حصل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على ولاء ثالث مجموعة مسلحة في الجزائر، بعدما أعلنت "سرية الغرباء" التي تنشط في منطقة قسنطينة شرقي الجزائر الانشقاق عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ومبايعة أبو بكر البغدادي وسط صراع بين التنظيمين.
وبثّت "سرية الغرباء" تسجيلاً صوتياً على مواقع جهادية، أول من أمس، أعلن فيه متحدث باسمها لم يكشف عن هويته الانشقاق عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والولاء لما وصفه بـ"الدولة الإسلامية"، ومبايعة من اعتبره "الخليفة أبو بكر البغدادي".
وبرر المتحدث المجهول تأخر إعلان مبايعة البغدادي بـ"ظروف قاهرة حالت دون ذلك"، وطالب المجموعات المسلحة التي لا تزال تنشط ضمن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بـ"الالتحاق بالركب".
وتعدّ هذه المجموعة الثالثة التي تعلن تأييدها لتنظيم "داعش" والخروج عن بيعة تنظيم القاعدة بقيادته المحلية التي يتزعمها عبد المالك دروكدال، أو التنظيم الدولي بقيادة أيمن الظواهري، بعد إعلان مجموعة مسلحة أخرى تنشط في منطقة سكيكدة شرقي الجزائر قبل أكثر من أسبوع مبايعتها لـ"داعش" والتمرد على "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وهو ما كانت سبقت إليه مجموعة مسلحة أولى تضم 25 جهادياً أعلنت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي تأسيس تنظيم جديد باسم "جند الخلافة" لكن هذه المجموعات ليست سوى "ظاهرة صوتية"، بسبب محدودية نشاط الجماعات الجهادية في الجزائر في السنوات الأخيرة، وخصوصاً أن توالي مبايعة مجموعات مسلحة لـ"داعش" لم ينعكس أي تغيير في الوضع الميداني أو يشير إلى إمكانية أن يجد التنظيم لنفسه موطئ قدم في الجزائر.
"سرية الغرباء" التي تنشط في قسنطينة وما جاورها شرقي الجزائر ليس لها أي وجود عملي، إذ لم يعرف لها أي نشاط، ولم تنفذ أية عملية منذ خمس سنوات على الأقل. ويرجح أن لا يكون عدد عناصرها أكثر من عشرة، هم من بقايا عناصر تنظيم القاعدة في تلك المنطقة، بدليل ان قسنطينة تعدّ من أكثر المناطق الهادئة امنياً.
كما أن مجموعة سكيكدة التي أعلنت مبايعة "داعش" لم يعد لها وجود فعلي منذ آخر اعتداء نفذته في المنطقة في عام 2011، إضافة إلى أن المجموعة الثالثة التي بايعت "داعش" في منطقة البويرة والتي أطلقت على نفسها "جند الخلافة" تم القضاء عليها سريعاً.
ولم يدم عمر تنظيم "جند الخلافة" طويلاً، اذ نجح جهاز الاستخبارات في إقامة قناة اتصال مع عائلة أحد عناصر هذا التنظيم المسلح الذي كان يرغب في تسليم نفسه منذ فترة والاستفادة من تدابير قانون العفو والمصالحة الوطنية، للحصول على معلومات عن تمركز عناصر التنظيم، ونجح الجيش في القضاء عليهم في عملية واحدة قتل خلالها 24 عنصراً.
وتعزز هذه المعطيات الاعتقاد أن توالي تمرد مجموعات مسلحة صغيرة على تنظيم "القاعدة" ومبايعة "داعش" ليس سوى محاولة من هذه الخلايا الصغيرة الاستفادة من الزخم الإعلامي الذي يحيط بتنظيم "داعش" وإمكانية استقطاب عناصر جديدة على هذا الأساس، وخصوصاً بعد فشل تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في تجديد صفوفه، في مقابل الضربات الموجعة التي تلقاها من قبل الجيش والأمن، حيث قتل الجيش 120 من عناصره منذ بداية يناير/كانون الثاني الماضي.
أما عدم تأثير هذه المجموعات على المشهد الأمني في الجزائر فمرده مجموعة أسباب ليس فقط تراجع هجمات هذه المجموعات وانحصار نشاطها بفعل عوامل عديدة أو أيضاً بسبب تعزيز الجزائر للمنظومة العسكرية والأمنية. وقد ساهمت الظروف المأساوية التي اجتازها الجزائر وتوبة الآلاف من المسلحين وتسليمهم أسلحتهم مقابل الاستفادة من تدابير قانون المصالحة الوطنية في عدم إتاحة أي فرصة للتنظيمات الجهادية لاستقطاب مجندين جدد. كما يساهم هذا الأمر في صدّ أي إمكانية لتموقع "داعش" في البلاد عبر مجموعات متناثرة.
ويضاف إلى كل ذلك معركتين استباقيتين ضد أي تمركز لـ"داعش" في الجزائر، يقود الجيش والأمن إحداها في سياق محاربة الإرهاب، ويقود الأخرى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لمنع "داعش" من التموقع في الجزائر. وعاد تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" إلى النشاط وتنفيذ سلسلة عمليات وتبنيها على غرار الهجوم الذي نفذه قبل أيام على حاجز أمني في منطقة البويرة وقتل تسعة عسكريين في كمين ضد الجيش في عين الدفلى.