* توقعات:
- سيواصل تنظيم الدولة جهوده المبذولة لتحسين قدراته في مجال الاتصالات، وهجماته في الفضاء الإلكتروني.
- توافر أدوات وخدمات الجرائم الإلكترونية في الأسواق الإجرامية التي تعمل تحت الأرض سوف يسمح لتنظيم الدولة بمواصلة تعزيز قدراته الحالية.
- الانتشار الجغرافي لتواجد تنظيم الدولة على شبكة الإنترنت، وقدرته على الاستفادة من الأسواق التي تعمل تحت الأرض؛ يعني أن جهود مكافحة أنشطة التنظيم على الإنترنت سوف تمتد إلى بلدان أخرى غير العراق وسوريا.
- بغض النظر عن القدرات الهجومية في الفضاء الإلكتروني، سوف تستمر أنشطة تنظيم الدولة عبر الإنترنت في التركيز على بث الدعاية الرامية إلى جذب المجندين والحصول على التمويل.
* التحليل:
قَتل مسلحون 130 شخصا في باريس يوم 13 نوفمبر. في اليوم التالي، جلس متشددون غير مسلحين، ينتمون لفرع العلاقات العامة في تنظيم الدولة، أمام حواسيبهم، وولجوا إلى حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي- الحسابات التي يمكنهم من خلالها الوصول إلى أي شخص في العالم تقريبا- وأعلنوا مسئوليتهم عن الهجمات.
تلعب الدعاية دورًا بالغ الأهمية لتنظيم الدولة. وجزء من مهمتها هو: إقناع العالم أن التنظيم خطير كما يزعم،؛ لذلك لا غرابة في أن سلوك التنظيم على شبكة الإنترنت مسرحيّ كما سلوكه في ساحة المعركة.
ألم ترَ أن بعض الأماكن المستهدفة في هجمات باريس- استاد كرة قدم، وقاعة حفلات موسيقية- هي منشآت مصممة لاستضافة حشود كبيرة؟!
لذلك حقق تنظيم الدولة أهدافه بدقة في 13 نوفمبر: استولى على اهتمام الجمهور العالمي، بما يمكنه من نشر رسالته، وتجنيد أعضاء جدد.
تسخير التكنولوجيا
منذ بدأ النمو السريع لتواجد تنظيم الدولة على الإنترنت في عام 2014، شنَّ مجرمون يزعمون انتماءهم إلى التنظيم العديد من الهجمات غير المتطورة على الإنترنت، مثل: الاستيلاء على حسابات مواقع التواصل، وتشويه مواقع ضعيفة التأمين.
كما أعلنت الآلة الإعلامية لتنظيم الدولة على الإنترنت مسئوليتها عن قرصنة شبكات تابعة للحكومة الأمريكية، وقامت في بعض المناسبات بنشر أسماء وتفاصيل شخصية زعمت أنها لمسئولين حكوميين وعسكريين.
إلى جانب تنفيذ هجمات إلكترونية، سواء كانت حقيقية أم مزيفة، حاول تنظيم الدولة مؤخرًا تعريف أنصاره بالإجراءات الأمنية التشغيلية البدائية عند الاتصال عبر الإنترنت. كما أوْلَى التنظيم في الواقع بعض الاهتمام ببناء قدراته الفنية على الإنترنت، ومن المرجح أن يستمر في القيام بذلك.
لكن هذه القدرات ركزت بشكل كبير على السلوك المسرحيّ عبر وسائل الإعلام الإلكترونية؛ في محاولةٍ للحفاظ على صورة المجموعة باعتبارها تهديدًا يزداد تمدُّدًا، رغم خسارتها الزخم الذي حظيت به في عام 2014.
صحيح أن هذه القدرات أقل أهمية في ساحات المعارك في العراق وسوريا. إلا أن تنظيم الدولة من المرجح أن يستمر في الدمج بين استخدام تكنولوجيا المعلومات ومحاولة توسيع قدراته التقنية في مجال التجارة الإلكترونية.
الخطوات التالية
مثلما هو مهم للجماعات الجهادية الأخرى، يعتبر الإنترنت أداة قوية لتنظيم الدولة. ونظرا للجهود التي يبذلها التنظيم لتجنيد قراصنة لشن هجمات إلكترونية منخفضة المستوى، يبدو من المرجح أنه سيواصل السعي لامتلاك قدرات أكبر من شأنها أن تساعده في تنظيم اتصالاته على الإنترنت، ومحاولاته لتصوير نفسه كتهديدٍ يمتلك قدرات فنية، وإن لم تصل إلى حد شن هجمات إلكترونية تخلف آثارا كارثية.
والقدرات المطلوبة لشن هجمات إلكترونية إرهابية لا يُشتَرَط أن تأتي من داخل تنظيم الدولة. حيث يوجد سوق مزدهر يعمل تحت الأرض، يتضمن أدوات مُصَمَّمَة لارتكاب جرائم الإنترنت بهدف تحصيل مكاسب مالية- مثل: سرقة المصارف أو تنصيب برمجيات خبيثة تحمل معلومات مهمة من جهاز الضحية للحصول على فدية- يمكن شراؤها أو حتى استئجارها.
ويمكن أن تكون جرائم الإنترنت مربحة بشكل كبير، ويحتمل أن تدر على الجناة ملايين الدولارات. ووجود مثل هذه الأسواق يعني أن الجماعات الجهادية، مثل تنظيم الدولة، يمكن أن تكتسب قدرات هجومية دون تجنيد شخص في الواقع يمتلك المهارات اللازمة في صفوف التنظيم. ناهيكَ عن احتمالية تعزيز الموارد المالية المحتملة، ودعم الجهود الدعائية الشاملة.
لكن بغض النظر عن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه تنظيم الدولة في تطوير قدراته على الإنترنت، لن يؤدي أي تحسُّن في هذا المجال إلى تشكيل قدرات التنظيم القتالية في وحول مناطق تواجده الأساسية في العراق وسوريا.