مقال جيد. و سأعرض ادناه مقال للغرايبة:
جب أن تشكل جريمة مقتل العاملين في مركز التدريب الأمني بالموقر، من المواطنين والأجانب، صدمة كبيرة لنا على مستوى الحكومة والمجتمع والأفراد. وإذا لم تشكل منعطفا في الفلسفة المنشئة لبيئة الحياة والعمل، فإننا لن نلتقط الإشارات والرسائل عن التحولات والثغرات في منظومة الثقة المحركة للمصالح والعلاقات. هي جريمة مخيفة وصادمة لا تشبهها جرائم أخرى، وربما تقترب منها في الصدمة جريمة مقتل سبع طالبات إسرائيليات في رحلة مدرسية العام 1996.
إن أخطر ما في هذه الجرائم أنها لا تنتمي إلى أفعال جماعات منظمة! كيف نضمن ألا تتكرر هذه الجريمة؟ وكيف نتجنب حدوث ما حدث؟
المعروف أن الإجراءات الأمنية والإدارية في العمل الأمني والعسكري دقيقة وصارمة. وهذا ما يجب أن يجعلنا مصدومين؛ عندما تتشكل بيئة محيطة بالعمل والحياة تمجد الجريمة والكراهية، وعندما يفقد الفرد البوصلة والاتزان الذي يمنحه التفكير السليم والقرار السليم، وعندما يعجز المجتمع عن تزويد الأفراد بالعقلانية الضرورية والكافية للوعي بالمخاطر والخطأ والصواب والحق والباطل والقبيح والحسن!
لا يكفي القول إن مثل هذه الجرائم تحدث دائما. فعند تذكر الجرائم الأخرى، يمكن ملاحظة فروق جوهرية بينها وبين جريمة الموقر، تجعل المراجعة والتفكير وإعادة التفكير أمرا ضروريا. وحتى مع صحة الأمثلة والمقارنة، فإن ذلك لا يقلل من أهمية الدعوة إلى التفكير والتساؤل بإلحاح: كيف ولماذا حدث ذلك؟
أظن أننا مدعوون إلى الاعتراف بمجموعة من الأزمات الاجتماعية والثقافية المنشئة لبيئة تدفع إلى الجريمة. ويجب أن نملك الجرأة والصراحة لنواجه أنفسنا بذلك. ولم يعد كافيا، وربما ليس متقبلا، ذلك السيل الجارف في هجاء التطرف والمتطرفين، والمؤتمرات والندوات لمكافحة التطرف التي تكاد تكون وهمية! أو يمكن إدراجها في أعمال وبرامج العلاقات العامة.
مؤكد أن الحل ليس أمنيا فقط، وقد بلغت الإجراءات الأمنية حدا لم يعد ممكنا الزيادة عليه. ويبدو مؤكدا أيضا أن المؤسسات التعليمية والفكرية والاجتماعية لم تنجح في بناء منظومة واتجاهات ومواقف وأفكار عقلانية. وسأغامر بالقول إن المناهج والمؤسسات التعليمية والدينية والرسمية لم تعد تعمل في السياق المفترض لأهداف الدولة والمجتمع، وهذا أفضل ما يمكن مدحها به.
لم تشكل بعد مثل هذه الجرائم صدمة على المستوى الفردي والاجتماعي تستنفر البحث والتساؤل، ولم تنشئ جرائم مثل تفجير الفنادق صدمة في الضمير الفردي والجماعي أو ردة فعل رافضة للإرهاب والكراهية أو الاعتراف بأزمتنا والبحث عن أسبابها وجذورها بحرص وإدراك صحيح للجريمة وأبعادها، وما يزال الكثير يعتبر قتل سبع فتيات إسرائيليات في أثناء رحلة مدرسية بطولة.
والأكثر صعوبة وقسوة في الصدمة والضمير، هو إلى أي مدى يكتسب التلاميذ والمواطنون في حياتهم اليومية وسلوكهم الاجتماعي وفي عملهم ومؤسساتهم، الالتزام بعقود الدولة والقدرة على تمثلها، واحترام العقد الاجتماعي المنظم لعلاقات المواطنين والزوار والمقيمين.
هل تكفي مثل هذه الجرائم لنراجع ونعيد النظر في الدور الديني للدولة مما لم يأمر به الدين أصلا؛ مثل التعليم الديني في المدارس وإدارة وتنظيم المساجد والدعوة والافتاء.. وهذا الفائض الديني الذي تغمرنا به الدولة وهو ليس دينا؟! هل نعترف بالفعل بالمخزون الهائل من الكراهية المدمرة الذي يجتاح الأفراد والمجتمعات والأطفال والأجيال؟ وهل فعلنا ما يكفي لمواجهة الكراهية، أم أننا نعزز هذه الكراهية ونزيدها صلابة وتماسكا؟ من يستطيع اليوم أن يميز بين الإرهابي وغير الإرهابي؟ كيف سيكون بمقدور الغرب أن يميز بين المسلم المعتدل والمسلم الإرهابي، إذا كنا نحن غير قادرين على ذلك؟ ولنسأل أنفسنا بصراحة: هل يؤمن الإرهابيون بغير ما نؤمن به؟ وهل يتعلم الإرهابيون غير ما يتعلمه التلاميذ في مناهج وزارة التربية والتعليم وفي كليات الشريعة في الجامعات الرسمية؟
http://alghad.com/articles/902941هناك نقاش كبير في الصحف حول ضرورة اعادة تقييم المناهج التربوية (خصوصا اللغة العربية و الدين الاسلامي). و نشر باحثان في صحف اردنية عدة مقالات يوضحون كيف ان هذه المناهج (خصوصا العربية) تقصي المرأة كشريكة في الوطن، و تعتمد نصوصا دينية فقط. و كأن اللغة العربية ليست الا وعاءا للقران و التراث الديني.
طيعا وظيفة المحلل الصحفي ان يبرز روابط سواء كانت موجودة او غير موجودة. لكن في الواقع ان بروز ظاهرة الارهابي الفرد في الاردن ليس كبيرا. الدقامسة قام بما قام به قبل 20 عام. فالامر فعلا احداث فردية و لا يقاس عليها. و تبرز هذه الاحداث فقط ﻷن الاجهزة الامنية في الاردن نجحت بشكل ممتاز في التعامل مع اي خطر على مستوى اكبر من الفرد. فهناك عشرات الضبطيات و القضايا التي لا تشير لها الصحف الا في صفحة المحاكم و السجون مليئة بجماعات ضبطط و هي في مراحل العمل الاولى.