في البداية باماكو، ثم الآن واغادوغو: خلف التفجيرات الأخيرة يختفي تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". الأخير استعاد قوته ويستفيد من الوضع في ليبيا فهل هو حاليا في منافسة مع تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
الأصل والهدف
كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أكثر التنظيمات الإسلامية المتمردة شبابا في شمال افريقيا، كما يقول الخبير في الصراعات والحروب ويليام أسانفو من المركز الإفريقي للدراسات الأمنية. ومع بداية الثمانينات كانت هناك جماعات إسلامية عنيفة تنشط في المنطقة وتزايدت هجمات هذه الجماعات في التسعينات بعدما ازدادت أعداد العمليات التي شنها الجهاديون ضد ما يعتبرونه "الأنظمة الظالمة والمعادية للإسلام" خصوصا في الجزائر، كما يكتب هانس بيتر ماتس من المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية (GIGA) في أحد تحليلاته.
في سنة 2007 ولد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من رحم الجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال، وفي هذا الوقت بدأت تتشكل أيديولوجيا تجاوزت حدود الجزائر وكانت تحمل هدفا واحدا هو: بناء دولة إسلامية في منطقة المغرب للقضاء على الأنظمة "المعادية للإسلام".
التحالفات والشبكات
نجحت قوات الأمن الجزائرية في صد ميليشيات القاعدة في البلاد، فهرب مقاتلوها إلى جنوب وشمال مالي حيث وجدوا ملاذا آمنا لتنفيذ عملياتهم، ومن هناك تمكنوا من بناء تحالفات محلية. "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كان يضم العديد من الخلايا الإرهابية المختلفة"، يقول الخبير أسانفو. وكان فرع شمال مالي الأكثر أهمية. في 2012 توجب تصنيف مئات المقاتلين إلى أربع ألويات. لكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي استفاد أيضا من علاقاته مع جماعات إرهابية أخرى مثل "المرابطون" و "أنصار الدين" وهي جماعة من طوارق مالي ظهرت في المنطقة عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي في ليبيا. ورغم أن هذه الجماعات الثلاث تضم مجموعات إثنية مختلفة وتمثل ايديولوجيات متنوعة إلا أنها تتقاسم أهدافا متشابهة وتنفذ عمليات مشتركة.
الاستراتيجية والتمويل
مقاتلو القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يختطفون الأوروبيين، يهربون الأشخاص والسجائر والمخدرات وينفذون هجمات. وحسب منظمة بحوث وتحليل الإرهاب (TRAC)، فإن التنظيم يفترض أن يكون جمع في العشر سنوات الماضية أكثر من 50 مليون دولار من عمليات خطف الرهائن. استعادة التنظيم الإرهابي والجماعات الموالية له قوتهم في الوقت الحالي يعود أيضا إلى الوضع المضطرب في ليبيا، حسب ما يعتقده الخبير التونسي في الشؤون المغاربية كمال بن يونس، الذي يقول لDW "هذه الجماعات تنشط في 23 بلدا في شمال افريقيا. في هذه البلدان يوجد الكثير من الأسلحة الثقيلة، وهي مما تبقى من نظام القذافي". الأسلحة الثقيلة انتشرت على يد الميليشيات الإرهابية المختلفة في الساحل الافريقي ووصلت حتى بوركينا فاسو.
داعش: منافس أم شريك؟
حذر المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر قبل وقت قصير من تحالف إسلامي في شمال افريقيا، إذ أبدى تخوفاته من حدوث تآزر بين تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" وجماعات مثل بوكو حرام أو تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. لكن الخبير في الصراعات ويليام أسانفو يتحدث عن منافسة بين المجموعتين: "في الوقت الحالي داعش هو الرائد في الجهاد العالمي، لذا علينا قراءة هجمات واغادوغو في كانون الثاني/يناير وقبلها هجمات باماكو في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 على أنها محاولة من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من أجل استعادة المزيد من الاهتمام الذي فقده". وحتى داخل مجاميع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تسببت هيمنة تنظيم "الدولة الإسلامية" على ما يسمى بالجهاد العالمي في صراعات داخلية، كما يقول تحليل للمعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية (GIGA)، فالعديد من الجماعات غير الجزائرية التابعة للقاعدة، انشقت عن القاعدة في المغرب الإسلامي وبايعت تنظيم "الدولة الإسلامية". ومنذ إعلان خلافة "الدولة الإسلامية" في حزيران/ يونيو 2014 في كل من العراق وسوريا تخوض الجماعات الإرهابية في شمال افريقيا "امتحان البقاء"، كما يقول تقرير معهد (GIGA) لكاتبه ماتس.