الرواية الامريكية... و آراء المحللين
قام العديد من المحللين العسكريين بمحاولاتهم لدراسة وتحليل المواجهات البحرية فى خليج سرت إلا أن تفاصيلها لازالت طي الكتمان من أطراف الصراع رغم الرواية الامريكية وتقارير البنتاغون التى تمثل رواية أحد اطراف الصراع وكثيرا ً ما تتداخل مع الحرب الأعلامية والنفسية خلال تلك الفترة،
ولقد تعمق الخبراء السوفيت أكثر من غيرهم فى دراسة هذه المواجهات خلال الحرب الباردة لأستخلاص النتائج والدروس المستفادة وبالرغم من تواجدهم فى البحر المتوسط خلال تلك الفترة إلا أن مراجعهم الاساسية مبنية على الرواية الامريكية ، ومن بين عديد الخبراء التى تضمنت كتابتهم حول تلك المواجهات " دوتسينكو فيتالي ديميتروفيتش - الأساطيل فى الصراعات الأقليمية بالنصف الثاني للقرن العشرين " و " اليكسندر شيروكوراد - السيف الملتهب للاسطول الروسي " وكذلك العديد من الصحف والمواقع الألكترونية المختلفة ، وبالاطلاع على ماتم نشره من تحليلات وسرد للوقائع إلا ان الكثير منها متباين ،وسردنا هذا لأستخلاص المختصين والمهتمين للنتائج والدروس المستفادة ولو من بينها.
دونت العملية العسكرية فى الوثائق الرسمية الأمريكية تحت اسم " OPERATION PRAIRIE FIRE" والتى نفذت خلال 24-25 مارس 1986 ،وتم الإعداد لهذه العملية بدقة كاملة فى منتصف مارس فى الجزء الاوسط من البحر المتوسط ، حيث نشرت حاملات الطائرات الولايات المتحدة الأمريكية " كورل سي" (مجموعة حاملة الطائرات 60.1 ) ،"سراتوغا " (مجموعة حاملة الطائرات 60.2 ) " أميركا " (مجموعة حاملة الطائرات 60.3 ) وتواجدت على اسطح الحاملات أكثر من 300 طائرة ، و حوالى النصف منها طائرات هجومية ،وتتكون قطع حماية الحاملات من طرادات ومدمرات وفرقاطات ،وتم توزيع حاملات الطائرات فـي " تشكيـل عملياتـي ضـارب " والذي يدخل فى قوامه غواصات نووية متعددة الأغراض ، وفى منطقة التشكيل تواجدت خمس سفن إنزال على متنها قوات المشاة البحرية ،وتخضع جميع القوات لسيطرة قيادة الأسطول السادس الأمريكي من على متن سفينة القيادة " Coronado " ، مجهزة من سفينة - سطح مروحيات إنزال ، وكذلك مزودة بمعدات أتصالات عبر الأقمار الصناعية تتيح لها الاحتفاظ بالاتصال المستمر مع قطع الأسطول السادس وكذلك مع البنتاغون و حتى مع رئيس الولايات المتحدة الامريكية.
19-21 مارس تم نشر منظومة السيطرة العملياتية الآلية للأسطول السادس ،21 مارس بدأت قوات التشكيل العملياتي -60 بالاشتراك مع سفن تشكيل الشؤون الادارية العملياتي -63 فى الانفتاح قبالة سواحل تورينو Tyrrhenian Seaـ 22-23 مارس جميع القوات أحتلت مناطق المناورة القتالية و انتظمت في تشكيلات قتالية .مع الساعة السابعة صباح 24 مارس بدأت طائرات الحاملات فى العمل موازية لخط 30 32 بهدف مواصلة الاستطلاع الأضافى للدفاعات الجوية الليبية ، وارتفعت فى الجو طائرة الاستطلاع الراداري البعيد المدى والسيطرة " Hawkeye " E-2C والتى قامت بالسيطرة على جميع المجموعات الضاربة والداعمة حيث تواجدت هذه الطائرة على بعد 300 كم من الساحل وعلى أرتفاع 4000 -6000 متر ،فى الساعة الواحدة نهارا ً دخلت فى خليج سرت مفرزة من ثلاث قطع حربية متكونة من الطراد الصاروخي "Ticondroga " CG-47 ومدمرتين " Scott " DDG-995 و " DD-970 " Caron ،ولم تقم الطائرات الامريكية فى هذا اليوم بأختراق الأجواء الليبية حيث قامت بالدورية على مسافة 100 -130 كم من الخط الساحلي ، مع محافظتها الدائمة على وضع الدفاعات الجوية الليبية فى حالة توتر.
فى 24 مارس الساعة 40: 13 قامت الدفاعات الجوية الليبية بأطلاق صاروخين من منظومة S-200 "فيغا" على طائرتين امريكيتين كانتا تطيران تحت الخليج ،وظهرت علامات إصابة الاهداف على شاشات المراقبة - فقد الارتفاع و السرعة ،وبعد ثلاث ساعات تم إجراء إطلاق صاروخ أخر والذي ايضا ً اصاب طائرة مقاتلة ،وبحسب بيانات الامريكان جميع الصواريخ اخطأت الأهداف .
مساء 24 مارس الساعة 29 19 وبعض المصادر تذكر الساعة 00 23 بحسب بيانات طائرة الاستطلاع الراداري البعيد المدى والسيطرة "Hawkeye " E-2C تابعت زورق صاروخي منذ لحظة خروجه من طرابلس ،ثم قامت بتوجيه طائرتين هجوميتين " Grumman A-6 Intruder " من على متن حاملة الطائرات " أميركا" الى الزورق الصاروخي وميض الفرنسي الصنع طراز " La Combattante" الذي تم بنائه فى 30/09/1980 أثناء قيامه بمهام الدورية على مسافة 80 ميل من شمال شرق مصراتة ،وبحسب صحيفة " نيويورك تايمز" فإن الزورق أقترب من السفن الأمريكية على مسافة 10 ميل ،وكان مزودا بصواريخ وقادر على الأقل الاطلاق على إحدى حاملات الطائرات ،وأعلن مسؤول فى البنتاغون فى 26 مارس بأن الصواريخ التى يحملها الزورق يصل مداها الى 38 ميل واضاف أن الأسطول تابع القطعة الليبية لأكثر من ساعة ،ولكنه لم يذكر لماذا لم يهاجم الاسطول الزورق قبل ذلك الى أن اقترب من حاملة الطائرات والسفن المرافقة لهاعلى مسافة قريبة ،وتم تنفيذ الهجوم على الزورق وفق المخطط التالي : أستلام الدلالة على الهدف من طائرة الاستطلاع ،تدقيق المسافة الى الهدف بواسطة المحطة الرادارية ، القياس الاختباري للمسافة بواسطة محدد المدى الليزري ،إطلاق الصواريخ ،وفى النقطة المحددة قام الراس الحربي للصاروخ " هاربون" بإمساك الهدف واستطاع إصابة الهدف مباشرة في الجزء العلوي للزورق ،وأنفجار الجزء الحربي المتشظي الذي يحوي على مادة متفجرة يبلغ وزنها حوالي 227 كجم ، فنتج عنه تدمير الساري والجزء العلوي بالكامل ،وأستشهاد كل من تواجد بالأقسام القتالية العلوية و الجزء العلوي للزورق من بينهم آمر الزورق " نقيب بحار / شقليلة " ،وأتضح فى وقت لاحق أستشهاد 16 فرد من طاقم الزورق ، وظل المحرك الرئيسي يعمل ولولا الحريق لأستطاع الزورق أن يصل الى أقرب ميناء ،ولكن منظومة مكافحة الحريق خرجت من الخدمة " تعطلت" وحاول باقي افراد الطاقم الصغير العدد جاهدين إطفاء الحريق مع تزايد النيران بواسطة أسطوانات مكافحة الحريق إلا ان ذلك كان غير ممكن ،وبسرعة تصاعدت النيران الى مستودع الذخيرة ،وندرك بأنه فى هذه الحالة لايوجد أمل فى إنقاذ الزورق ،على اثر ذلك قام افراد الطاقم المتبقيين بإنزال قارب النجاة وترك الزورق الذي يحترق ، وعملية الأنقاذ لم تستغرق اكثر من خمسة دقائق ، وخلال عدة دقائق انتشرت النيران على كامل مقدمة الزورق وبدأت تنفجر ذخائر المدفعية عيار 76 مم ، وعلى علو منخفض كانت تحوم طائرة مقاتلة امريكية وتطلق نيران مدافعها الرشاشة على الناجين فى قوارب النجاة ، وبعد مغادرة القارب الزورق بمسافة تزيد عن الميل دوت عدة أنفجارات قوية ويبدو انها انفجارات صواريخ Otomat وبعد فترة قصيرة غرق "وميض" .
فى الليلة نفسها انفصل عن التشكيل العملياتي - 60 ،الطراد الصاروخي " Yorktown " وأتجه الى خليج سرت والمحتمل انه كلف بتوجيه ضربة صاروخية على إحدى الأهداف الساحلية فى منطقة بنغازي ،ويتكون تسليح الطراد من منصتي إطلاق رباعية لصواريخ "هاربون " المضادة للسفن بمدى يصل الى 110 كم ،بالاضافة لذلك زود الطراد بمنصتي إطلاق صواريخ دفاع جوي " إيجيس" ،ومدفعية 127 مم ومدفعية م /ط 20 مم وأسلحة طوربيدية، وتبلغ إزاحة الطراد 9200 طن ، وعندما وصل الطراد الى مسافة 70 ميل من الساحل أكتشف مشغل رادار "ايوركتاون" هدفا على شاشة الرادار ،وتم تصنيفه فى البداية على انه سفينة صيد ،فأمر آمر الطراد بمواصلة مراقبة الهدف وأتضح بعد ذلك أن الهدف الخافرة الصاروخية الليبية ( عين زقوط تحمل الرقم 419 ،سابقا ً الخافرة الصاروخية المتوسطة -15 ، الرقم المصنعي 207 ) والتى كانت فى دورية على بعد 20 ميل غرب بنغازي ،وللمحافظة على السرية كانت الخافرة تناور بسرعة بطيئة وكانت الرادارت فى حالة إغلاق وكذلك إطفاء الأنوار الملاحية ،وبعد تقليص المسافة بين الخافرة عين زقوط و الطراد الصاروخي " ايوركتاون" الى 11 الميل ،قام آمر الخافرة بتشغيل الرادار للحظات وبمجرد انتهاء اللفة الثانية تم إيقاف عمل الرادار للمحافظة على السرية ،إلا ان ذلك كان كافيا ً لأمر الطراد الصاروخي " ايوركتاون" بما لايترك مجالا ً للشك بأنه يوجد على خط سيره مباشرة خافرة صاروخية معادية وليس سفينة صيد ،والتى تستطيع فى اي لحظة إطلاق صواريخها بأتجاه الطراد وخلال فترة قصيرة من تقدير الموقف ،أعطى آمر الطراد اوامره بإطلاق الصواريخ ،فى الساعة 21.55 بفاصل عدة ثواني تم إطلاق صاروخين "هاربون" فأصابة الخافرة ،الصاروخ الأول اصاب جانب الخافرة أعلى خط العوم بقليل فسبب فى أنفجار قسم المحركات مما نتج عنه فقد السيطرة على الخافرة وبدأت تتسرب المياه داخل الخافرة ،وبعد إصابة الصاروخ الثاني بداء اللهب يحيط بكامل الخافرة وبصول النيران الى خزانات الوقود امتدت النيران للقطعة ،وكانت عملية مكافحة النيران بدون فائدة وبسرعة إزدادت شدة النيران ووصلت الى وقود الصواريخ فسبب فى حدوث أنفجاربالقطعة ،وبعد خمسة دقائق أصبحت الخافرة كشعلة محترقة وبميلان نحو المؤخرة بدأت الخافرة تغوص ،وبعد 15 دقيقة غرقت الخافرة بكامل أفراد طاقمها
ليلة 24 -25 مارس قام الامريكان بمهاجمة ميناء بنغازي باستخدام قنابل عالية الدقة ونتج عنها إصابة سفينة إنزال ،وبحسب بيانات اخرى تم إ صابة خافرة صاروخية اخرى طراز Nanuchka ( المشروع E 1234 ) حيث خرجت الخافرة الى خليج سرت وتم اكتشافها بواسطة طائرة الحاملة "سراتوقا" وتم مهاجمتها باستخدام قنابل " Mk.20 Rockeye " العالية الدقة واصيبت الخافرة بأضرار إلا انها اختبت بجوار سفينة محايدة وفى المساء عادت الى بنغازي ، و عند صد الهجوم أكد الليبيون إصابة طائرة امريكية F-14 Tomcat فى ليلة 24-25 مارس قامت طائرة امريكية من حاملة طائرات " سراتوقا" بمهاجمة رادارين متواجدين فى مدينة سرت ،حيث استخدمت فى الهجوم الأول الصاروخ المضاد لرادارات AGM-88M " هارم "وخلال الهجوم الثاني قامت الطائرة الهجومية A-7E بدعم 14 طائرة ،وعند خروجها للضربة قامت المقاتلة A-7E بالمناورة المستمرة ضد الدفاعات الجوية باستخدام بيانات منظومة الانذارمن تعرض الطائرات لأشعة الرادارات الليبية ،وتم إطلاق صاروخين أكد إصابة صاروخ قمرة الارسال والاستقبال "الفيغا" والصاروخ الأخر أخطاء الهدف .وبحلول فجر 25 مارس سفن التشكيل العملياتي -60 دخلت الى الجزء الاوسط للبحر المتوسط ،وفي الساعة 8.25 المقاتلة A-6E " انترودير " هاجمت خافرة صاروخية ليبية المشروع E 1234 ("عين مارة " تحمل الرقم 416 ويعتقد بأن الخافرة لم تراع الصمت اللاسلكي ولذلك تم أكتشافها وتصنيفها وتم توجيه المقاتلة نحو الهدف بمساعدة طائرة الاستطلاع الراداري البعيد المدى والسيطرة " Hawkeye " E-2C ،وبأستخدام منظومة رادار كشف الأهداف السطحية ذات مدى 240 كم ،ودخلت المقاتلة الى منطقة الهدف وتم التعامل مع الهدف بأستخدام محطة الأشعة ماتحت الحمراء وأعطاء الدلالة على الهدف مع استخدام محدد المسافة الليزري وبحسب هذه البيانات تم إطلاق الصواريخ ولكن أتضح فى وقت لاحق عدم إصابة الصواريخ للهدف ،حيث ان صواريخ RGM-84 Harpoon المضادة للسفن لم تصب الخافرة بسبب قصور فى منظومة التوجيه الذاتي وسقطت فى البحر على مسافة 5-6 أمتار بجانب الخافرة نتج عنه اضرار بالخافرة نتيجة للشظايا ،وكذلك احد الصواريخ لم ينفجر.
وتتباين المصادر حول الاضرار التى اصابت الخافرة فبعضها يذكر عدم تعرض الخافرة لأضرار ، وتشير بعض المصادر لتعرضها لأضرار وانه تم قطرها الى الاتحاد السوفيتي حيث تم صيانتها فى 1991 و تغيير اسمها الى"طارق ابن زياد" وتعمل الأن فى الاسطول البحري الليبي. بحسب بيانات البنتاغون فإن الطائرات الامريكية نفذت 1546 طلعة جوية ،وتم استخدام الأسلحة ضد خمسة اهداف نتج عنها إغراق خافرة صاروخية متوسطة مشروع E 1234 وزورق صاروخي " La Combattante" ،وتضرر سفينة إنزال ( او خافرة صاروخية متوسطة) وأضرار خفيفة بخافرة صاروخية متوسطة مشروع E 5.200، وتضرر رادار منظومة S-5.200 "فيغا " ،وخلال هذه العملية تم لأول مرة استخدام الصاروخ المضاد للسفن "هاربون " فى ظروف قتالية حقيقية حيث تم إطلاق ستة صواريخ مضادة للسفن : 4 من طائرات A-6E و صاروخين من الطراد " ايوركتاون "، وبحسب البيانات الامريكية قامت الدفاعات الجوية الليبية بإطلاق 12 صاروخ وبحسب بيانات الليبيين أصابت ثلاث طائرات ، وأكد الامريكان إصابة مقاتلة واحدة F-14A .
من الملاحظ خلال المواجهات البحرية فى خليج سرت :
عدم التوازن فى القوة (سفن السطح والغواصات النووية والطائرات والوسائط المحتلفة ) إلا أن ذلك لم يمنع قطع الأسطول البحري الليبي من التواجد المستمر خلال فترة المواجهات ومحاولتها للتصدي لأكبر اساطيل العالم والمعدة أصلا ً ليس لخوض صدامات مسلحة أقليمية فقط وأنما لحرب شاملة ومواجهة أساطيل القطب الأخر - الاتحاد السوفيتي سابقا ً ،للتأكيد على سيادة الجماهرية على خليجها التاريخي.
الأعداد الأمريكي المسبق للعملية ، و الاستنزاف والاجهاد والضغط المتواصل على الدفاعات الليبية خلال سنوات من إجراء والتدريبات والمناورات قبالة السواحل الليبية ، وتزايد وتيرتها خلال الربع الاول من 1986 لتصل الى خمسة مناورات بحرية .أقتراب القطع البحرية الليبية من الاسطول الامريكي لمديات قادرة على تحقيق إصابات ناجحة يتثير تساؤلات عدة ويسترعي ملاحظات المهتمين منها :مراقبة الزورق وميض الذي كان فى دورية روتينية منذ خروجه من طرابلس الى بلوغه لمدى 10 ميل من الاسطول الامريكي ويستطيع من خلاله مهاجمة إحدى حاملات الطائرات ،الامر أثار التسؤلات لماذا لم يتم مهاجمة الزورق قبل تلك المسافة وتعريض الاسطول لنيران صواريخه ، و لماذا لم يتم مراعاة دائرة الأمان لتشكيل حاملات الطائرات فهل هذا راجع الى قصور فى الاستطلاعات الامريكية وكل ماذكر عن المتابعة ليس له اساس من الصحة ، او انه نجاح للزورق وميض فى تطبيق التأمينات القتالية وأستطاع النجاح فى المحافظة على سرية الاقتراب والاختفاء والوصول الى تلك المسافة ،وكذلك الحال مع الطراد " ايوركتاون " المكلف بمهمة ولم يستطع تمييز الهدف واقترابه من الخافرة لمسافة 11 ميل ،ونستنتج من ذلك أهمية التامينات القتالية ونجاح أساليب المحافظة على سرية الاقتراب رغم التفوق التقني للخصم ،وكذلك الشكوك حول الرواية كيف لمن يدرك اهمية التأمين القتالي وينجح فى تطبيقها ويصل الى تلك المسافة من العدو يقع فى خطاء فادح !!! .
التفوق الناري للأسطول الامريكي بالأضافة لمديات الصواريخ البحرية الأمريكية إلا انه لم يستفد من ذلك فعلياً ،وقد يرجع ذلك للاستخدام الناجح للقطع البحرية الليبية للأساليب التعبوية ، وإن عدم إستفادة القطع البحرية الليبية من هذا النجاح رغم تسليحها بصواريخ قادرة على إصابة أهداف بحرية امريكية قد يكون نتيجة للفخ الامريكي ونجاح الامريكان فى سرية العملية الفعلية وتضليل البحرية الليبية بكثافة التدريبات والمناورات البحرية التى كانت شبه روتينية ، مما جعلهم يكثفون من الدوريات وجل تركيزهم أنحصر فى متابعة الاسطول الامريكي والتصدي لأي اختراق للمياه الأقليمية ،وافقدهم ذلك زمام المبادرة وتطبيق أساليب الاستخدام القتالي لقطع الاسطول فى تدمير عدو بهذا الحجم ،ويؤيد ذلك خرائط الموقف التى توضح قيام وحدات الأسطول الامريكي بإطلاق صواريخها من خارج المياه الأقليمية ،وقد يكون أستهداف القطع البحرية الليبية فى ردة فعل أمريكية مفاجئة على إسقاط طائراتها بواسطة الدفاعات الليبية ، او وفق مخطط مسبق فى حال تصاعد الموقف العسكري فى خليج سرت .
قامت بعض المصادر بوضع مقارنة للأسطول الامريكي المشارك وأجمالي قوة الاسطول الليبي لأظهار العملية على شكل مواجهة فعليه بين الأسطولين ،رغم ان سيرالاحداث لاترتقي الى مستوى مواجهة فعليه وبالتالي لم يستخدم فيها الأسطول الليبي كافة قواته .
تم التعامل مع الخافرة "عين مارة " والتى تم أكتشافها بحسب اعتقادهم لعدم مراعاتها للصمت اللاسلكي والتعامل معها كهدف باستخدام الطائرة "هوكاي" بالكشف الراداري للأهداف السطحية والاشعة ماتحت الحمراء وإعطاء الدلالة على الهدف مع استخدام محدد المسافة الليزري وإطلاق صواريخ عالية الدقة ،لتعلن اولا ً إغراق الخافرة ولازالت بعض المصادر تذكر ذلك ، ثم تبين لاحقا ً عدم صحة ذلك وتضع تفسيرات تقنية لعدم إصابة الصواريخ لهدفها ، والتساؤلات حول عدم التأكد من إصابة الهدف في حينها وتعزيز نجاح الضربة ، وعن قيامهم بتصوير الخافرة عين زقوط حال إصابتها ،الامر الذي يضع علامات استفهام حول هذه الرواية برمتها، او هو الاستخدام الناجح لتعبية التفادئ التى يتقنها الضباط البحارة بالاسطول الليبي .
تباين تحليلات الخبراء من خلال خرائط الموقف المنشورة حول العملية فبعضها تظهر القطع الليبية متجهة نحو الاسطول الامريكي ، والرأي الاخر تظهر قطع الاسطول الليبي فى دورية فى خط سير موازي لخط 30. 32شمالا ً.
تؤكد تحليلات الخبراء المستندة على الرواية الامريكية شجاعة وصلابة بحارة الأسطول البحري الليبي حيث قاوم الناجون فى الزورق وميض بضراوة لأنقاذ الزورق المحترق وأختيارهم للوقت المناسب لترك الزورق قبل انفجاره ، وكذلك طاقم الخافرة عين زقوط حيث ذكرت التقارير بأن الفترة من إصابتها الى غرقها قد استغرقت 15 دقيقة ولم يغادر الطاقم الخافرة ، والتى عادة مايصاحب تلك حالات من الذعر والقفز فى عرض البحر ،إلا ان ذلك لم يحدث ولم تظهر الصورة خلاف ذلك لتؤكد مدى الانضباط العالي وشجاعة بحارة الاسطول الليبي وحتى فى أصعب اللحظات .. مواجهة الموت.
تعرض الناجين من بحارة الزورق وميض أثناء تواجدهم على قوارب النجاة الى نيران طائرة امريكية تطير بعلو منخفض وترشقهم بنيران قناصتها الامر الذي يعد مخالفا ً للقانون الدولي الانساني للصراع المسلح .
مواجهات خليج سرت أظهرت الاهتمام الكبير بأستخدام الأستطلاع والاخفاء والتمويه وتنظيم التعاون بين صنوف القوات واستخدام قواعد تنظيم الدفاع وأهمية الحرب الألكترونية .
و بتحليل دور الأسطول الامريكي خلال تلك المواجهات ،أظهر أهمية الأستطلاع وتنظيم التعاون بين صنوف القوات واستخدام قواعد تنظيم الدفاع ،وأهمية الخداع والمبادرة ، وأكد أهمية دور الحرب الالكترونية سواء فيما يتعلق بالتشويش الالكتروني الأيجابي او الاستطلاع اللاسلكي الفني ،وكذلك على دور الصواريخ المضادة للسفن سواء سطح/سطح ،او جو/سطح ، وتبين ضعف الاسطول الامريكي فى دقة تحديد الاهداف و الأنذار المبكر رغم امتلاكه لكافة الوسائل اللازمة لذلك .
وبتحليل دور الاسطول الليبي خلال تلك المواجهات ،تبين غياب تنظيم التعاون بين صنوف القوات و الاستطلاع اللاسلكي الفني ،وأهمية الدفاع الصاروخي للقطع البحرية ونجاح استخدام الأساليب التعبوية والتطبيق الناجح للتأمينات القتالية والروح المعنوية والانضباطية العالية لأفراد الأسطول.
تفاصيل عمليـــات المواجهات البحرية فى خليـــج ســرت لا زالـــت مغلـقة من طرفي الصراع ، ورغم ذلـــك فمــــحاولات تحليل ودراســــة وقائعـــها من قبــــــل المحللين والمهتمين أعطت صورة مقاربة وإن لم تكن صحيحة ،ولكن كل معلومة تملك جزء من الحقيقة والأهم هو كيفية أستخلاصها وأستنتاج الدروس المستفادة .