صن تسو، وأحياناً يطلق عليه صن تسي جنرال عسكري صيني، استراتيجي، وفيلسوف، عاش في العصر الربيعي للصين القديمة، ويعني الاسم الذي سُمي به "مشرق" Master Sun، وكان اسمه عند الميلاد "صن وو" Sun Wu، وقيل "سن وو"، وعرف أيضاً باسم: جانجكنج، واشتهر كمؤلف لكتاب فن الحرب The Art of War، وكمؤرخ أسطوري.
كان ملك منطقة Wu يرغب في تعيين صن تسو قائداً للجيش وقرر قبل ذلك أن يتعرف على مقدرته في القيادة فكلفه بتدريب 180 امرأة كمجندات، وقام صن تسو بتقسيم المجموعة إلى مجموعتين وعين السيدتين المفضلتين لدى الملك كقائدتين وأصدر أوامره بأن الجنود إذا فهموا الأوامر ولم يطيعوا فإن الخطأ يقع على القادة ويجب أن يعاقبوا، وسرعان ما استقامت المجموعتان وانصرفتا لأداء الواجب.
كتاب فن الحرب يعبر عن فلسفة الحرب وإدارة الصراعات وكسب المعارك، كما اعتبر الكتاب كمرجع في الاستراتيجية للقادة والباحثين منذ أن نشر في الغرب وترجم ووزع عالمياً.
المؤلف
ولد صن تسو في عام 551 قبل الميلاد وذاع صيته بسبب عبقريته العسكرية، وكتب مجموعة من المقالات العسكرية الاستراتيجية حملت في مجموعها اسم كتاب "فن الحرب" وشهد الكاتب تحول المجتمع الصيني من مجتمع العبيد إلى المجتمع الإقطاعي حيث كثرت الحروب بين أكثر من 130 مملكة صغيرة مما أدى في النهاية إلى تطور خمس ممالك قوية تنازعت فيما بينها على السلطة والحكم، ولم تكن حروبها بمعزل عن صن تسو، إذ ازدادت خبرته العسكرية وعمدت إلى صقل مواهبه كما زادت من حكمته، ورحل صن تسو إلى مملكة "وو" في شرق الصين (إلى الغرب من مدينة شنغهاي الحالية) حيث عمد إلى وضع مقدمات كتابه "فن الحرب" واكتسب اسم "سون تزو" وكلمة تزو في اللغة الصينية مثل كلمة أستاذ في اللغة العربية وهي تعني الرجل الذي بلغ المراتب العليا في العلم والفلسفة.
كتاب فن الحرب The Art of War
اشتمل كتاب فن الحرب على ستة آلاف جملة ضمن 13 باباً، أشبه بالمقالة وجسد خلالها الأفكار العسكرية التي عاصرها وفلسفة الحرب في إدارة الصراعات وكسب المعارك.
ويعتقد بعض الفلاسفة المعاصرون أن الكتاب بالإضافة إلى ما سطره المؤلف احتوى على تعليقات وتوضيحات من عسكريين مثل لي كيوان ودومو، وقد ترجم هذا الكتاب منذ أول طبعة إلى عدة لغات كما تم توزيعه على مستوى العالم، وأصبح مرجعاً لعدد من الجنرالات والمنظرين، وإن عجزوا عن تحديد فترة صدوره على وجه الدقة، ويعتبر واحداً من ستة أعمال كتبت قبل توحيد الصين في القرن الثاني قبل الميلاد، واعتبرت هذه المجموعة من الإصدارات السبع من الكتب والمراجع الكلاسيكية، وقد اكتسب هذا الكتاب شعبية بين السياسيين، فالكتاب بالإضافة إلى النظريات والمعارك يناقش الدبلوماسية والعلاقات بين الدول وأهميتها بالنسبة لكل دولة، واعتبر الأمريكان هذا الكتاب مرجعاً للعسكريين وأوصوا بأن يطلع عليه كل رجال الاستخبارات العسكرية والمخابرات المدنية، وقد اكتشف بعض العلماء نصوصاً قديمة كتبت على أوراق أشجار البامبو في السبعينات ومن بين هذه النصوص: فن الحرب، والأساليب العسكرية لمؤلفه صن بن وهو أحد أحفاد صن تسو.
أثر الكتاب
كتاب "فن الحرب" أثر في شخصيات تاريخية ذات أهمية وأول هؤلاء إمبراطور الصين الذي وحدها، كما لعب الكتاب دوراً مهماً في اليابان وقد اعترف بقيمة الكتاب مقاتلو الساموراي، كما قيل أن الإمبراطور الفرنسي نابليون قد درس الكتاب واستخدم تعاليمه في حروبه ضد بقية دول أوروبا، ويقال أن جهله بالقواعد الرئيسة للكتاب كانت سبباً في هزيمته في روسيا، وهناك ما يشير إلى أن قائد الأسطول الياباني توجو هيماشيرو الذي قاد القوات اليابانية للنصر ضد روسيا خلال الحرب الروسية – اليابانية كان مولعاً بكتاب "فن الحرب"، بل إن الزعيم الصيني ماوتسي تونج أشار إلى أن جزءاً من نجاحه ضد شيانج كاي شيك في عام 1949 يعود لإطلاعه على هذا الكتاب، ومن جهة أخرى يعتبر الجنرال الفيتنامي فو نجوين جياب الذي اعتبر العقل العسكري المنظم والذي حقق النصر ضد القوات الفرنسية والأمريكية في فيتنام مما دفع الأمريكيين للإطلاع على كتاب فن الحرب ومقالات مؤلفه، ويعتبر الكتاب حالياً مرجعاً في البرامج الثقافية العسكرية الأمريكية، وقد ثبت أهمية الكتاب خلال حرب الخليج في عام 1990 حيث استخدم كل من نورمان شوارزكوف والجنرال كولين باول مبادئ كتاب صن تسو في مجال الخداع Principles of Deception وما حملته من آراء حول السرعة والاستفادة في الهجوم من ضعف العدو.
من خلاصة كتاب "فن الحرب"
من أقوال صن تسو في الجزء الأول الخاص بوضع الخطة:
- إن فن الحرب ذو أهمية بالغة للدولة.
- إنها قضية حياة أو موت، وهي طريقة للبقاء أو للاندثار لهذا فهو موضوع ذي استحقاق ولا يمكن تجاهله أو إهماله مهما كانت الأسباب.
- إن فن الحرب محكوم بخمسة عوامل ثابتة، يجب أن يتم أخذها بالحسبان عند السعي لمعرفة حالات الفوز في المعركة، وهي:
1- القانون الأخلاقي (المعنوي): إذ أن هذا القانون يجعل الناس في اتفاق كامل مع حكامهم لذا سيتبعونه دون مهابة لأي خطر.
2- السماء: والسماء تبين الليل والنهار، البرودة والحرارة، الأوقات والفصول.
3- الأرض: أما الأرض فتشمل المسافات العظيمة والصغيرة، الخطر والأمان، الأرض المفتوحة، والممرات الضيقة، وفرص الحياة والموت.
4- القائد: يتحلى بخصال الحكمة، والصدق والتسامح والشجاعة والصرامة.
5- الطريقة: إن الطريقة والانضباط يجب أن تفهم على أنها قيادة، وتنظيم الجيش بأقسامه الصحيحة، وكيفية إعطاء الراتب للضباط وصيانة الطرقات التي يمكن أن تستخدم لإيصال الإمدادات للجيش، والتحكم بالإنفاق العسكري.
هذه الرؤوس (أي القواعد) الخمسة يجب أن تكون مألوفة لأي قائد فمن يعرفها سيكون المنتصر، ومن يعرفها لن تطاله الخسارة، لذا عليك في مشاوراتك أثناء السعي لتحديد الحالة العسكرية، أن تجعل هذه الرؤوس هي أساس المقارنة.
محاولة فهم الصين الحديثة
يذهب بعض المحللين إلى أن محاولة فهم مبادئ كتاب "فن الحرب" وأهميته من ناحية تاريخية قد يقود إلى فهم محاولة الصين واندفاعها لتكون قوة عظمى في القرن الحادي والعشرين.
من أقوال المؤلف
- إن الدولة التي تم تدميرها مرة لا يمكن أن تعود لسابق مجدها، تماماً كما أن الموتى لا يعودون في هذا العالم إلى الحياة ثانية.
- القائد المميز يقود دون حاجة للقوة.
- كل شيء ممكن في الحب والحرب.
- كل الناس يمكن أن يعرفوا التكتيك الذي اتبعته لتحقيق النصر، ولكن سيصعب عليهم معرفة الاستراتيجية التي اتبعتها لتحقيق النصر.
- كل الحروب تبنى على الخدعة، بل الحرب إنما هي خدعة.
- ليس هناك حرب تخاض دون الاستعانة بالاستخبارات، وما عليك إلا أن تقدم للعدو الطعم لتخدعه.
- أدعي إنك ضعيف عندما تكون قوياً، وقوياً حينما تكون ضعيفاً.
- أبني لعدوك جسراً ذهبياً لتستطيع الانسحاب فيما بعد عبره.
- هل تتخيل ما يمكن أن أفعله إذا تهيئ لي فعل ما أطمح إليه؟
- أقنع عدوك بأنه لن يفيد كثيراً من الهجوم عليك وهذا سيقلل من حماسته.
- حتى أفضل السيوف إذا غمسته في ماء مالح سرعان ما يصدأ.
- أن تنتصر في 100 معركة ليس هذا ذروة النجاح، ولكن أن تخضع عدوك دون قتال هذا هو ذروة النجاح.
- إذا كانت أوامر القيادة ليست واضحة ولا مفهومة فالعيب في القائد.
- إذا كانت الأوامر واضحة ولا تجد استجابة من الجند فاللوم على الضباط.
- إذا كنت بعيداً عن العدو أشعره بأنك قريب منه.
- إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك فلا تخف نتيجة مائة معركة.
- إذا كنت لا تعرف العدو ولا تعرف نفسك فالنتيجة الفشل في كل معركة.
- في السلم استعد للحرب، وفي الحرب استعد للسلم.
- في فن الحرب الأفضل الاستيلاء على أرض العدو سالمة لا تحطيمها.
- الدفاع يعني أن لا تقهر والهجوم يعني احتمال النصر.
- من الضروري أن تلقي القبض على جواسيس العدو ورشوتهم ليعملوا لصالحك.
- اعتبر جنودك كأطفالك وسيتبعونك ويقفون معك حتى الموت.
- الماء يتشكل وفقاً لطبيعة الأرض التي يعبرها، والجندي يعد للنصر من خلال تصرفات العدو الذي يواجهه.
- القدماء كانوا يعتبرون المقاتل الذكي ليس من ينتصر بل من ينتصر بسهولة.
- عجلات العدالة تطحن في بطء ولكنها تحسن الطحن.
- عندما يمدحك مندوب العدو تزلفاً أعلم أن العدو يريد الوصول إلى هدنة.
- عندما يعامل القائد جنوده بالعدل والحق، ويضع ثقته فيهم فإن هذا يدفعهم ليتحدوا ويخدموا بسعادة تحت قيادته.
- إذا كان العدو قوياً..تجنبه، إذا كان يتمتع بروح عالية ثبط همته وإذا بدا غير مبال أرهقه، إذا بدوا جميعاً موحدين..فرقهم، وأفصلهم عن بعضهم البعض ثم هاجمهم من حيث تشعر بضعفهم واتخذ عنصر المفاجأة.
- عندما تحاصر العدو اترك له مساحة للهروب، ولا تضغط كثيراً وبشدة على العدو اليائس.
- عليك قبل كل شيء أن تؤمن بنفسك.
- هناك خمس للنصر:
1- ينتصر من يعرف متى يقاتل ومتى يتوقف عن القتال.
2- ينتصر من يعرف كيف يقود القوات المميزة وتلك الضعيفة.
3- ينتصر من يعرف أن قواته جميعها تقاتل بروح معنوية عالية.
4- ينتصر من يعرف كيف يعد نفسه وينتظر اللحظة التي يكون فيها عدوه غير مستعد.
5- ينتصر من يعرف أن لديه القوة العسكرية وأن غيره لن يتدخل في عمله وجهده.
وماذا بعد
هذا الكتاب The Art of War "فن الحرب" ليس كتاباً مميزاً فقط للقراء من العسكريين، وإنما ظل مصدر إلهام للمنظرين العسكريين وللعديد من كبار القادة منذ صدوره، كما أصبح مقروءاً بل ومفضلاً لدى القادة السياسيين ورجال الأعمال.