وسط تقارير عن نقل 3500 أويغوري صيني مع عائلاتهم في آب الماضي إلى الزنبقي في ريف جسر الشغور، بعد طرد السكان من القرية، يبدو أن "الحزب الاسلامي التركستاني" يعزز قاعدته السورية، بعدما نسبت اليه أخيرا أدوار متقدمة في سلسلة من العمليات الانتحارية والهجمات على مواقع النظام.
"الحزب الإسلامي التركستاني" المنادي بالانفصال عن الصين يضم مقاتلين من الاويغور، وهي الاتنية المسلمة التي تقطن اقليم شينجيانغ في غرب الصين. دعوات النفير الى سوريا أثارت حماسة هؤلاء منذ بداية الثورة السورية ، وانضم عدد منهم الى "حركة أحرار الشام" الا أن تنظيمهم بدأ فعليا مطلع 2012 . في بداية الاضطرابات كان يدخلون فرادى الى سوريا عبر تركيا، قبل أن يبدأ مطلع 2012 تنظيم دخولهم وعملهم في سوريا، الى أن شكل الحزب مطلع 2013 فرعا سوريا له باسم "الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام".
تفيد التقارير الميدانية عن مشاركة مقاتلي الحزب في معارك عدة في الشمال السوري ، وتحديدا في ادلب وريف تحت راية "جبهة النصرة" حيناً، وحركات اسلامية أخرى. ولكن معركة جسر الشغور شكلت نقطة تحول في نشاطه، بعدما شكل رأس حربة فيها.ولعل أحد أبرز "أدواره" الاخيرة كان في السيطرة مع فصائل أخرى على قاعدة ابو الظهور والتي أفقدت الجيش السوري آخر نقاط له في محافظة إدلب.
الدور الذي يضطلع به هذا الفصيل الاسلامي في سوريا يلفت انتباه المتابعين للحركات الانفصالية في الصين.
المديرة السابقة لسياسة الصين في وزارة الخارجية الاميركية كريتستيا لين لاحظت أن "الارهابيين الاويغور يؤسسون قاعدة لهم في سوريا"، وأن هؤلاء يتحركون في اشراف الاستخبارات التركية التي تصدر جوازات سفر مزورة لتعبئة أويغور صينيين للجهاد في سوريا.
الباحثة في مركز العلاقات عبر الاطلسي في جامعة جون هوبكينز تربط ايضا بين تحركات الاويغور في سوريا وتفجير المعبد الذي يقصده سياح روس في بانكوك .وفي تقديرها أنه من خلال الدعم التركي لـ"جيش الفتح"، بات "الحزب الاسلامي التركستاني" يحتل موقعا متقدما في التحالف العسكري المناهض للنظام.
في اشرطة الفيديو التي سجلت للهجوم على جسر الشغور، برز خصوصاً الناطق باسم "الجيش الاسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام" أبو رضا التركستاني.وهو ظهر في الفيديوات يتقدم المقاتلين لاحتلال مبنى ويتسلق برج ساعة لغرس علم ابيض وأسود على نسق راية "جبهة النصرة" ومكتوب عليه بالعربية "الحزب الاسلامية التركستاني".
مع هذا الدور المتقدم لـ"الحزب الاسلامي التركستاني" في سوريا والتعزيزات المستمرة التي يحصل عليها، تقول الباحثة إنه سيكون على الصين تنفيذ توصياتها لعام 2013 و مواجهة "حركة تركستان الشرقية الاسلامية قبل ان ينمو التهديد"، وهي تقصد بذلك ارسال جنود الى سوريا.
في المبدأ تعتمد الصين سياسة "عدم التدخل" التي تعد إحدى ركائز السياسة سياستها الخارجية.ومثل هذا الامر قد يقوض فرضية ارسالها جنودا الى سوريا، الا أن لين تقول أن عدم التدخل ينطبق اكثر على التورط في الشؤون الداخلة لدول أخرى، على غرار الميول الغربية "لانتهاك سيادة دول أخرى وخلع انظمة غير ديموقراطية"، ولا يعني عدم التحرك في حال كان امن الصين ومصالحها في خطر.
لا شك في أن الصين تراقب بقلق الادوار المتقدمة التي يضطلع بها المقاتلون الاويغور في الهجمات والعمليات الجهادية في سوريا.
من الطبيعي أن يثير الزخم المستجد للحزب مخاوف السلطات في بيجينغ من أن تصير شينجيانغ أفغانستان جديدة وتسير على خطى العراق وسوريا ملاذا للارهابيين.
وعلى غرار موسكو التي ترفع شعار مكافحة الارهاب، بما فيهم شيشانيين، لتبرير ارسالها معدات وقوات الى روسيا، ليس معروفا ما اذا كانت بيجينغ تشعر بان ثمة حاجة بأن تدفع ايضا جنودا الى الحرب السورية.
وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال صراحة الجمعة إن بلاده قد تطلب قوات روسية اذا اقتضت الحاجة، في ما يمثل غطاء "شرعيا " لاي تدخل روسي محتمل في سوريا.والامر نفسه قد ينطبق على الصين ودول أخرى في منظمة شنغهاي للتعاون.
تختصر لين المشهد قائلة إنه مع توسيع تركيا نفوذها في سوريا عبر "الحزب الاسلامي التركستاني" وطموحاته لاعادة تأسيس "العالم التركي من البحر الادرياتيكي الى السور العظيم" للصين، يمكن بيجينيغ بناء على طلب من سوريا التي تتطلع الى عضوية منظمة شانغهاي، ارسال جنودها على طول "طريق الحرير" ل"مقاتلة حركة تركستان الاسلامية الشرقية قبل أن ينمو التهديد".
----------
الكاتبه : موناليزا فريحه