لمحة تاريخية
لم يذكر التاريخ متى استخدمت أول مادة مفرقعة، ولا يمكن على وجه الدقة تحديد أول من اخترعها، وربما كانت النيران اليونانية الشهيرة التي ظهرت في اليونان سنة 673 ميلادي، شيئاً يشبة المفرقعات أو الألعاب النارية. وظهر سنة 1300 ميلادي مخلوط مكون من فحم الكربون والكبريت وملح البارود (نترات البوتاسيوم)، وكان هذا المخلوط على مدى سنوات عدّة هو المادة الوحيدة المتفجرة والمعروفة باسم البارود الأسود.
عرفت أوروبا البارود الأسود سنة 1313 كمادة دافعة للمقذوفات على يد راهب ألماني، أما التطور الأهم للمتفجرات فجاء في النصف الأخير من القرن التاسع عشر حيث توصل العالم السويدي الفريد نوبل سنة 1867 إلى إعداد مركب النتروجلسرين كمادة يمكن استخدامها كمصدر للطاقة في أغراض التدمير. قام العلماء بعد ذلك بتطوير المتفجرات باستخدام النتروجلسرين وإضافته إلى مواد أخرى والتوصل إلى أنواع كثيرة أخرى أيضاً، كما ظهرت مركبات خالية تماماً من النتروجلسرين.
تُستخدم المتفجرات حالياً بصورها المختلفة في الحروب، كمادة دافعة في المقذوفات والصواريخ، وكحشوات متفجرة في القذائف والقنابل والألغام، وأيضاً حشوات ناسفة بهدف الهدم والتخريب. وفي الفترة الأخيرة، ظهرت بقوة كسلاح أساسي يستخدمه الإرهابيون حول العالم في تنفيذ عملياتهم، وفي زمن السلم يستخدم أنواع منها بصورة آمنة في الأعمال المدنية، كالاستخدام في المناجم والمقالع، أو في أجهزة التأشير والألعاب النارية، كما تستخدم في عمليات هدم المباني القديمة والمتداعية.
التعريف العلمي
هي مركبات أو مزائج كيمياوية سريعة الاحتراق أو التفكك مع توليد كمية كبيرة من الغازات والحرارة، ينتج منها ضغط مفاجئ في زمن قصير جداً.
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من التفجير: التفجير الميكانيكي، التفجير النووي والتفجير الكيمياوي. يعتمد التفجير الميكانيكي على رد الفعل الفيزيائي عبر زيادة ضغط الهواء في عبوة محكمة. ولمثل هذه الأجهزة استخدامات شتى ولاسيما في المناجم والمقالع التي لا يحسن فيها التفجير الكيمياوي. أما التفجير النووي فيتم عن طريق تفاعل نووي مستمر وبسرعة ثابتة يتحرر في أثنائه قدر هائل من الطاقة. أهما التفجير الكيميائي الذي يُعد الأسلوب المفضل في مختلف تطبيقات الهندسة.
المتفجرات الحديثة
من أهم المتفجرات الحديثة، النتروغليسرين (Nitroglycerin)، وهو متفجر كيميائي اكتشفه الكيميائي الإيطالي أسكانيو سوبريرو عام 1846. وبسبب مخاطر صنعه وعدم توافر الوسائل المناسبة لصعقه، ظل النتروغليسرين حبيس المختبرات حتى قام الكيميائي السويدي عمانويل نوبل وابنه ألفريد بدراسات مكثفة في الأعوام 1859-1861 والتي فتحت المجال أمام استخدام هذا النوع تجارياً. وكان الديناميت ثاني أهم اختراع تقدم به نوبل عام 1867. وقد اشتق الاسم من الإغريقية اليونانية Dynamis أي "القوة". كان من إسهامات نوبل الأخرى اختراعه عام 1875 الديناميت الهلامي، بإذابة النترو غليسرين في الكولوديون.
النتروسلولوز: اخترع الكيميائي الألماني كريستيان شونِباين عام 1845 نترو القطن (Nitrocotton) أو ما يعرف بالبارود القطني.
الـ"ت. ن. ت": واسمه الكامل "ترينترو تولوين" (ثلاثي نترو تولوين) (TNT)، وهو متفجر قوي جداً يعرف بالحروف الأولى من اسمه. اكتشف هذه المادة جون ويلبراند عام 1863، وبدأ باستخدامها كمتفجرات عام 1904. تعتبر مادة الـ"ت.ن.ت" من أكثر المتفجرات صلاحية للاستخدامات العسكرية. وقد كان المتفجر الأكثر استعمالاً من مختلف الأطراف المتحاربة في الحربين العالميتين بحاله النقية أو ممزوجاً مع متفجرات أخرى.
قبيل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، تم تطوير عدد من المتفجرات الجديدة الشديدة الفاعلية. ومن أهمها السيكلونايت (Cyclonite) وبنتا إريتريتول تترانترات (Pentaerythritol tetranitrate). وإتلين ديامين دينترات (Ethylenediaminedinitrate) وغيرها، وفي كل واحدة منها مزيج يحتوي على كميات مختلفة من الـ"TNT" تتراوح بين 40-50 %، وتستخدم حيث يتطلب الأمر قوة وتشظٍ شديدين.
يُرمز إلى السيكلونايت بالحروف آر دي إكس RDX ويستخدم في صنع الصواعق. ولدى مزجه مع الـ TNT والشمع يصبح اسمه "المركب ب" Composition B ويستعمل في حشوات القنابل الشديدة الانفجار. وثمة مزيج مشابه له يحتوي على الألمنيوم يدعى توربكس Torpex له مفعول تحت الماء وتفوق شدته شدة الـ TNT بنسبة 50%.
وهناك عدد من التراكيب المتفجرة اللدنة الأخرى تحتوي على نسب كبيرة من السيكلونايت، مع متفجرات ملدِّنة ويرمز لها بحروف وأرقام، مثل C-1 وC-3 وC-2 وC-4، يستخدم كل منها في الحشوات الناسفة المعدة للهدم، والفارق الأساسي بينها تحملها الى درجات حرارة دنيا وعظمى مختلفة مع بقائها صالحة للاستخدام.
أما بنتا إريتريتول تترانترات فيُرمز له بالحروف الأولى "بيتن" PETN ومواصفاته مماثلة للسيكلونايت، ويمكن مزجه مع الـTNT ليكوِّن معه متفجراً يدعى بنتولايت Pentolite. كما يمكن مزج PETN مع RDX بنسب مختلفة لتصنيع متفجرات Semtex الشهيرة.
ويعدّ البيتن اليوم الحشوة الصاعقة الرئيسية لمعظم المتفجرات، ونواة الفتيل الصاعق المستخدم في صعق الحشوات الناسفة، وكذلك حشوة معززة في أعمال النسف. وتصنع منه كبسولة صاعقة أو مفجِّر يحتوي على شحنة صغيرة توضع في الديناميت وتُشعل بمشعل أو فتيل بطيء أو بشرارة كهربائية. ولهذه المتفجرات الحساسة قوة قصم وتفجير شديدة.
الصواعق والمتفجرات الصاعقة
إن الشحنات الصاعقة، هي متفجرات عالية الحساسية نسبياً، لذلك تُستخدم لكي تنصعق ذاتياً بفعل صدمة ميكانيكية أو حرارة معتدلة بحيث تُصدر قوة كافية لتفجير الشحنة الرئيسية. ويرى معظم الخبراء أن اختراع ألفريد نوبل للصاعق (كبسولة الإشعال blasting cap) عام 1865، وهو من مزيج فلمينات الزئبق مع كلورات البوتاسيوم (بنسبة 80-20 أو 90-10)، كان أعظم إنجاز في علم المتفجرات منذ اكتشاف البارود. وقد ظل هذا الصاعق الوسيلة الرئيسية في الاستخدام حتى عشرينات القرن العشرين. ويعد الجمع بين الفتيل البطيء (الفتيل الآمن safety fuse) الذي اخترعه بيكفورد والصاعق أكثر الوسائل الأمينة التي تصلح لصعق النتروغليسرين والكثير من المتفجرات الأخرى الشديدة الانفجار عن بعد.
المتفجرات الأمينة للاستخدام المدني
قد يكون استخدام المتفجرات العادية الشديدة الإنفجار في بعض الحالات، وخصوصاً في مناجم الفحم خطراً جداً لأنه يتسبب في اشتعال الغازات السريعة الاحتراق أو ذرور غبار الفحم الموجود تحت الأرض.
ولتفجير طبقات الفحم في مثل هذه الأحوال، هناك أنواع عدة من المتفجرات الأمينة تم تطويرها بحيث تقلِّل الخطر إلى حده الأدنى سواء من الحريق أم من الانفجار، فلا تُحدث لهيباً إلا للحظات قصيرة جداً، كما أن لهبها بارد نسبياً.
وتعتبر أنواع المتفجرات الآمنة المتفق عليها للاستعمال في مناجم الفحم أساساً مزائج من نترات الأمونيوم مع مركّبات أخرى من مثل نترات الصوديوم والنتروغليسرين والنتروسللولوز ونترو النشاء والمواد المكربنة وكلوريد الصوديوم وكربونات الصوديوم. وثمة نوع آخر من الشحنات الناسفة تلقى قبولاً متزايداً للاستعمال في المناجم لأنها لا تصدر لهيباً على الإطلاق، وهي أسطوانة من ثنائي أكسيد الكربون السائل الذي يمكن أن يتحول إلى غاز في لحظة بوساطة عنصر تسخين كيميائي داخلي، وعلى إحدى نهايتي الأسطوانة سدادة سريعة الانكسار يتوسع الغاز من خلالها.
من مزايا شحنة ثنائي أكسيد الكربون أنها ليست متفجراً في ذاتها، وأنها تمتص الحرارة بدلاً من نشرها. ومن مزاياها الأخرى أن شدة الانفجار قابلة للتوجيه نحو قعر الثقب المحفور الذي تغرس فيه الشحنة، فتقلل من تناثر الفحم وتكسره.