ترغب المملكة العربية السعودية في شراء أسلحة روسية بقيمة تبلغ 10 مليارات دولار، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي الحديثة ومعدات طيران متنوّعة، كما أعلنت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، في 18 كانون الثاني/يناير الجاري. ويُعدّ هذا الأمر حدثاً هاماً لديناميكية العلاقات السعودية-الروسية التي تشهد "انتعاشاً" في الآونة الأخيرة، والتي تجسّدت بالزيارات واللقاءات بين مسؤولي البلدين لتنسيق وبحث سبل التعاون الثنائي لتدعيم العلاقات بين البلدين في مختلف الميادين.
يمكن تحليل التقارب السعودي-الروسي القائم على أساس أمرين مهمّين، الأول تراجع الدور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط وتجاه أزمات الأمن الإقليمي. فقرار أميركا بالإحجام عن أي تدخّل عسكري ميداني على الأراضي السورية، أو دعم أي قرار يصبّ في الاتجاه نفسه، فتح المجال أمام روسيا لملىء الفراغ الأميركي والانخراط في قضايا المنطقة بشكل أكبر.
ثانياً، تسعى روسيا بشكل دائم إلى تسويق أنظمتها العسكرية وبيعها لدول عدّة، مبرزة مدى تطوّر أسلحتها مقارنة بالأنظمة الأميركية. فإن تمّت تلك الصفقة، ستكون روسيا حققت جزء من أهدافها- وهو توريد أسلحة دفاعية لدول عربية- كما من الممكن أن تفتح المجال أمام دول عربية أخرى لشراء تقتياتها، الأمر الذي سينعش اقتصاد البلد.
يُشار إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك حماية جوية أثبتت فعاليتها بواسطة صواريخ باتريوت باك-3 والتي تم استخدمت خلال عمليات عاصفة الحزم والمعارك القائمة على الحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن ضد الهجمات الصاروخية الحوثية، والتي كان آخرها ثلاث صواريخ خلال الشهر الحالي. وفي حال تمّت الصفقة، ستعزز منظومة صواريخ أس-400 القدرات السعودية في التصدي للهجمات الإرهابية، وبذلك تكون المملكة سلكت طريق تنويع مصادر أنظمتها الجوية، ويبدو أن المصدر الروسي هو الأقرب لتلك المنظومة، ومنظومات اقتصادية أخرى يجري التباحث بشأنها بين الطرفين.
وبالرجوع إلى العقد، أفادت الصحيفة أن السعودية مهتمة بالحصول على أنظمة الصواريخ "إسكندر"، ومنظومة الدفاع الجوي "أس– 400"، والتي أرسلتها روسيا مؤخراً إلى سوريا لحماية القاعدة العسكرية حميميم، موضحة أنه سيتم التفاوض على الأسلحة خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز القريبة إلى موسكو.
هذا وكانت المملكة العربية السعودية عبّرت في العام الماضي عن رغبتها بشراء منظومات أس-400، في حين أفادت روسيا أنها تجري مفاوضات مع السعودية حول إمكانية توريد تلك المنظومات. وأكدت روسيا أيضاً أنها أجرت منذ 5 سنوات مفاوضات مع السعودية لتوريد منظومات للدفاع الجوي إذ تم التوقيع على عقد بقيمة 20 مليار دولار، لكن لم يتم تنفيذ الصفقة "لأسباب سياسية مختلفة". كما أدّت زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع السعودي إلى موسكو في حزيران/يونيو الماضي إلى فتح المجال أمام الاتفاق على مشاريع مشتركة استناداً إلى منظومة "غلوناس" الروسية، ومنظومات اسكندر- أ.
تجدر الإشارة إلى أنّ أس-400 هي منظومة صاروخية متعددة المواسير تستخدم أنواع عدة من الصواريخ، وتستطيع تدمير كل وسائل الهجوم الجوي بما فيها الطائرات والمروحيات والطائرات من دون طيار والصواريخ الجوالة (كروز) والصواريخ البالستية التكتيكية التي لا تتجاوز سرعتها 4800 متر في الثانية. تستطيع المنظومة أيضاً الكشف عن أهداف جوية على مسافة تصل إلى 400 كيلومتر، وقد أثبت اختبار جديد للمنظومة أن التشويش الإلكتروني القوي لا يؤثر عليها.
أما في ما يخص منظومة "اسكندر"، فهي تستطيع أن تضرب شتى الأهداف المطلوب تدميرها بما فيها مراكز القيادة التحت أرضية، وتقدر على حمل رؤوس نووية عند الضرورة. وقد أجرت القوات الروسية الاختبار النهائي للمنظومة في عام 2007، ودخلت الخدمة العسكرية بالجيش الروسي تحت اسم "اسكندر أم" و"اسكندر كا". أما نسختها التصديرية فتعرف باسم "اسكندر أ". ويحمل قاذف "اسكندر أ" صاروخاً واحداً بينما يحمل قاذف "اسكندر أم" أو "اسكندر كا" صاروخين.