كان اسلوب قيادة الجنرال بستر غلوسون Buster Glosson يتسم بالاقدام و المجازفة في خطط العمليات الجوية. و ان كان هذا الاسلوب يؤدي به لبعض المغامرات و المشاكل، الا ان سرعته في التعلم و التكيف مع النتائج اعطى سلاح الجو للتحالف فعالية كبيرة في حل المشاكل المصاحبة لقصف القوات العراقية. و هنا نلخص بعضا من الاخطاء التي وقع فيها اثناء الحملة الجوية:
1- في اول ثلاثة ايام من الحملة الجوية، كان تدمير الجسور في العراق اولوية عملياتية. و خصص لها 180 غارة باستخدام الذخائر الغير موجهة. و رغم تحذير ضباط الميدان من ان هذا الاسلوب لن ينجح - و هو درس من المفروض ان يكون الامريكان تعلموه من فيتنام - لكن الجنرال اصر و كان يأمل ان تقدم التكنولوجيا في التوجيه المبدأي سوف يكون في صالحه. و النتيجة انه لم يدمر و لا جسر عراقي واحد في ايام الحرب الثلاث الاولى. و كان ان اضطر بستر لطلب طائرات الشبح مع القذائف الموجهة لتصحيح الخلل. و اتصل بمهندس مدني من الجامعة التي تخرج منها للمشورة حول افضل الطرق لضرب الجسور (الجواب كان باستهداف منطقة اعلى بقليل من نقطة التقاء الجسر بالشاطئ). و بدأت الجسور العراقية تهوي بمعدل 7 -10 في الاسبوع.
2- عندما بدأ الامريكان بتسيير دوريا غرب العراق لمنع مقاتلات العراق من الهرب نحو ايران يوم 31 يناير، توقف العراقيون عن الطيران تماما لمدة 4 ايام. و بدأ بستر يقلق من تأثير دوريات الليل على الطيارين و الادوية المنشطة التي كانو يأخذونها. و بالتالي اوقف هذه الدوريات يوم 4 فبراير. و مباشرة هربت اكثر من 30 طائرة عراقية خلال يومين! و عادت الدوريات من جديد يوم 6 فبراير.
3- في منتصف فبراير، و مع اقتراب الحرب البرية، بدأ بستر يعتمد اكثر فأكثر على الغارات التكتيكية. و تم رفع الحظر على الطيران المنخفض الذي تم وضعه اول الحرب خوفا من السام العراقي. و كان بستر يقدر ان بطاريات السام العراقية تلقت من الضرب ما يجعلها لا تشكل خطرا كبيرا. و طلب بستر من طائرات A-10 التحليق على ارتفاع 1 كم بما يكفي للطيارين ان يستخدمو المناظير المكبرة لمسح المنطقة بحثا عن اي الية عراقية ثقيلة. و في نفس الوقت بدأ يسمح لهذه الطائرات البطيئة و المدرعة بالتوغل اكثر شمال الحدود - حيث تواجد الحرس الجمهوري. و هذه الطائرات المفروض ان تعمل بعمق بسيط خلف خطوط العدو حتى تستطيع العودة في حال ضربت او تمت مطاردتها من طائرات مقاتلة. و لكن النجاح الرهيب لها اثناء الحرب ادى لدفعها لعمق 100 كم شمال الحدود السعودية الكويتية. و كانت المهمة الاولى بهذا العمق ضرب فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري. و قد تردد رئيسه المباشر و لكنه اقنعه بانه امر يستحق المحاولة. و انه سيقوم بالتجربة مالم يامره بعدم فعلها. قال القائد العام لسلاح الجو: لا اظن انها فكرة سليمة لكن القرار قرارك.
و كانت النتيجة ان اسقطت الطائراتان اللتان قصفتا فرقة المدينة. و قتل احد الطيارين و اسر الاخر. و قد كتب قائد السرب لقيادة الاركان الجوية رسالة مطولة شرح فيها ان الحرس الجمهوري توقف عن استخدام السام طوال اسبوعين من القصف الجوي على ارتفاعات كبيرة و لكنهم بمجرد ان رأوا طائرات A-10 تحلق على ارتفاع منخفض اطلقوا 8 صواريخ سام عليهم مما اسقطت طائراتان واعطب الاخرى (عادت الطائرة المضروبة - من قبل فرقة توكلنا على الله - و في بدنها 300 ثقب من شظايا صاروخ سام انفجر بجانبها). و اشتكى قائد السرب انه لا يجب ان تعمل طائراته في ذلك العمق داخل ساحة القتال. و عليه نجح مقاتلوا الحرس الجمهوري في خداع الامريكان عن طريق ضبط الاطلاق حتى تحين الفرصة المناسبة. و منعت طائرات A-10 من القتال بعمق اكثر من 50 كم لغاية بدء الحرب البرية، و كان عليهم العودة لارتفاعات عالية مما منعهم من استخدام رشاش الطائرة السباعي المرعب.
المصدر - R. Atkinson - Crusade