ربما كانت دولتا تركيا وباكستان من كبرى الدول الإسلامية التي بدا حضورها في مناورات رعد الشمال التي اختتمت، الخميس، في السعودية لافتاً، فتركيا التي استعادت علاقاتها القوية مع المملكة العربية السعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم قبل أكثر من عام، تجد نفسها وفقاً لمراقبين، أقرب من أي وقت مضى لمثل هذا التحالف الإسلامي العربي.

على الحدود الجنوبية لتركيا تشتعل جبهة سوريا منذ خمسة أعوام، وباتت سوريا بالنسبة لتركيا محركاً وفاعلاً في الكثير من تحركاتها، خاصة أن جبهة سوريا أثرت كثيراً على علاقات تركيا مع دول العالم، سواء مع الاتحاد الأوروبي أو أمريكا ، في حين دخلت أنقرة في سجال حاد مع موسكو في أعقاب التدخل الروسي في سوريا، وإسقاط تركيا لطائرة روسية اخترقت أجواءها قبل نحو شهرين، وهو ما تسبب بأزمة ما تزال فصولها تجري بين الدولتين.

تركيا التي تمتلك ترسانة عسكرية كبيرة، بالإضافة إلى إمكانيات اقتصادية وبشرية هائلة، يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في أي صراع قد تشهده المنطقة، ومن ثم كان وجودها ضمن مناورات رعد الشمال والتحسن الكبير في علاقتها مع السعودية، عاملاً مهماً للطرفين؛ الخليج العربي وتركيا.

وعلى الرغم من أن تركيا تشهد موجة من التفجيرات الإرهابية التي قادتها منظمات متطرفة سواء أكانت كردية أم تنظيم "الدولة"، إلا أن موقفها حيال الأزمة السورية لم يتغير، وهو موقف دفعت ثمنه تركيا غالياً؛ الأمر الذي دفعها إلى إيجاد مساحات مشتركة مع الدول الخليجية الغنية لدرء أخطار تتهددها.

ويمكن القول إن مشاركة تركيا في مناورات رعد الشمال التي اختتمت الخميس في السعودية، بداية لتعاون أكبر مع دول الخليج العربي، خاصة أن العلاقات التركية القطرية تصنف بأنها علاقات ممتازة، ولم تتأثر، بل إن تركيا بدأت فعلياً التخطيط لإنشاء أول قاعدة عسكرية لها خارج أراضيها في قطر.

وإلى الباكستان، صاحبة القنبلة النووية والتعداد المليوني لسكانها من المسلمين، والتي كانت مشاركتها في مناورات رعد الشمال تمثل خطاً فاصلاً بين باكستان المترددة وباكستان أخرى ترى أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، فلقد عانت باكستان من إرهاب الجماعات المسلحة سنوات طويلة، ووجدت نفسها في كثير من الأحيان بمفردها بمواجهة أزمة التطرف، فضلاً عن التدخلات الإقليمية والدولية في شوؤنها، ومن هنا وجدت في التحالف الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية فرصتها لاستعادة الكثير من قوتها التي ضعفت بفعل الإرهاب والتدخلات الدولية والإقليمية.

رعد الشمال يمكن أن تعتبر حداً فاصلاً بين تاريخين، ليس في المنطقة العربية والخليجية وحسب وإنما حتى على المستوى الدولي والإقليمي، فنجاح السعودية بتحشيد كل هذه الجيوش، 20 جيشاً، وكل هذه الوجوه السياسية التي حضرت في ختام المناورات، إنما هو تعزيز لقوة ردع إسلامية عربية، يراد لها أن تقف بوجه تحديات ما عادت خافية على أحد.