والقضية السورية يختلف تماما عن الموقف المصري. فالموقف المصري مستقل، بينما الموقف اللبناني غير مستقل بل محارب". كما أن السعودية "لم تعد تستطيع قبول تقديم مساعدة لبلد تنطلق منه سياسات عدائية تجاهها، قولا وفعلا"، حسبما يقول الكاتب السعودي.
لكن المساعدات السعودية والخليجية لمصر أكبر بكثير من الهبة الممنوحة للبنان، فالسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت قدمت دعما سخيا لمصر بعد إزاحة الرئيس المصري السابق محمد مرسي عن السلطة في الثالث من يوليو/ تموز 2013 ، وتجاوزت المساعدات 20 مليار دولار حتى نهاية عام 2014.
يرى الكاتب الصحفي أسامة الدليل رئيس قسم الشؤون الدولية بالأهرام العربي في حوار مع DW عربية، أن "مصر أعلنت دائما بوضوح أنها مع الحل السياسي ولا مع حل عسكري في سوريا. إنها ثوابت السياسة الخارجية المصرية فيما يتعلق بالملف السوري تحديدا".
"من ليس معنا فهو ضدنا"
يرى الكاتب المصري أسامة الدليل أن وقف المساعدات السعودية للبنان يشكل تطوراً خطير، مشبها ذلك بما سماه "اللحظة الخطرة التي قال فيها الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش من ليس معنا فهو ضدنا".
انتظار موقف محدد من مصر بقوتها العسكرية وتعداد سكانها الذي يتجاوز التسعين مليون ليس أمراً سهلاً، فمصر تواجه بنفسها تحديات الإرهاب في سيناء والفوضى في ليبيا. ويضيف الكاتب المصري أن "الملابسات التي تحيط بالدولة المصرية تحجمها حتى عن التدخل المباشر في ليبيا رغم أن ليبيا عبء استراتيجي واضح وقوي وخطير".
بيد أن الكاتب المصري لا يستبعد أن تقوم السعودية بالتلويح بقطع المساعدات عن مصر. لكنه يضيف " لا أتصور أن السعودية ستفقد تسعين مليون مواطن مصري. وهو نفوذ فقدته الولايات المتحدة الأميركية وكسبته السعودية. ولا أظنها تريد أن تفقده".
بالأمس، بدّد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبوزيد كل الهواجس التي نسجها بعض الإعلام حول العلاقات المصرية السعودية بوصفها "بأنها ممتازة.. وأن التواصل مستمر بين البلدين وأن زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر في أول أبريل/ نيسان المقبل لا تزال في موعدها.
وقال مراقبون لموقع "العرب" الإلكتروني إن الاختلاف في المقاربات بشأن سوريا، لا يمكن أن يلغي توافقا سعوديا مصريا حول ملفات مختلفة من بينها الحرب على التنظيمات المتشددة كتنظيمي داعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين التي يصنفها البلدان كمنظمة إرهابية، فضلا عن مشاركة مصرية في عمليات التحالف العربي في اليمن، ودعمها لقرار مجلس وزراء الداخلية العرب الذين اجتمعوا الأربعاء في تونس تصنيف حزب الله منظمة إرهابية.