صفقة "ميسترال" بين تحقيق توازن عسكري لمصر ومواجهة المخاطر الإقليمية
تباينت آراء الخبراء العسكريين والسياسيين حول أسباب شراء مصر سفينتين من طراز "ميسترال" من فرنسا ، بعد شهور من صفقة أخرى مع الدولة ذاتها لشراء 24 طائرة "رافال" وفرقاطة متعددة المهمات.
وبينما رأى خبراء أن مصر تستهدف تحقيق "توازن عسكري مع دول الإقليم"، قال آخرون إن صفقات السلاح "مرآة للمخاطر الاقليمية الخطيرة" المحيطة بالقاهرة، التي تسعى لتحقيق "تفوق للجيش خارج الحدود"، في حال التدخل لمساعدة دول الخليج أو تأمين مضيق باب المندب المدخل الجنوبي لقناة السويس.
ووقع رئيس أركان القوات البحرية المصرية اللواء بحري أركان حرب أحمد خالد ، مع نائبة رئيس شركة (دى سى ان اس) الفرنسية ناتالى سمارنوس، على عقد شراء حاملتى طائرات مروحية من طراز ميسترال، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس.
وتبلغ قيمة الصفقة حوالي 950 مليون يورو، ومن المقرر تسليمهما للقاهرة في مطلع مارس المقبل.
ومن المتوقع أن تنشر مصر إحدى السفينتين في البحر الأحمر حيث يوجد مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي لقناة السويس، والاخرى في البحر المتوسط.
وتعد هذه ثاني صفقة سلاح بين البلدين، بعد عقد أول مطلع العام الجاري قيمته 5,2 مليار يورو، اشترت بموجبه القاهرة 24 طائرة رافال وفرقاطة متعددة المهمات.
وتمثل سفينتا ميسترال وطائرات الرافال إضافة نوعية في تسليح الجيش المصري، لاسيما أن الرافال يصل مداها إلى 3500 كيلو متر، فيما تصل قدرات الأولى لمدى يتجاوز 2000 كيلو متر عن الحدود المصرية.
وأثارت هاتان الصفقتان تساؤلات حول ما إذا كان الجيش المصري "تحول من جيش دفاع إلى الهجوم"، بحسب تعبير صحيفة (الأهرام) الإلكترونية.
وتأتي هذه الصفقات ضمن أخرى عقدتها مصر مع روسيا وأمريكا.
ومعلقا على هذه الصفقات، استبعد اللواء نبيل فؤاد المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة المصرية، أن يغير الجيش المصري استراتيجيته العسكرية من دفاعية إلى هجومية.
وقال إن " مصر ليس لها أي أهداف خارج حدودها وتسعى دائما لتأمين حدودها البحرية والبرية ومجالها الجوي".
وأضاف فؤاد، وهو استاذ علوم استراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، ان مصر تطل على بحرين رئيسيين، هما المتوسط والأحمر، ولها حدود بحرية طويلة تحتاج لتأمين كاف.
وتابع " في نهاية البحر الأحمر يوجد مضيق باب المندب، وهو أرض عربية سبق لمصر أن أغلقته في حرب 1973، وهذا المضيق يمكن أن يشكل تهديدا لقناة السويس، لأنه المدخل الجنوبي لها، ولابد أن يكون لمصر قوات بحرية قادرة على التأمين".
وواصل ان "مصر دولة اقليمية كبرى، وصفقات السلاح هذه تضع مصر في حالة توازن عسكري مع دول الإقليم".
وحول ما إذا كان السبب وراء صفقات السلاح وآخرها ميسترال الأوضاع الاقليمية الراهنة لاسيما في ليبيا وسوريا واليمن وظهور تنظيم (داعش)، قال إن الحرب ضد الجماعات غير النظامية لا تحتاج إلى مثل هذا التسليح.
لكن الدكتورة نهى بكير أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة كان لها رأي مختلف، مؤكدا أن صفقات السلاح التي أبرمتها مصر"مرآة للمخاطر الاقليمية الخطيرة".
وقالت بكير لـ (شينخوا)، " أثناء (عهد الرئيس السابق حسني) مبارك كانت الاستراتيجية العسكرية لمصر دفاعية.. لكن الآن المخاطر الإقليمية من داعش والموقف المعقد في سوريا وليبيا والحرب في اليمن التي تهدد الملاحة في باب المندب، وقد تهدد الملاحة في قناة السويس.. لذلك مصر في حاجة للتسليح لتكون مستعدة في أي وقت لأي نوع من التطورات".
ورأت أن "صفقات السلاح تعتمد على حجم التهديدات (التي تواجهها مصر) والاحتياجات".
وأشارت إلى أن " مصر تخوض حربا للقضاء علي الارهاب في الاقليم، وليس فقط الارهاب الداخلي".
وشاطرها الرأي الخبير العسكري اللواء متقاعد طلعت مسلم، قائلا إن " الهدف من شراء ميسترال هو تحقيق تفوق للجيش في أداء أفضل خارج الحدود بمنتهى الدقة، خاصة أن الميسترال يعتبر مركز قيادة شاملا بالبحر مثل أي مركز قيادة في البر".
واعتبر التعاقد على شراء ميسترال " نقلة نوعية في تسليح الجيش المصري، لأن الصفقة تعد الأهم في تاريخ شراء الأسلحة الحديثة بعد الرافال".
وتابع إن " الهدف من شراء ميسترال هو تنويع مصادر التسليح وتزويد الجيش بأسلحة قوية عالية التأثير"، مشيرا إلى أن ميسترال تنقل الجنود والطائرات المروحية والمعدات لمكان المعركة خارج حدود الدولة، بحمولة 22 ألف طن.
وأوضح أن سفينة ميسترال تملك نظام صواريخ دفاعية، ويمكن ان تنقل من 20 إلى 40 طائرة على حسب حجم الطائرة، ومزودة بثلاثة رادارات، ومستشفى كاملة الاجهزة، ومعروفة دوليا باسم سفينة القيادة والقيام بعمليات برمائية.
ولفت إلى أن السفينة تحمل أكثر من 450 شخصا، وبها نظم معلومات بحرية قتالية، ونظم متصلة بالاقمار الصناعية ما يوفر المجال لبيئة مناسبة لعمليات القيادة.
الأمر نفسه بالنسبة للدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، مشيرا إلى أن " مصر تواجه مخاطر أساسية تستوجب تنويع مصادر السلاح.. وقد تدخل في حرب خارج الحدود لمساعدة دول الخليج أو تأمين قناة السويس، وميسترال مناسبة جدا لأنها تستطيع نقل الجنود والاسلحة لمسافة طويلة وبسرعة عالية".