في بدايات المعركة (مرحلة درع الصحراء) تم عمل خطة مفصلة للحرب النفسية ضد الجيش العراقي. و تم هذا بمساعدة مجموعة عمل الحرب النفسية الرابعة في الجيش. استغرقت الخطة عدة اسابيع في اروقة البيروقراطية في واشنطن دون اي اخبار عن الموافقة. و بعد معركة كلامية مع شوارتزكوف، وافق تشيني على خطة معدلة في شهر ديسمبر. و بعدها اخر السعوديون تنفيذ الخطة لبعض الوقت بسبب مخاوفهم من ان دعوة الجيش العراقي لعصيان صدام حسين قد تتسبب ببدء الحرب البرية قبل اوانها. و اخيرا يوم 12 يناير، قامت طائرة نقل من طراز C-130 بقذف اكثر من مليون منشور على حدود الكويت الجنوبية بما شكل اعنف حملة نفسية في تاريخ الحروب.
كان هدف شواتزكوف الذي اشرف شخصيا على الحملة هو اقناع الجندي العراقي ان الهزيمة محتومة و سحق روحه المعنوية. ورغم الفشل في استخدام الحرب النفسية في فيتنام، فقد كان شوارتزكوف مؤمنا بنجاعة هذا الاسلوب ووجوب تجريبه. و كان يرجع لاقتباس عن المفكر العسكري كلاوسفيتز "قتل معنويات العدو مهم مثل قتل العدو نفسه".
كانت كمية المواد الاعلامية التي القيت قبيل نهاية الحرب حوالي 30 مليون منشور. و استخدم الجيش 6 مطابع للجيش الامريكي و مطابع الجيش السعودي و مطابع القطاع الخاص تعمل على مدار الساعة لانتج الاوراق بقياس 3 * 6 انش و باربع الوان. و هو ما اعتبر افضل قياس ليسمح للاوراق ان تطير اطول وقت ممكن و ان تغطي اكبر مسافة ممكنة. و تم تجريب القاء المنشورات من ابراج عالية بما يسمح بقياس زمن الهبوط و تغطيته. و تم حشو المناشير في قنابل ركبت على طائرات B-52 و F16 و F-18 مع فيوزات خاصة لتنفجر على ارتفاع عال.
تم تطوير 50 نموذج لهذه المنشورات. و قسمت الى 7 مجموعات حسب الموضوع. مثلا كان هناك منشورات بغرض التخويف، حيث تظهر صورة اكفان محمولة على سيارات التاكسي (مشهد مألوف في الحرب العراقية الايرانية). مع كلام من قبيل (الوقت ليس في صالحك).
بناء على اقتراح شوارتزكوف كان يتم اسقاط المنشورات على الوحدات قبيل قصفها بطائرات B-52 و كانت تحمل تحذيرا: هذا هو الانذار الاول و الاخير! غدا سوف تقصف الفرقة كذا مشاة. اترك موقعك الان!. و بعد الغارة ترسل منشورات اخرى "غارات الامس كانت مثالا على قوة التحالف! مرة اخرى نعطيك الفرصة للنجاة" و مرة اخرى تقصف الطائرات و تعيد القاء المناشير. مناشير اخرى تركز على ان يترك الجندي العراقي معداته و ان يسلم نفسه.
و قد تعاون الجيش الامريكي مع مهربين لالقاء 12 الف قارورة على ساحل الكويت، و كل قارورة محشوة بمنشور يظهر المارينز يرصدون الشاطئ قبيل قدوم موجة عاتية. و تم تهريب 50 الف شريط كاسيت للعراق و الكويت تحوي اغاني عربية مشهورة و في وسط التسجيل رسائل ضد صدام حسين. و تم تحويل اذاعة صوت الخليج لاذاعة الاخبار و مواد البروباغاندا على 6 موجات. و حلقت طائرتا ُEC-130 قرب الحدود مع مكبرات صوت تبث نداءات مسجلة للاستسلام باصوات عراقيين سبقوهم في ذلك. و تم تشكيل 60 فريق مع مكبرات صوت ضخمة و نشرهم بين وحدات الجيش الامريكي و المارينز لبث نفس الرسالة.
و يبقى السؤال عن مدى نجاح تلك الحملة يحتمل مختلف الاراء. فبدل فيضان المتسربين من الجيش الذي توقعته قيادة الاركان، كان معدل التسرب اقرب للتنقيط. و معظم من تسرب كانوا مجندين من رتب منخفضة. بعد الحرب كشف مسح ميداني على اسرى الجيش العراقي انهم كلهم رأوا المواد الاعلامية. و ان 7 من كل 10 اسرى قال ان هذه المواد كانت عامل في قرارهم ان يستسلموا.
في فبراير 20 اشارت حادثة في المسرح الغربي الى ان بعض القوات العراقية صارت على وشك الانهيار. حيث رصدت طائرات الاباتش تحصين دفاعي عراقي عند ثقب الحاج (60 كم شمال الحدود) و بعد قصف لاربع ساعات (اضرار طفيفة) تم انزال 3 جنود لادارة الحرب النفسية و بثوا نداءات استسلام. و على اثر ذلك استسلم 435 من افراد الفرقة 45 مشاة. و خلال ساعات انقلبت سعادة شوارتزكوف بنجاح تلك المعركة في الحرب النفسية الى غضب. فقد اظهرت تقارير الصحافة الجنود الامريكيين الذين اسروا العراقيين و اظهرت الصور بوضوح انهم يتبعون الفرقة المجوقلة. و قال ان اي ضابط استخبارات عراقي يرى الصورة سيعرف ان الامريكان عندهم وجود كبير غرب العراق.
و في دراسة لاحقة للحرب، ظهر للامريكان ان نظام ادارتهم للحرب النفسية كان يعتريه مشاكل كبيرة. اولا لا توجد عقيدة مستقلة للحرب النفسية عن المعارك. و بالتالي تم اللجوء لما كان عند الجيش من اساليب تصلح اثناء القتال و ليس قبله. اضافة لذلك كان هناك بطء في اقرار المواد الدعائية و مشاكل في فهم نفسية الطرف العراقي (اضافة لعدم اتقان اللغة العربية!).
يلخص الجدول التالي فعالية الوسائل الثلاث المذكورة على الجانب العراقي حسب ما تبين من مقابلات من تم اسرهم:
عامل الحكم مقابل الوسيلة المنشورات الراديو السماعات
مدى وصول الرسالة : 98% 58% 34%
مدى تصديق الرسالة : 88% 46% 18%
مدى تأثير الرسالة على
الانشقاق 70% 34% 16%
من الامور المثيرة للذكر ان المارينز عمدو الى ازعاج القوات العراقية بالموسيقى حتى تطلق عليهم النار و تكشف مواضعها مما كشفها للطيران. و قد نجح التكتيك 10 مرات. و قد لاحظ الجنود ان العراقيين يطلقون النار على موسيقى رعاة البقر و موسيقى الراب. اما موسيقى الروك اند رولل و نداءات الاستسلام فلم تكن تجلب رد فعل نيراني عراقي!
سوف نظهر نماذج من المنشورات كما وردت من المصدر:
(كل صفحة تمثل منشور مستقل)
---------------------------------------------
---------------------------------------------
-----------------------------------------------
تاليا نظهر نماذج من المنشورات العراقية التي ارسلت لجنود الجيش الامريكي و بعض الرسائل الاعلامية في الصحف العراقية، طبعا كانت الرسالة العراقية ضعيفة القدرة في الوصول لعدد كبير من الجنود بسبب الوضع الجوي. اضافة الى ان الضغط كان على الجندي العراقي بما لا يقاس بالجندي الامريكي. و قد تكون الفرصة الامثل للحرب النفسية العراقية هي في عند الجنود و الشعوب العربية و كذلك الشعوب الغربية
------------------------------------------------
------------------------------------------------
المصادر:
R. Atkinson - Crusade
Gulf War Air Power Survey - IV