طالب برلماني جزائري من نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، تقديم تفسير للثغرات الأمنية التي تسببت، حسبه، في مقتل 14 عسكريا في يوم عيد الفطر الماضي، على أيدي متشددين ينتمون لتنظيم "القاعدة".
ولأول مرة يهتم البرلمان بأداء الجيش في الأزمة الأمنية، ولم يسبق لأي مسؤول عسكري كبير أن نزل إلى المؤسسة التشريعية ليشرح أو يبرر أي شيء يجري داخل المؤسسة العسكرية.
وقال حسن عريبي، برلماني الحزب الإسلامي "جبهة العدالة والتنمية" في مساءلة مكتوبة رفعها الأربعاء إلى مكتب "المجلس الشعبي الوطني" (الغرفة البرلمانية الأولى)، إن "الجزائريين سمعوا مسؤولين عسكريين ومدنيين يتحدثون عن بقايا إرهاب.. سمعنا هذا الكلام مع بداية الألفية الثالثة، وتقول مختلف التقارير إن الإرهاب في انحسار واندثار إلى غير رجعة، لكن العملية الإرهابية الأخيرة في عين الدفلى (غرب العاصمة) والتي أودت بحياة عسكريين في يوم العيد المبارك، تجعلنا نطرح السؤال من جديد بدافع الخوف على استقرار البلد، لأن الشعب الجزائري، يا سيدي نائب وزير الدفاع، أصبح يخشى على بلاده من العودة إلى ذلك النفق المظلم". وذلك في إشارة إلى ما يسمى "العشرية السوداء" التي ترمز إلى الاقتتال الدامي بين قوات الأمن والمتشددين خلال تسعينيات القرن الماضي. وخلفت المواجهة مقتل 150 ألف شخص، وخسائر في البنية التحتية قدرت بـ20 مليار دولار، بحسب حصيلة رسمية.
وجاء في المساءلة التي حصلت "العربية.نت" على نسخة منها: "لقد دأبت الدولة الجزائرية منذ تأسيسها على تقوية هذا الجيش والارتفاع به نحو الاحترافية والجهوزية التامة للذود عن حياض الأمة، لذلك أنفقت الأموال الطائلة ودون حساب من أجل تجهيزه بأحدث الأسلحة والتجهيزات لمواجهة جميع الأخطار المحدقة بالجزائر.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الأحداث المؤسفة والأعمال الإرهابية الشنيعة التي ضربت الجزائر منذ عشريتين متتاليتين، لم تهز كيان هذا الجيش تماسكا والتحاما بالشعب والأرض، وها هي آلة الإرهاب الأعمى تضرب من جديد هنا وهناك، وتنفذ عملياتها الإجرامية ضد وحداتنا العسكرية وتقتل حماة أرضنا في رابعة النهار غير بعيد عن عاصمة البلاد".
يشار إلى أن حصة وزارة الدفاع في موازنة 2014 تجاوزت 13 مليار دولار، ما يجعل من الجزائر أكبر قوة عسكرية في منطقة المغرب العربي.
وتابع عريبي: "شعبنا لا يجد جوابا مقنعا عن الأسباب الحقيقية لانبعاث الإرهاب من جديد، بهذه الوحشية، وقد كنا نظن أننا تجاوزنا العشرية السوداء، ودخلنا مرحلة الأمن والاستقرار، بفضل تضحيات الرجال والنساء، وبفضل المصالحة الوطنية التي أشرف عليها قادة من الجيش".
وتساءل البرلماني: "أين هي التغطية الاستخباراتية التي تحمي خطوات وأقدام جنودنا البواسل؟ وكيف وجدوا أنفسهم في مصيدة الإرهابيين بهذه السهولة؟ وكيف لعملية تمشيطية بسيطة أن تؤدي بنا إلى هذه الكارثة في فقدان شبابنا في ربيع أعمارهم؟ ثم أين كانت التغطية الجوية لأبنائنا حتى لا يقعوا في مصيدة المجرمين؟ وما يدفعنا إلى التساؤل أيضا سيادة نائب الوزير، أن مسرح العملية الإرهابية كان قريبا من عدة نقاط عسكرية، كان بإمكانها التدخل لإنقاذ الموقف أو على الأقل التدخل للقبض على المجرمين الإرهابيين، قبل أن يفروا خارج المنطقة".
ويفترض أن يحول مكتب البرلمان مساءلة عريبي إلى وزارة الدفاع للاطلاع عليها تمهيدا للرد عليها، لكن يرجح أن أعضاء المكتب ورئيسه الذين ينتمون للأغلبية الموالية لرئيس الجمهورية، لن يفعلوا ذلك. وفي الغالب يعترضون طريق المساءلات التي تحرج الحكومة، خاصة إذا كانت تتعلق بالجيش الذي يملك هالة كبيرة في الدولة.