أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للصحافة مغادرته الحكومة بعد الكثير من الأنباء التي راجت مؤخرا في وسائل الإعلام بهذا الخصوص. وعينه رئيس الجمهورية فرانسوا هولاند رئيسا للمجلس الدستوري.
وتحدثت وسائل الإعلام الفرنسية عن إمكانية تولي سيغولين رويال وزيرة البيئة في حكومة مانويل فالس لمنصب وزير الخارجية خلفا لفابيوس.
وسيتسلم فابيوس في سن الـ69 ولتسع سنوات رئاسة المجلس الدستوري بعد ثلاثين عاما من العمل السياسي.
ويعتبر فابيوس من أبرز شخصيات الحياة السياسية الفرنسية، وكان أصغر رئيس للوزراء سنا (37 عاما) في تاريخ فرنسا حين عين في هذا المنصب عام 1984 حتى 1986.
وأثناء أحد لقاءاته الأخيرة في مقر وزارة الخارجية هذا الأسبوع مع الصحافيين، تحدث فابيوس عن "النجاحين الكبيرين" اللذين تحققا خلال أربع سنوات تقريبا على رأس الدبلوماسية الفرنسية في ظرف مثقل بالأزمات الدولية الخطيرة، وهما اتفاق المناخ في كانون الأول/ديسمبر والاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني في تموز/يوليو.
وقال متحدثا عن وزيرته: "أترك رولز رويس". وسيصبح رئيسا للمجلس الدستوري لتسع سنوات بعد أكثر من ثلاثين عاما من الحياة المهنية المضطربة.
يعتبر فابيوس من الشخصيات النافذة في المسرح السياسي الفرنسي. وكان بحسب التعبير الذي دخل في السجلات "أصغر رئيس وزراء لفرنسا" بين 1984 و1986 أثناء الولاية الرئاسية الأولى (سبع سنوات) للرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران. كان آنذاك في سن السابعة والثلاثين بعد عشر سنوات من العمل السياسي .
لكن مساره يبقى مدموغا بمرحلة مأساوية وهي قضية الدم الملوث، إحدى أخطر الفضائح الصحية في تاريخ فرنسا المعاصر عندما وزع المركز الوطني لنقل الدم كميات ملوثة بفيروس الإيدز "اتش آي في". كان فابيوس آنذاك رئيسا للحكومة. اتهمه القضاء ثم برأه في 1999.
وثمة نكسة أخرى سياسية بحتة هذه المرة وهي تصويته بـ "لا" في استفتاء 2005 حول الدستور الأوروبي، ما أدى إلى اشتداد الضغينة مع ... فرانسوا هولاند حين كان رئيسا لـ "الحزب الاشتراكي" واليوم رئيسا للجمهورية.
بعد عداء استمر سنوات، خفت العداء بينهما منذ وصول فرانسوا هولاند إلى رئاسة الجمهورية ولوران فابيوس إلى المنصب الثاني في الحكومة. وفيما كان حديث العهد في السياسة الخارجية واجه فابيوس على الفور تراكما للأزمات: سوريا، ليبيا الشرق الأوسط، مالي، أفريقيا الوسطى وأوكرانيا...
وطبع مرور لوران فابيوس في "كاي دورسي" مقر الخارجية، أيضا بالتجديد وبحركة دبلوماسيين أو مستشارين واسعة. وفي نيسان/أبريل 2014 على إثر تعديل حكومي تولى التجارة الخارجية والسياحة لينتهج "دبلوماسية اقتصادية"، باتت من شعاراته الرئيسية.
ولد فابيوس في 20 آب/أغسطس 1946 في باريس، ويتحدر من عائلة تجار قطع أثرية، وهو محب كثيرا للفن ماكر مع خصومه، لكنه يبقى رجلا متحفظا بشأن حياته الخاصة. ولم يدل بأي تعليق بصدد تصرفات نجله توماس الطائشة الذي يحب الكازينوهات واتهم مؤخرا بالاحتيال وتبييض أموال.