تسلمت وحدات المدفعية التابعة للمنطقة العسكرية الشرقية الروسيه أكثر من عشرة مدافع هاون من نوع "تولبان" المخصصة لتدمير المنشآت الميدانية المحصنة جيداً. عملياً، لم يستخدم هذا السلاح الفعال والمرعب في الوحدات العسكرية على مدار السنوات العشر الأخيرة. والآن تخرج هذه المدافع ذاتية الحركة من مخازنها.
مدافع الهاون ذاتية الحركة (2С4) التي تطلق عليها تسمية "تيولبان" (زهرة التوليب) تفوق بعيارها جميع نظائرها الغربية. وقد تم سحبها عملياً من مجال التسليح، فلم يتبقّ منها في روسيا لغاية عام 2015 إلا 430 وحدة محفوظة في قواعد التخزين. ولكن فعالية هذا السلاح لا تثير أدنى شك، حتى بعد مرور 43 عاماً على دخول"تيولبان" مجال التسليح.
قائمة المقذوفات التي يمكن أن تطلقها مدافع "تيولبان" غاية في التنوع، وتشمل القذائف المتفجرة والحارقة والموجهة والعنقودية وحتى القذائف النيترونية والنووية. وبعضها قادر على إصابة الأهداف على بعد يصل إلى 20 كم.
أحدث هذه الذخائر هي الألغام الموجهة من منظومة (1К113) التي يطلق عليها تسمية "سميلتشاك" (المقدام). تتكون المنظومة من: قذيفة موجهة عيار 240 ملم(3ВФ4) بحشوة متفجرة (3Ф5) ، وجهاز ليزري لتحديد الأهداف والمسافات (1Д15) مع وسائط تزامن (1Ф35К) و(1А35И). هذه الألغام فائقة القوة من منظومة (سميلتشاك) و(سميلتشاك - М) والتي تزن 134 كغ، تطلق في المرحلة النهائية من مسارها إشعاع ليزر لزيادة دقة الإصابة. مع العلم أن مدة هذه العملية قلصت إلى الحد الأدنى، الأمر الذي يحرم العدو من امكانية استخدام التشويش ضدها في الوقت المناسب لإعاقتها عن تدمير الهدف.
أما القذائف العنقودية المتشظية التي يطلقها "تيولبان" فهي قادرة على تدمير مساحة تعادل أربعة ملاعب لكرة القدم. القدرة التدميرية لقذيفة واحدة من قذائف هذا الهاون تمكنه من القضاء على أهداف ليست بمتناول أية أسلحة مدفعية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيع قذائف بحشوة خاصة (نووية) لهذا المدفع الجبارذاتي الحركة.
مدفعية عالية الدقة
ربما لا تزال الخاصية الرئيسية للهاون (2С4) هي إمكانية الرمي مما يسمى "زاوية الارتفاع الأقصى". جوهر هذا النوع من الرماية - إلى جانب المواصفات الفريدة لهذا السلاح- يتمثل في أن الهاون يستخدم نوعاً خاصاً من الألغام الموجهة ، يمكن الرماة المتمرسين من تحقيق إصابات موضعية تماثل بدقتها قنابل الطائرات عالية الدقة.
يمكن لطاقم "تيولبان" المكون من خمسة أشخاص اتخاذ الوضعية القتالية للهاون خلال دقائق معدودة. كما أن مغادرة الموقع في الوقت المناسب بعد توجيه الضربة للعدو، لا تشكل أية صعوبة تذكر لمدفع الهاون ذاتي الحركة.
القدرة العالية على المناورة واجتياز المناطق الوعرة، والتنظيم الأمثل لعمل طواقم الآليات بفضل أتمتة عمليات الخدمة، بالإضافة إلى عدم الحاجة لتجهيز المواقع القتالية يدوياً، جعلت مدفع الهاون (2С4) (تيولبان) صالحاً للاستخدام في ظروف العمليات القتالية في المدن وعند اقتحام مواقع العدو الدفاعية المحصنة.
استخدم الجيش السوفييتي "تيولبان" أثناء النزاع المسلح في أفغانستان. وأثناء حرب الشيشان الأولى، استفادت القوات الروسية من القدرة التدميرية الهائلة للهاون في القضاءعلى تجمعات القوى الحية للعدو وغيرها من الأهداف الموضعية. على سبيل المثال، بواسطة هذه الهاونات، تم تدمير التحصينات المنيعة التي أقامها الإرهابيون في محيط مصفاة تكرير البترول في مدينة غروزني.
اعتماد "تيولبان" لتسليح القوات الروسية المعاصرة، جاء نتيجة لقرار زيادة تعداد وحدات المدفعية الذي أعلن عنه مؤخراً. وقد بدأ الآن العمل على تشكيلها فعلياً. ولكن تسليحها يتم من الممتلكات القديمة، إلى حين البدء بعملية الإنتاج المتسلسل لأحدث مدفع ذاتي الحركة "كوليتسيا" (التحالف). وهكذا ظهرت أمام أقوى مدفع هاون نووي في التاريخ "تيولبان" فرصة للعودة إلى الحياة من جديد.