على خلاف النظرة الغابرة لتركيا على أنها دولة منغلقة داخل حدودها، باتت تركيا تظهر نفسها على أنها دولة قوية إقليميًا ماضية في إرساء عدد من الحملات العسكرية الاستراتيجية خارج حدودها، لخدمة مصالحها ومصالح الدول الحليفة لها بشكل أقوى، وفي هذا الصدد تقوم تركيا بتقديم التعليم التكتيكي المحترف في مخيمات التدريب المقامة في العراق وأذربيجان وألبانيا والصومال.
وعلى صعيد متصل، تعمل تركيا على قدم وساق للانتهاء من إنشاء القاعدة العسكرية التركية متعددة الأهداف، والتي تُعد الأولى من نوعها من حيث وقوعها خارج الحدود التركية، منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، والمقامة على الأراضي القطرية. وأسفرت الزيارة الأخيرة للرئيس الصومالي "حسين شيخ محمود" إلى تركيا، عن توصل الطرفين إلى اتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية تركية بالقرب من خليج عدن، لأهداف لوجستية وتدريبية.
ومن المُتوقع أن تتمكن تركيا من افتتاح القاعدة العسكرية في الصومال في نهاية صيف العام الجاري، وبذلك تُصبح تركيا الدولة الخامسة من حيث الدول التي لها قواعد عسكرية في القارة السوداء، بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا واليابان.
وفي سياق متصل، أوضحت صحيفة "يني شفق" أن سبب إقدام تركيا على هذا القبيل من الحملات العسكرية، يعود إلى التطور في مجال صناعاتها العسكرية، إلى جانب النمو الاقتصادي الملموس الذي أحرزته خلال السنوات الأخيرة.
وألمحت الصحيفة، في تقرير لها بعنوان "تركيا ستؤسس قواعد عسكرية في هذه الدول"، إلى أن التطور الملموس الذي شهده قطاع الصناعات العسكرية التركي، دفع تركيا إلى إجراء تحركات دبلوماسية حثيثة للبحث عن أسواق وقواعد للأسلحة التي تنتجها، مشيرةً إلى أن سعي تركيا إلى إظهار نفسها على أنها دولة قوية إقليمية، لعب أيضًا دورًا مهمًا في حثّها على تأسيس قواعد تدريبية وعسكرية في دول الجوار والإقليم، مؤكدةً أنه لا يمكن إغفال تنامي الإرهاب حول العالم، والذي تعاني منه تركيا أيضًا، وترى ضرورة محاربته أينما كان، لوصفها الإرهاب بالداء المُعدي، حيث يمكن أن يصيب الدول كلها، ما لم يتم القضاء عليه في مصدره الرئيسي.
ووفقًا لتصريحات الرئاسة التركية، فإن القاعدة العسكرية المزمع تأسيسها في القرن الأفريقي، ستوفر الخدمات التدريبية لما يقرب من 10 آلاف و500 جندي صومالي، وستحتضن القاعدة 200 جندي تركي يتولون الفعاليات التدريبة وأنشطة الأمن الخاصة بالقاعدة.
وأكدت التصريحات أن عمل الجنود الأتراك يقتصر على عمليات التدريب، ويفرغ من الانضمام إلى أي عملية اشتباك ساخنة.
هذا ويذكر أن لجنة الدفاع ضمن مجلس الشعب التركي أشارت إلى أن تركيا تلقت عددًا كبيرًا من الطلبات الخارجية الخاصة بإقامة قواعد عسكرية على الأراضي السيادية للدول الأخرى، وتجري مشاورات حثيثة بين الحكومة التركية وحكومات الدولة المقدمة للطلبات، ويُتوقع أن تعلن تركيا، في المستقبل القريب، عن توصلها إلى اتفاقيات لتأسيس المزيد من القواعد العسكرية خارج حدودها.