هذه أسباب طلب بلجيكا التعاون الأمني والاستخباراتي مع المغرب
تتعدد الأسباب الكامنة وراء طلب السلطات البلجيكية، من أعلى مستوى، التعاون مع المملكة المغربية في المجالين الأمني والاستخباراتي، منها ما يتعلق بالظرفية الحالية التي تمر منها بلجيكا بسبب ارتفاع التهديدات الإرهابية، وأيضا لكون عدد كبير من المقاتلين البلجيكيين في سوريا والعراق، والمنتمين إلى "داعش"، من أصول مغربية، ناهيك عن الخبرة التي اكتسبتها المملكة الشريفة في مجال مواجهة الإرهاب.
تهديدات إرهابيةوقال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، إن "الظرفية التي أتى فيها هذا الطلب غير مسبوقة لبلجيكا التي تمر من مرحلة عصيبة وتواجه تهديدا إرهابيا كبيرا ومحدقا، جعلها تعيش تحت أقصى درجات التأهب".
وأشار بنحمو، في تصريح لهسبريس، إلى أن "هذه التطورات الداخلية تأتي إثر الأحداث الإرهابية الدامية التي تعرضت لها باريس، والتي يمكن اعتبارها اعتداء حربيا حقيقيا ونوعيا؛ كما تأتي في خضم أوضاع أمنية غير مستقرة في التراب الأوروبي، الذي أظهرت سياسته الأمنية الكثير من الاختلالات والهفوات؛ مما جعل عملا إجراميا بالحجم الذي تعرضت له باريس ممكنا".
وأوضح الخبير المغربي أن بلجيكا كانت تعتبر دائما ملتقى طرق التنظيمات الإرهابية في أوروبا، إضافة إلى كونها محطة انطلاق وعودة الكثير من المقاتلين الإرهابيين الأوروبيين.
ونبه بنحمو إلى أنه من بين بلدان القارة الأوروبية تعد بلجيكا أكبر مصدر للمقاتلين إلى كل من سوريا والعراق، والذين فاق عددهم 1100 مقاتل، عاد منهم 170 إلى بلجيكا، وقتل قرابة 120، كما أن 200 مقاتل موجودون حاليا في بلجيكا، ويرغبون في الانتقال إلى سوريا، مضيفا: "مقارنة بعدد الساكنة البلجيكية الذي لا يتجاوز 12 مليون نسمة فالرقم كبير".
مولنبيكطلب بلجيكا تعاون المغرب في المجالين الأمني والاستخباراتي راجع كذلك إلى كون عدد من المنظمين إلى ما بات يعرف بـ"داعش" هم من أصول مغاربية عموما، ومغربية على وجه الخصوص، خاصة بحي مولنبيك، المعروف كمنطقة هامشية يتجمع فيها المهاجرون.
وفي هذا الإطار قال بنحمو إن "مولنبيك يعتبر خزانا للإرهابيين، ويصدر عددا كبيرا منهم إلى كل من سوريا والعراق"، منبها إلى أن "العالم يواجه اليوم الجيل الرابع من "الجهاديين الجدد"، والذي يضم 6000 مقاتل أجنبي من أوروبا، من مجموع 38 ألف مقاتل أجنبي موجودون في سوريا والعراق بالأساس، وهو ما يطرح إشكالية تدبير هذه الفئة، وخاصة لدى عودتهم إلى بلدانهم".
مرجعيّة المغرب
وفي الوقت الذي تعتبر مجموعة من الدول أن السلاح الذي يمكن أن يساعد في القضاء على التنظيمات الإرهابية هو سلاح المعلومة والاستخبارات، وضرورة اتباع مقاربة شمولية لا ترتكز فقط على الجانب الأمني، أكد بنحمو أن "المغرب، وطوال السنوات الأخيرة، تمكن من بلورة سياسة أمنية استباقية وإستراتيجية شمولية لمواجهة أكبر تحد أمني للمرحلة الحالية والعقد المقبل، وهو الإرهاب؛ وهو ما مكنه أن يصبح مرجعا في هذا المجال".
وأوضح بنحمو أن الإستراتيجية المغربية في هذا المجال مبنية على ركائز أساسية، وهي الحكامة الأمنية، وهيكلة الحقل الديني في كل ما يرتبط بالخطاب الديني، وتكوين الأئمة، وتدبير فضاءات العبادة، ثم التنمية البشرية. وأردف بنحمو قائلا إن "الإرهاب يواجه على مستوى الفكر والهشاشة الاجتماعية".
وشدد المتحدث على أن "الأجهزة الأمنية المغربية اكتسبت خبرة وطورت قدراتها؛ وهو ما مكنها من تحقيق نتائج إيجابية وإظهار نجاعة وفعالية"، مبرزا أن "هذا يتمثل في معرفتها الجيدة بطبيعة هذا التهديد ونوعية التنظيمات، والبروفايلات المنتمية إليها، وشبكات التجنيد والتواصل والتمويل، التي ترتبط في ما بينها، وتتقاطع مع تنظيمات إجرامية أخرى، تنشط في مجال الجريمة البشرية العابرة للحدود، إضافة إلى معرفة جيدة بأساليب عمل هذه التنظيمات وثقافتها ومرجعياتها".
المصدر