حصلت الطبيبة الأردنية الشابة "نور قموه" على منحة من جامعة إدنبرة Edinburgh البريطانية، بمقدار 1.64 مليون جنيه استرليني، للبحث في أكثر أورام الدماغ شيوعاً وعدوانية في مركز الجامعة للأبحاث السرطانية.
تتمنى نور (33 عاماً)، التي قدمت من الأردن في العام 2000 لدراسة العلوم البيولوجية في جامعة "إندبرة" في اسكتلندا، أن تساهم أبحاثها في علاج المرض الأكثر شيوعاً من الأورام الدماغية، ويسمّى "ورم أرومي دبقي" Glioblastoma.
والورم الأرومي الدبقي هو ورم دماغي يصيب الخلايا النجمية، أي خلايا الجهاز العصبي المركزي. وهذا النوع من سرطان الدماغ شائع ويعتبر الأكثر تعقيداً من بين الأورام الدماغية الأخرى، ويصيب الراشدين الذين تراوح أعمارهم بين 45 و70 عاماً.
يصاب 256 شخصاً سنوياً بورم أرومي الدماغيّ في إسكتلندا البريطانية، ولا تزال العلاجات نادرة، والعمر المتوقع بعد تشخيص المرض لا يتعدى العام الواحد. وبسبب هزال الأبحاث في هذا المجال، ساهم مركز الأبحاث السرطانية البريطاني، بمبلغ 1.64 مليون جنيه استرليني دعماً للدكتورة الشابة. الدكتورة قموه من بين ثلاثة علماء في بريطانيا منحوا هذا العام هبة "زمالة التطوير المهني".
ستسمح هذه المنحة لمركز جامعة إندبرة للأبحاث السرطانية بتكوين فريق متخصص من الباحثين للعمل على هذا الورم الدماغي. تقول الدكتورة نور لصحيفة Edinburgh: "نحن نحاول من خلال أبحاثنا أن نفهم الآلية التي تسمح للأورام بالبقاء والاستمرار في النمّو، ونأمل أن تؤدي بنا إلى طرق جديدة لمعالجة هذا المرض وتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة". وتؤكد أنّه لم تصدر بحوث متقدمة في السنوات الأخيرة عن هذا النوع من الأورام، ولم يأخذ حقه كباقي الأورام السرطانية.
وقد أمضت الطبيبة نور ثلاث سنوات في مركز الجامعة في بريطانيا، ثم انتقلت الى إيطاليا حيث حصلت على درجة الدكتوراه في سرطان عنق الرحم. وسافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث بدأت بأبحاثها الأولى في أحد مراكز الأمراض السرطانية. في تلك الأثناء، أصيبت والدة أحد أصدقائها المقربين بمرض "الورم الأرومي الدبقي" فأتاح لها ذلك فرصة دراسة أعراضه عن قرب.
تروي الطبيبة الأردنيّة الحادثة: "مرض والدة صديقي جعلني أدرك أهمية البحث في هذا النوع من الأورام، إذ كنت أقرأ عنه في الكتب، لكنني فجأة واجهته شخصياً، وكان أمراً مدمراً بالنسبة لي، ولكنه حفزني على البحث، وأدركت حينذاك مدى السرعة التي يجب العمل بها لإيجاد علاج جديد لهذا المرض يرفع معدل الحياة لدى المصابين به".
وقد عادت الدكتورة نور إلى بريطانيا في العام الماضي وحصلت على المنحة، تقول: "أنا سعيدة جداً أن المنحة قدمت إلي، لأنها ستساعدني على تطبيق أفكاري في المختبرات، ومن ثم إيجاد طرق جديدة تساعد المصابين بهذا المرض على البقاء على قيد الحياة فترة أطول".
وتهدف د. نور في أبحاثها إلى معرفة ما إذا كانت الخلايا تنمو وتقاوم العلاج من خلال استخدام نظام "إعادة التدوير الذاتي" الذي يسمح بإعادة تدوير الخلايا القديمة وأجزائها التالفة التي لم يعد الدماغ بحاجة إليها. ومن أهدافها أيضاً مساعدة فريق من الباحثين وحثّهم على التطوّر في مجال دراستهم وعملهم لمساعدة مرضى السرطان.
ويسعى مركز البحوث السرطانية في الجامعة من خلال المنح التي يقدمها إلى دعم العلماء الموهوبين والمتميزين لتأسيس فريق أبحاث مستقلّ وخاص بالأمراض السرطانية.
تعتبر كارين نوبل، رئيسة قسم التدريب والمنح الدراسية في مركز الأبحاث السرطانية البريطاني، أنّ نجاح العالم في محاربة مرض السرطان، وخاصة الأنواع النادرة منه كالورم الأرومي الدبقي، يقتضي قبل كل شيء توظيف أفضل الناس وأكثرهم موهبة ومساعدتهم على التطوّر المهني. تقول: "بعض زملائنا توصلوا إلى اكتشافات مهمّة تزيد من فهمنا لمرض السرطان، وتساعدنا على ابتكار علاج جديد للمرض".
وقبل بضعة أشهر، خصص مركز الجامعة 3.7 ملايين جنيه استرليني لتمويل مشروع آخر على مدى خمس سنوات يساهم في تحسين فهم بيولوجيا الأورام الدماغية. وستساعد هذه المنحة العلماء على الحصول على عينات من المصابين بالأورام الدماغية خلال العمليات، ودرسها في المختبرات من أجل العثور على طرق تشخيص مناسبة وعلاج جديد للورم السرطاني.