تبدو الحرب الأهلية في سوريا مستعصية على الإيقاف. وفي غضون أربع سنوات أودت بـ 250 ألف شخص، وشردت نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم قبل الحرب 23 مليون شخص، وأوجدت تنظيم «داعش»، الذي وعد بأن يسيطر على المنطقة وألهم هجمات فردية على امتداد العالم الغربي.
مساعي السلام
لتصور كيفية إنهاء الحرب الأهلية في سوريا في نهاية المطاف، فإن من المفيد النظر في كيف انتهت الحروب الأهلية بشكل عام، والتساؤل عن النهج الذي قد يطبق على سوريا في هذه الحال.
النهج الأكثر وضوحاً لإنهاء حرب هو تحقيق انتصار عسكري صريح بهزيمة طرف لطرف آخر، على غرار نهوض الجبهة الوطنية الرواندية وتصديها لقبيلة الهوتو التي قادت الإبادة الجماعية في عام 1994. وفي سوريا، فإن الجماعتين الأقوى، وهما الأسد وجيشه وتنظيم «داعش» بمتطرفيه، ليسا مقبولين كمنتصرين، من منظور المصالح الغربية.
ويمكن إنهاء الحرب ثانياً عبر تدخل قوة خارجية في الصراع، ويمكن الفوز في هذه الحالة عبر الاصطفاف من جانب هذه القوة مع طرف بعينه. وبعيداً عن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، فإن من الأمثلة الجيدة على هذا النموذج إطاحة تنزانيا بحكم الرئيس عيدي أمين في أوغندا، وإطاحة الجيش الفيتنامي بالخمير الحمر في كمبوديا. وتركيا أو إسرائيل هما وحدهما اللتان لديهما القدرات للقيام بذلك في المنطقة، والولايات المتحدة لديها إمكانية القيام بذلك من بعيد، وهذه القوى ليست معنية بالقيام بذلك.
الحل الكونفيدرالي
والخيار الثالث هو التوصل إلى حل وسط عبر التفاوض على تسوية لتحقيق السلام. وهذه هي الطريقة التي تسعى أطراف عدة إلى تطبيقها في سوريا اليوم. إلا أن هذا النهج يطبق فقط عندما تستنزف أطراف النزاع. وهذا ما اتبع عقب عقد من القتال في أنغولا وموزامبيق بعد الحرب الباردة، أو كما حدث في أميركا الوسطى. وقد يطبق هذا النهج أيضاً عندما يدرك أحد أطراف النزاع أنه ليس بإمكانه الفوز بالحرب من دون أن يكون قد هزم تماماً، وذلك على غرار ما يحدث مع حركة «الفارك» في كولومبيا حالياً. وسوريا ليست بها هذه القوة العسكرية المحايدة.
الخيار الأخير هو التقسيم أو الكونفيدرالية. وما من شك في أن الحديث عن التقسيم أسهل من تنفيذه، سواء كان الهدف هو إنشاء دول جديدة، أو مناطق حكم ذاتي تديرها حكومة مركزية ضعيفة. ولكن في حال أدركت الأطراف حاجتها إلى العمل سوية، وأن هناك طريقة بسيطة لتقسيم البلاد بحيث تكون عادلة وقابلة للتنفيذ عسكرياً، فإن التقسيم قد يكون ممكناً، وذلك على غرار ما انتهت إليه الصراعات في كل من البوسنة وكوسوفو، وبين إرتيريا وأثيوبيا وبين شطري السودان. وعادة ما يطبق هذا النهج عقب سفك كثير من الدماء، كما يتطلب الأمر تدخل قوات حفظ السلام الدولية وانتشارها على طول خطوط التقسيم.
ومن بين هذه الحلول الأربعة فإن المبادرة الأخيرة هي التي تبدو أكثر واقعية في سوريا. ومع ذلك فإن تطبيق هذه الخطة يبدو أمراً صعباً، بالنظر إلى التداخل العرقي في المدن المركزية في البلاد. ومع ذلك فإن هناك فرصة معقولة بالمقارنة مع الخطط الأخرى.
الإبادة الجماعية بوتيرة هادئة تحدث الآن في سوريا، وهذا ما يعرض حلفاء أميركا في المنطقة بالإضافة إلى المواطنين الأميركيين للخطر. وليس هناك من استراتيجية ممكنة الآن للتعامل مع الشأن السوري. والعمل نحو تأسيس كونفيدرالية في سوريا قد يكون أفضل حلّ لإيجاد مخرج للأزمة الحالية.
واقع الصراع
الواقع اليوم في سوريا هو أنه سيتم تطبيق أحد أربع نماذج لحل الصراع. وبالنظر إلى الخيارات المطروحة، فليس هناك من مرشح لتطبيقها. فأطراف الصراع متطرفون جداً، وهم بعيدون عن تحقيق أي نتيجة ترجى من العمل العسكري. ولا تملك أي قوة خارجية الإرادة والوسائل من أجل فرض حلٍّ .
ويتميز النهج الكونفيدرالي بخاصية غير موجودة في الطرق الأخرى . فعن طريقه يمكن تحقيق بعض الأهداف المهمة حتى في حال فشله في تحقيق أهداف أساسية.
----------
الكاتب : مايكل أوهانلون