أعاد أحد المثقفين البريطانيين نقاشا كان قد فتح قبل شهور، حول إمكانية توفير ملاجئ في شمال إفريقيا، لأفواج المهاجرين الراغبين في العبور إلى القارة الأوربية.
ودعا دوكلاس كير ميري، أحد أبرز المحافظين الجدد البريطانيين، إلى دفع أموال لفائدة كل من المغرب وتونس، من أجل توفير ملاجئ للمهاجرين العرب ومن إفريقيا جنوب الصحراء، الراغبين في العبور إلى بلدان القارة الإفريقية.
وكتب دوكلاس ميري، المعروف بمواقفه المتطرفة ضد المسلمين في أوروبا، في الموقع الإلكتروني لمركز التفكير "The Gatestone Institute"، أن على الاتحاد الأوروبي من جهة، وتونس والمغرب، من جهة أخرى، أن يوقعوا اتفاقيات في هذا الشأن، ترمي إلى احتفاظ البلدين المغربيين بالمهاجرين، مقابل أموال تدفعها لهما هذه الدول الأوروبية.
وفي السياق ذاته، شدد ميري، على ضرورة أن تفاوض فرنسا الجزائر، من أجل أن تقوم بنفس دور المغرب وتونس وإبعاد المهاجرين عن أوروبا، وذلك بـ"اعتبارها مستعمرة قديمة لفرنسا".
واعتبر المصدر ذاته، في مقاله المعنون بـ"هل تقتل أزمات المهاجرين الحلم الأوروبي؟"، أن دول الاتحاد يمكنها أن تدعم إنشاء مراكز للمهاجرين في شمال إفريقيا، وذلك لحاجة دول شمال المتوسط لهذه المراكز من أجل التخفيف من أزمة المهاجرين التي تعيشها هذه الدول.
هذه الملاجئ، يؤكد الباحث البريطاني، ستكون موجهة بالأساس إلى اللاجئين السوريين، وكذا الهاربين من الحرب الأهلية، في عدد من الحروب الأهلية في إفريقيا كإيريتيريا، بعدما أصبحت هذه الدول، أكثر تصديرا لأفواج من المهاجرين الراغبين في عبور مياه البحر المتوسطي.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، قد عبر، قبل أشهر، عن رفضه لمقترح خلق ملاجئ للمهاجرين في المغرب، وذلك خلال زيارته لجمهورية التشيك، التي كانت قد اقترحت على الاتحاد الأوروبي إلزام دول شمال إفريقيا، بإقامة مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة كبديل للفكرة التي كانت إيطاليا قد اقترحتها، والمتمثلة في توزيع المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الأوروبية.
وعلق الخبير في الشؤون الإفريقية، الموساوي العجلاوي، في تصريح لجريدة "هسبريس"، أن مثل هذه المقترحات تعكس انهيار القيم في أوروبا خاصة لدى الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي حولت قضية المهاجرين، إلى "ورقة انتخابية من أجل كسب المزيد من الأصوات في سياق اقتصادي ومالي خاص".
وبالرغم من هذا التوظيف السياسي لهذه الورقة، إلا أن العجلاوي، يعتقد أن صورة الطفل السوري الغريق في إحدى السواحل التركية "هزت العالم وحركت ضمير الشعوب الأوروبية، وهذا ما أسفر على قبول المهاجرين".
وأكد الخبير في الشؤون الإفريقية، أن قضية هجرة السوريين بالخصوص تعتبر إدانة للعالم كله لما يقع في الشرق الأوسط، مضيفا بأن "البعض يحاول أن يرمي بكرة إيجاد حلول لهذه الأزمة إلى الطرف الآخر"، في إشارة منه لدول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وعن مدى اقتناع الغرب بهذه المواقف، أوضح المتحدث ذاته، أن هذه الآراء لا تجد لها مؤيدين لدى الرأي العام الغربي، واصفا التصريحات التي خرج بها بعض قادة حزب يميني متطرف بفرنسا خلال هذا الأسبوع، بأنها "مثيرة للاشمئزاز في ما يخص مسألة الهجرة".
وباستثناء المغرب، الذي يعرف استقرارا سياسيا وأمنيا بالمقارنة مع الدول الأخرى في المنطقة، شدد الموساوي العجلاوي، على أن المملكة لا يمكن أن تقبل بالمس بهذا الاستقرار من خلال احتضان المهاجرين.
موقف يعززه خطاب الملك محمد السادس الأخير في ذكرى ثورة الملك والشعب، الذي أكد أن المغرب لن يكون بلدا للجوء، وهذا ما اعتبره العجلاوي، بمثابة موقف واضح، تبرره دواع أمنية استبعادا لأسباب "اللااستقرار في المنطقة".