حرصا من "الشروق" على تنوير الرزي العام حول دور الجزائر في الحروب العربية - الإسرائيلية، تقدم هذه الشهادة النادرة لمدير الحرب الالكترونية عام 1973، اللواء جمال مظلوم. ويثني مظلوم على الجندي الجزائري، ويصفه بـ"الشجاع والقدام" ويزيد على ما سبق أن القوة الجزائرية كانت في الخطوط الأمامية في مواجهة العدو الصهيوني وأنها غطت باقتدام الخطوط الخلفية للجيش المصري عقب نجاح قوات إسرائيلي في عبور قناة السويس ومحاصرة "الجيش الثالث" وهو ما يعرف بـ"الثغرة".
كيف تم الاتصال بالقيادة الجزائرية للمشاركة في الحرب؟ عقب نكسة عام 1967، وفي التاسع والعاشر من يونيو 1967 خرج الشعب المصري عن بكرة أبيه مؤيدا للرئيس للرئيس المصري الأسبق الراحل جمال عبد الناصر الذي قرر إعادة تنظيم الجيش والاستعداد لحرب يتم خلالها استرداد الأراضي المحتلة من مصر وباقي الدول العربية.وفي قمة الخرطوم التي عقدت في أغسطس67 بعد ذلك أخطر الرئيس المصري آنذاك القادة العرب بالتخطيط لحرب لاسترداد الأرض وخرجت القمة بالقرارات الثلاثة:- لا صلح- ولا اعتراف- ولا تفاوض مع العدو الصهيونيو قد طلبت مصر من الدول العربية مساعدتها لتحقيق ذلك وبالمساعدة قدر المستطاع، وكانت الجزائر من أوائل الدول التي عرضت كافة إمكاناتها للصمود وتحرير الأراضي الأراضي العربية بحكم تأييدها للقومية العربية ولمصر خاصة.وفي الحقيقة كان الدعم والمشاركة الجزائرية يفوق ما توقعه المصريون وهنا في البداية أود أن أوضح شيئا هاما فيما يتعلق بالمشاركة الجزائرية فهذه المشاركة جاءت بعد بدء القتال ويرجع السبب في ذلك إلى تأخر تحديد موعد المعركة لظروف خارج عن إرادة مصر ذاتها لأنه كان على مصر اختبار توقيت الهجوم ليحقق المفاجأة والخداع للعدو الصهيوني وكان ارسال أو وصول القوات إلى مصر سيفشل هذا المخطط لهذا كان هذا التحرك الجزائري بعد بدء القتال حتى لا يلغي فرصة تحقيق المفاجأة وخداع للعدو الصهيوني، هذا في الوقت الذي كانت فيه دول أخرى قد أرسلت مشاركتها قبل الحرب بعدة سنوات لذا لم يؤثر ذلك على تحقيق مبادئ الحرب الأساسية هذا وقد شاركت الجزائر مصر ضمن مشاركة 9 دول عربية في الحرب بخلاف كل من مصر وسوريا بكل من:القوات البرية: اللواء الثامن مدرع وصل مصر في 17 كتوبر 1967 مونة من حوالي 2000 مقاتل، 800 عربة + 50 شاحنة وقود قطعت حوالي 3000 كم من الأراضي الجزائرية إلى مصر.القوات الجوية: 3 أسراب مقاتلة:سرب طائرة سوخوي قاذفةسرب ميغ - 17.سرب ميغ - 21 بإجمالي حوالي 50 طائرة والمشاركة من القوات الجوية كانت كبيرة بالنسبة للقوات التي دخلت الحرب ووصلت في الأيام من 9 إلى11 أكتوبر.وخلال زيارة الرئيس الجزائري هواري بمدين للاتحاد السوفيتي عقب نشوب حرب أكتوبر 1973 قدّم الرئيس الجزائري مبلغ 200 مليون دولار مقدما لحساب مصر وسوريا بواقع 100 مليون دولار لكل بلد ثمنا لأي قطع ذخيرة أو أسلحة يحتاج لها البلدان، حيث استشرط الاتحاد السوفيتي آنذاك السداد نقدا ثمنا لأي أسلحة ترسل للبلدين. اهتم المصريون بمشاركة الجزائريين العسكرية في حرب أكتوبر، لماذا؟ لقد كان اهتمام المصريين كبيرا بمشاركة القوات الجزائرية في الحرب لما هو معروف عن الجزائريين من براعة وشجاعة وخبرة سابقة مستقاة من حرب التحرير الجزائرية ضد الجيش الفرنسي. ما الذي ميزّ مشاركة الجنود الجزائريين؟ الحقيقة أن مشاركة الجنود الجزائريين في هذه الحرب كانت لأسباب عديدة تذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:- الشجاعة وهو أمر مفروغ منه، فالمقال الجزائري أهم ما يوصف به هو الشجاعة والإقدام.- وجودهم في الخطوط الأمامية- أنهم مدرّبون جيدا مقارنة بنظرائهم الجيوش العربية. كيف تقيم دور الجيش الجزائر وخاصة فرع الدبابات؟ في الحقيقة جاء وصول القوات الجزائرية إلى مصر في توقيت حرج للغاية، فالقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية كانت في هذا الوقت قد دفعت باحتياطياتها إلى الجبهة ولم يكن لدى القيادة العامة قوات للتعامل مع القوات الاسرائيلية التي نجحت في العبور إلى غرب القناة في الخامس والعشرون أكتوبر 1973 ثم دفع القوات الجزائرية إلى قطاع الجيش الثلاثة للدفاع عن الجيش الثالث الميداني ودفعت لقتال القوات الاسرائيلية في منطقة سيناء ومنطقة الزيتية وأبلت القوات الجزائرية بلاء حسنا في قتال المباشر مع القوات الاسرائيلية التي عبرت إلى غرب قناة السويس. لماذا لم تتحدث الكتابات العسكرية عن حرب أكتوبر ودور القوات الجزائرية القدر الكافي من الاهتمام؟ الحقيقة أن أغلب الكتابات التي صدرت عن حرب أكتوبر كانت يغلب عليها الغرض من الكتاب أو رؤية الكاتب التي يرغب في إبرازها وربما كان الهدف من بعضها هو الربح أو ترجيح وجهة نظر على أخرى، ولكن الكتابة التاريخية عن الحرب موثقة لدى القوات المسلحة المصرية والتي تنظر إليها كنوع من الأسرار العسكرية التي يصعب الحديث أو النشر عنها، وبصفة عامة كان الحديث عن التعاون العربي ضعيفا في هذه الكتابات ربما للخلافات التي حدثت بعد الحرب سواء من مصر وسوريا أو بسبب الحديث عن تسوية سياسية بين مصر وإسرائيل واعتراض العرب عليها وتشكيل جبهة الصمود والتحدي والتي كانت الجزائر عضوا فيها.أما فيما يتعلق بكتابات الفريق سعد الدين الشاذلي فهو من القادة الأفذاذ في الوطن العربي وآراؤه وأفكاره العسكرية في الحقيقة كانت موثرة وفاعلة في فترة الاعداد لحرب اكتوبر المجيدة وكان يتميز في أرائه بالصراحة والجرأة وتفرغ عقب الحرب كمؤرخ ومفكر سياسي.المصدر