موضوع: هل تسيطر الأسلحة الذكية على البشر؟ الأحد سبتمبر 13 2015, 05:38
آلات ذكية تنشئ شبكة من شأنها تطوير عقل خاص بها، ومن ثم تشرع في استخدام هذا العقل للإضرار بالبشر، أو يسيطر تنظيم إجرامي على شبكة من "الآلات الذكية" (الروبوتات) ويستخدمها في تحقيق مصالحه. قد تبدو هذه سيناريوهات خيالية أو بعيدة الحدوث على أفضل الأحوال، لكن هناك من يأخذها على محمل الجد، بل أن هناك من يعمل الآن على منع حدوثها. ستيفن هوكينغ، ماكس تيغمارك، الون ماسك وعلماء آخرون، وقَّعوا عريضةً لمنع أسلحة الذكاء الإصطناعي، وذلك من خلال مؤسسة حصلت على عشرة ملايين دولار كتبرعات من ماسك في كانون الأول الماضي. وأوضح العلماء في خطاب ملحق بالعريضة، أن خطر أسلحة الذكاء الإصطناعي يعتبر "فوري"، ويتطلب اتخاذ إجراءات من شأنها تجنب هذه الكوارث خلال السنوات القليلة المقبلة، وتلا ذلك اجتماع في الأمم المتحدة، لمنقاشة قضية "الروبوتات القاتلة" في نيسان الماضي، ولكن الإجتماع لم يسفر عن أي قرارات.
سيناريوهات وشيكة
استطاعت العديد من المؤسسات العسكرية صناعة أسلحة ذكية خلال العقد الأخير، على أن الحكومات القادرة على استخدام هذه الأسلحة لا تشكل خطراً كبيراً، على عكس ما تمثله الجهات الخارجة عن سلطة تلك الحكومات من خطر، كأن تقوم عصابات إجرامية بصناعة مثل هذه الأسلحة واستخدامها. وخلال الفترة الأخيرة، تعرفنا على المستقبل الوشيك للأسلحة الذكية من خلال بعض الإختراعات، مثل سيارة "غوغل"، فالشركة العملاقة كشفت العام الماضي، عن نموذج جديد لسيارة ذكية ذاتية القيادة من صنعها، وتبلغ سرعتها القصوى 40 كيلومتراً في الساعة، فماذا لو قررت عصابة ما سرقة مثل هذه السيارة وتركيب مدفع رشاش عليها، وبرمجته على إصابة الأهداف؟ هذا ببساطة ما يسمى "سلاحاً ذكياً"، يستطيع أي محترف برمجة تصنيعه بأقل الإمكانيات. قد يبدو السلاح السابق عالي التكلفة بالنسبة للبعض، لكن هناك أسلحة يمكن تصنيعها بأقل الإمكانات، كأن يتم تركيب قطعة الكترونية في الحوامات الصغيرة، قبل أن تطير بشكل أوتوماتيكي، أو أن يتم تركيب سلاح مبرمج في هذه الطائرة يستطيع إصابة الأهداف.
خطر يهدد البشرية
أعرب الكثير من العلماء عن قلقهم إزاء الأسلحة الذكية الموجودة بالفعل، أو تخوفوا من سيناريوهات وشيكة، مثل ما حدث في فيلم "تيرمينايتور" كأن تقوم مجموعة من الروبوتات بتطوير أنفسها ذاتياً للتفاعل مع العالم، بل وتحاول السيطرة عليه. هذا السيناريو حذر منه الفيزيائي والفلكي سير مارتين ريس، وزميله في جامعة "كامبريدج" الفيلسوف هو برايس، حيث اعتبرا أن البشر قد لا ينجون إذا تخطى الذكاء قيود البيولوجيا. وعلى إثر هذه المخاطر، أنشأ الإثنان مركزاً لدراسات المخاطر الوجودية في جامعة "كامبريدج"، للمساعدة في تجنب السيناريوهات الكارثية التي تهدد الوجود البشري.
هل نحن في خطر؟
"لسنا قريبين بعد"، كان هذا رد (يوجين غوستمان)، وهو برنامج ذكاء اصطناعي يقوم بإجراء محادثات عبر الانترنت على هيئة طفل أوكراني عمره 13 سنة، على سؤال حول مدى قربنا من صِيَغ ذكاء اصطناعي تشبه الإنسان؟ وكانت وسائل إعلام، روجت أن (يوجين) يعد ذكياً حقاً لأنه استطاع أن يقنع مجموعة من البشر أنه طفل حقيقي يبلغ من العمر 13 سنة، لكن بحسب عالم الحاسوب سكون آندرسون، فإن "يوجين ما زال بعيداً جداً عن أن يكون بذكاء البشر"، بعدما قام بتوجيه عدة أسئلة له، ولم يستطع الطفل الإصطناعي من أن يجيب عليها بشكل صحيح. لكن على الرغم من هذا، يرى الكاتبان زاك موسغرافي وبرايان روبرتس، في موضوع نشر على موقع "ذي أتلاتنتيك"، أن المشكلة لا تكمن فقط في الوصول إلى صيغة من الذكاء الإصطناعي تشبه الإنسان ويمكنها السيطرة على العالم، إنما تكمن في الصيغ البسيطة منها، مثل سيارة ذاتية القيادة محملة برشاشات آلية، والممكنة فعلياً الآن. وأوضح الكاتبان أن مشكلة الأسلحة الذكية لا تكمن في قدرتها بالسيطرة على العالم، إنما تكمن في سهولة السيطرة عليها وإعادة برمجتها، ما يسمح لأي شخص تصنيع آلة قتل مؤثرة وعشوائية الهدف بتكلفة بسيطة وجهد لا يذكر.
استخدامات أخرى
وأكد موسغرافي وروبرتس على ضرورة منع تصنيع الأسلحة الذكية على جميع الأصعدة وإدانتها عالمياً، بسبب تكلفتها البسيطة وسهولة تصنيعها. وأشار الكاتبان في مقالهما، إلى أن الحكومات والمصنعين ادعوا سابقاً وجود وسائل حماية لبعض الأجهزة الالكترونية، مثل بطاقات الـ"أي تي أم" وأجهزة التصويت الإلكترونية، لكن التجربة أثبتت أن كل هذا وغيره تم اختراقه والسيطرة عليه، حتى أنه يتم اختراق أجهزة الحماية والسيطرة على السيارات والتحكم بها عن بعد. وبعيداً عن استخدام العصابات الإجرامية لمظاهر الذكاء الإصطناعي، فإنه من الممكن أن تستغل من قبل الحكومات الديكتاتورية، للسيطرة على الجيوش والشعوب. وأعلن الجيش الروسي في تموز الماضي عن "روبوت" مقاتل على هيئة دبابة، مجهزة بقاذفات قنابل وبنادق "كلاشينكوف"، وبحسب المصنعين، فإن الدبابة الآلية المسماة بـ"بلاتفورم- أم" يمكن استخدامها في جمع المعلومات والاستكشاف وتدمير الأهداف الثابتة والمتحركة، وأيضاً لتقديم الدعم في ميادين القتال ولحراسة المواقع الهامة، ويتم التحكم فيها عن بعد. كما صنعت كوريا الجنوبية العام 2010، بندقية حراسة ذكية ثابتة تقوم بضرب الأهداف بشكل أوتوماتيكي، وذلك بعد رصدها من خلال حساسات حرارية من على بعد ثلاثة كيلومترات، وهي تعمل أيضاً خلال الليل بغض النظر عن حالة الجو. "سبوت أند وايلدكات"، هي روبوتات بأربعة أرجل، تشبه حركتها حركة الحيوانات، من تصميم شركة "بوسطن" للديناميكيات، ويتوقع أن يتم استخدامها في ساحات المعارك لحمل العتاد والأسلحة والذخيرة بدلاً من أن يحملها الجنود.