تتحدث تقارير عن استعدادات يجريها الجيش الإسرائيلي، تحسبا لاحتمال تسلل مقاتلات روسية إلى القسم المحتل من هضبة الجولان، وتقول إنه على الرغم من الزيارة التي قام بها نائب رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الجنرال “نيكولاي بوغدنوفسكي” يوم الخميس 8 تشرين الأول/ أكتوبر إلى تل أبيب، ولقاءه مع اللواء “يائير جولان”، نائب هيئة الأركان العامة الإسرائيلية، غير أن احتمال تسلل المقاتلات الروسية إلى الجولان المحتمل مازال قائما، ويؤرق المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وأجرى كل من بوغدنوفسكي وجولان حوارا تنسيقيا هو الأول من نوعه، منذ التفاهمات التي تم التوصل إليها في موسكو، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال الزيارة التي أجراها الأخير قبل أسبوعين، على رأس وفد عسكري واستخباراتي رفيع المستوى.
وشمل الحوار الذي أجراه المسؤول العسكري الروسي سبل التنسيق بين الجانبين، فيما يتعلق بالطلعات الجوية التي تنفذها المقاتلات الروسية والإسرائيلية في المجال الجوي السوري أو على مقربة منه، بهدف منع إمكانية حدوث اشتباك بين الجانبين، وبخاصة وأن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية كانت قد أعربت عن مخاوفها من إمكانية تقييد حرية عمل سلاح الجو في سماء سوريا، ما يعني فقدانها القدرة على تنفيذ خططها الخاصة باستهداف تنظيمات موالية لإيران، تسعى لفتح جبهة من الجولان، أو قوافل السلاح التي تنقل من سوريا إلى (حزب الله) في لبنان، كما تقول.
ولكن على الرغم من الحديث عن تنسيق روسي – إسرائيلي محتمل، لكن هناك ملفات عالقة تناقشها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمعزل عن الجانب الروسي، أولها عدم اليقين بشأن طبيعة العمليات الروسية في سوريا والمنطقة، على كافة الأصعدة، وهي مسألة تتحفظ موسكو على الكشف عنها، وتكشف فقط بشكل شبه يومي المهام التي نفذتها ضد أهداف سورية، ولكنها تخفي التكتيكات التي تتبعها والإستراتيجية العليا التي حددتها بشكل مسبق، تاركة المجال مفتوحا أمام تقديرات وتحليلات الخبراء والمراقبين.
وتنشغل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية حاليا بالإجابة عن سؤال بشأن “إمكانية قيام المقاتلات والقاذفات الروسية بالعمل على مقربة من الحدود الإسرائيلية في هضية الجولان”، غير مستبعدة أن تتسلل مقاتلات روسية إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وتحاول تحديد آلية لمواجهة مثل هذه الإحتمال.
وتخشى تل أبيب أن تتسلل تلك المقاتلات إلى هضبة الجولان المحتلة، وبخاصة وأن هذا الإحتمال واقعي للغاية، بغض النظر عن الحديث عن أي تنسيق بين الجانبين. وتتابع دوائر عسكرية واستخباراتية إسرائيلية مسارات المقاتلات والقاذفات الروسية في سوريا، وطبيعة الإستخدام الروسي للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي أطلقتها الأسبوع الماضي من بحر قزوين.
وتبحث تلك الدوائر سبل منع المقاتلات الروسية من التسلل إلى المجال الجوي الذي تسيطر عليه إسرائيل، وبخاصة حال شاركت تلك المقاتلات في عمليات ضد المعارضة جنوبي سوريا، والتي توجد نقاط تمركزها على مقربة من الحدود السورية مع إسرائيل أو الأردن.
ويقيس خبراء على واقعة تسلل مقاتلات روسية إلى المجال الجوي التركي، وهي الواقعة التي تكررت يومي الثالث والرابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، حين تسللت مقاتلات روسية من طرازي (سوخوي 24/ 30) لمحافظة “هاتاي” الحدودية جنوبي تركيا.
وعلى الرغم من التأكيدات الروسية بأن تسلل المقاتلات للمجال الجوي التركي كان عن طريق الخطأ، ولكن وسائل إعلام دولية نقلت عن مصادر استخباراتية أن تسلل المقاتلات الروسية كان متعمدا، وجاء بهدف اختبار قدرات الدفاعات الجوية التركية.
وتقدر إسرائيل أن تطورا مماثلا يوشك أن يحدث مع إسرائيل، في هضبة الجولان، ولا سيما وأن الجنرال “نيكولاي بوغدنوفسكي” أبلغ مضيفه الإسرائيلي أن بلاده “تعتزم تنفيذ هجمات جوية ضد المعارضة السورية في جنوب سوريا على مقربة من حدود إسرائيل”.
وذهبت بعض التقارير الإسرائيلية أبعد من ذلك، وقالت أن سيناريو من هذا النوع كاد أن يتحقق بالفعل يوم الأربعاء 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حين قام لواء تابع للجيش السوري، مدعوما بعناصر من المليشيات الإيرانية ومنظمة حزب الله اللبنانية، وتحت غطاء المقاتلات الروسية، بهجمات برية ضد المعارضة السورية في (حماة) بوسط سوريا، في خطوة ستتبعها عمليات مماثلة في (القنيطرة)، جنوب غرب سوريا، والتي ستكون مصحوبة بقصف جوي روسي.
ولا تتوقف المخاوف الإسرائيلية عند تسلل المقاتلات الروسية المحتمل إلى المجال الجوي الذي يقع تحت سيطرتها، ولكنها تعتقد أنه على غرار إطلاق القوات الروسية الأسبوع الماضي لصواريخ باليستية من سفن حربية في بحر قزوين، ضد أهداف في (حماة)، فإنها قد تكرر ذات الأمر ضد أهداف المعارضة السورية في (القنيطرة)، وتضع في الحسبان الأنباء التي تحدثت عن سقوط صواريخ عن طريق الخطأ في الأراضي الإيرانية، وإمكانية حدوث نفس الخطأ معها.
وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد صرح لوسائل إعلام أنه “أصبح لإسرائيل حدود مشتركة روسيا بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا، وأن هذا الواقع يدفع بلاده لتجنب إصدار مواقف ضد موسكو”. ومن هذا المنطلق تقف إسرائيل عاجزة عن تحديد موقف محدد للرد على إمكانية تسل المقاتلات الروسية ‘لى مجالاها الجوي أو مواجهة سيناريوهات أكثر تعقيدا.