"عليك ابقاء الضغط على العدو طوال الوقت" هذا كان محور مكالمة شوارتزكوف مع قيادة الفيلق السابع. و كان هناك احباط كبير في القيادة من التأخر المظهري لهذا الفيلق مقارنة بقفزات فرقتي المارينز و الفيلق الثامن عشر المظلي. و بدأ صبر الفيلق السابع على هذه الانتقادات ايضا ينفذ، حيث بدأوا بالرد بحدة على مثل هذه الاستفسارات باجابات من قبيل: "السبب انه لا يوجد اي عدو امامهم، كل ما يفعلون هو السير فوق جرذان الصحراء و سحاليها".
هذا الكلام كان سهلا على الورق. لكن اندفاع الفيلق المدرع من عنق الزجاجة (المنطقة الضيقة التي اخليت من الالغام) استغرق وقتا طويلا. على العموم، طار الجنرال فرانكس بالمروحية الى الفوج الثاني المدرع الذي كان متأخرا في جدوله. و كان مسرح العمليات يسوء كل ساعة بفعل العواصف و المطر. و قد طلب قائد الفوج (جون هولدر) من قواته عمل خط دفاع لحين قدوم قوات الفرقتين المدرعتين القادمتين من الجنوب لتعزيز اطرافه. لم يعجب القرار فرانكس و قال له: لا دفاع! لا دفاع! تقدم و اشتبك مع العدو امامك و ان لم يكن هناك عدو تقدم حتى تصل له. حافظ على الاشتباك، لكن لا تخض معارك حاسمة تثبت قواتك.
وصل الجنرال فرانكس الى النقطة التي يجب عندها ان يقرر كيف سيواجه الحرس الجمهوري. فقد تجاوزت قواته البوسيه (البصية). و بدأ في دراسة الخارطة و تقارير الاستخبارات ليقدر ما هي نوايا العراقيين. في الاربع و العشرين ساعة الاخيرة كان لدى الطرف الامريكي صورة عن الجيش العراقي انه جيش منهك و لا يزال يحاول عمل خط صد دفاعي امام الاندفاع الامريكي. و امام الجنرال فرانكس فالخط الدفاعي الاول (الفرقتين 25 و 26 مشاة) كان بحكم المنتهي. و كلا الفرقتين لم تكن على اتصال مع قيادة الفيلق منذ اسبوع. و كانت المعنويات سيئة و العتاد الثقيل مدمر بشكل شبه كامل.
لكن خلف هذين التشكيلين توجد 4 فرق حرس جمهوري:
1- فرقة توكلنا على الله غربا
2- فرقة المدينة في الوسط
3- فرقة حمورابي شرقا
4- فرقة عدنان شمالا (عند البصرة).
و قد تحرك لواءان من الفرقة 12 المدرعة للجنوب باتجاه حفر الباطن للتصدي لهجوم مزيف قام به الفوج الاول. و تحرك لواء مدرع 50 لشمال شرق لعمل خط صد اول امام فرقة توكلنا. و فهم الامريكيون من هذا التحرك ان هذا اللواء و من خلفه فرقة توكلنا سيعملون حائط صد تنسحب من خلفه قوات الفيلق العراقي الثالث الموجود داخل الكويت. و كان التقدير ان فرقة توكلنا ستكون سلبية الحركة بانتظار قوات التحالف مع نشر استطلاع بعمق 7 كم غرب مواضعهم لكشف اي تحرك للتحالف. و هذا ما يفسر طلب فرانكس من الفوج المدرع التقدم حتى ملامسة العدو.
مع تقدم البريطانيين في نفس الجبهة. كان التأخر البارز هو من طرف الفرقة الاولى الامريكية. التي كانت بقايا الفرقة 26 مشاه العراقية (و الكثير من افرادها الذين اصبحوا اسرى) و اخيرا شارفت الفرقة على هدفها الاخير في الشمال (مدينة البصية) و التي يتوجب عليهم السيطرة عليها قبل الانعطف شرقا. و كانت المدينة (او بالاحرى البلدة) عبارة عن 50 مبنى. و كان فيها كتيبتان عراقيتان للدفاع عنها. و كان تقدير قائد الفرقة الاولى انه يستطيع اخذ المدينة قبل حلول الظلام. و اتصل بقائد الفيلق ليخبره انه يفضل ذلك بسبب احاطتها بالاودية و التي من الخطر التقدم فيها ليلا بسبب احتمال فقدان بعض الدبابات. الخيار لك في ان نتقدم الان (كانت الساعة 6 مساء) او ان نقصفهم طوال الليل و ناخذ المدينة عند اول ضوء. و فضل فرانكس عدم خسارة قوات بدون داع بسبب قتال الليل (رغم تعليمات الرياض المشددة بالاستعجال).
و اخيرا بدأت اصابع (القبضة) التي سيضرب بها فيلق فرانكس تتجمع. و كان عليه الان مسؤولية تحديد اين سيضرب الحرس الجمهوري العراقي. و كان القرار ان يضرب التشكيات العراقي على حدود الكويت-العراق الغربية بدلا من ان يكمل حركة الخطاف و يستمر بالمسير نحو البصرة. و بانتظار ان يسمح شواتزكوس للفوج الاول مدرع ان ينضم لقيادة فرانكس و بحساب انه سيكون جاهزا على الخط في يوم الثلاثاء (ثالث ايام القتال) ستكون المواجهة بين خمس فرق مدرعة امريكية و خمس فرق مدرعة عراقية.
ما يجد ذكره ان الفيلق المدرع وضع عدة سيناريوهات لقتال الحرس الجمهوري. و كانت احداها خطة من 9 صفحات اطلق عليها اسم Frag plan 9. و كانت الخطة على اساس ان تشكيلات الحرس الجمهوري لن تتحرك من مواضعها ازاء التحرك الامريكي. و كانت مواضع القطعات مشابهة على الارض لدرجة ان كل ما كان على فرانكس ان يفعل هو ان يطلب تنفيذ هذه الخطة. في هذه الاثناء كان شوارتزكوف يتصل في كل فائد فيلق (من المارينز الى المجوقل) و يعنفهم و يفهم كل واحد منهم انه متأخر عن جدوله! رغم انه طلب من تلك القوات التوقف قليلا بسبب تأخر قوات فرانكس و تأخر المصريين الامر الذي كان سيكشف اجناب المارينز و القوات المجوقلة.
المصدر:
R. Atkinson - Crusade