على الرغم من المحادثة الهاتفية على اعلى مستوى بين الرئيس الأمريكي أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا ان التوتر لا يزال سائدا في أعقاب صفقة إيران، ويتوقع أن يتصاعد في الأسابيع القادمة. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع "انه اتفاق أسوأ مما كنا نظن وسنتصدى له حتى الرمق الأخير"، محملا الدول الكبرى - بقيادة الولايات المتحدة – مسؤولية "التهادن" واهمال إسرائيل اثناء المفاوضات مع ايران خلال 23 شهرا من المفاوضات، و"التراجع" على المواقف الأولية التي تبنتها مطلع المفاوضات.
وقال اثنان من كبار المسؤولين الإسرائيليين في حديث لهما مع i24news ان وزير الدفاع الأمريكي كارتر سيصل الاسبوع المقبل الى اسرائيل، ومع ذلك لا تنوي إسرائيل مناقشة العرض الامريكي الخاص بأمنها والتعويضات العسكرية التي ستحصل عليها في أعقاب الاتفاق مع إيران. وأكد مسؤول اسرائيلي كبير i24news: "لن يكون هناك أي حديث رسمي عن التعويضات في هذه المرحلة، لأن ذلك يعني أننا قبلنا بالاتفاق، وهذا ليس صحيحا".
وبدلا من ذلك، سيركز رئيس الوزراء الإسرائيلي على المعركة القادمة – الكونغرس الامريكي. على الرغم من تكهنات واسعة النطاق بأن تجنيد 13 عضوا من مجلس الشيوخ الديمقراطي من اجل تجاوز الفيتو الرئاسي، امر صعب للغاية، يعتزم نتنياهو الاجتماع مع وفود من الكونغرس تزور إسرائيل الشهر المقبل واطلاع اعضائها على الاتفاق. ومن المتوقع أيضا أن يتوجه نتنياهو الى واشنطن في مطلع سبتمبر/ايلول، أي قبيل خطابه السنوي في افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة. في هذه الاثناء انطلقت بالفعل في الولايات المتحدة حملة بملايين الدولارات تقودها جماعات مؤيدة لإسرائيل للضغط ضد الاتفاق المبرم مع إيران. "هذه هي مجرد قوى امريكية تقف الى جانبنا وسواء خاضت المعركة معنا ام لا، فإن هدفنا الرئيسي هو منع إيران من ان تصبح دولة نووية وسنواصل اسماع صوتنا بكل قوة وعلى أوسع نطاق ممكن".
لقد عكف مسؤولون اسرائيليون من ديوان رئيس الوزراء ومن وزارة الخارجية على قراءة ودراسة البنود المعلنة للاتفاق بين إيران والدول الكبرى وهو عبارة عن وثيقة في 156 صفحة تشكل برنامج عمل مشترك وشامل، من المتوقع أن يعرض على مجلس الأمن الدولي في وقت مبكر من الأسبوع المقبل. عقد مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية أمس اجتماعا خاصا حول الاتفاق مع إيران، وناقش الوزراء العيوب الرئيسية في بنوده. وقال مسؤول اسرائيلي ممن حضروا الاجتماع " لقد حصلت إيران على اعتراف دولي بمشروعها النووي لا للأغراض السلمية والشرعية وحفظ لها الاتفاق جميع مواقعها النووية دون تفكيك اي منها وسيمكنها مواصلة تخصيب اليورانيوم بحجة توفير الوقود النووي لمشروعها".
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للرئيس الأمريكي أوباما اثناء المحادثة الهاتفية ان ثمة جانبين مثيرين للقلق لدى اسرائيل، أولهما انه بعد 10-15 سنة ستكتسب إيران الشرعية لتوسيع برنامجها النووي، والامر الآخر انها ستوظف مليارات الدولارات لتعزيز اقتصادها وتشجيع النزاعات الإقليمية. "في السنوات الـ 15 المقبلة ستحصل إيران على ما يقدر من 500-700 مليار دولار وهذه أموال لن تنفق خدمة لحقوق الانسان في نظام آية الله، بل ستنفق على واردات وصادرات الأسلحة والإرهاب. وستكون إيران قادرة على استخدام هذه الاموال داخليا لفرض نظامها، ولن تعمل على تخفيف العبء الاقتصادي أو تغيير النظام ولكن العكس من ذلك، فسوف تزيد قوة النظام القائم". ومع ذلك، تعتقد اسرائيل انه لن يلاحظ أي تغيير فعلي في الوضع الاقتصادي في إيران حتى ربيع العام القادم أو حتى فصل الصيف.
قد يبطئ الاتفاق المشروع النووي الإيراني، لكنه يترك لإيران كل الامكانات لتحقيق طموحها، وفقا لما يقول مسؤول إسرائيلي رفيع، ويضيف: "نحن مقتنعون بأن إيران لا تتخلى عن طموحاتها النووية الاستراتيجية. يجب أن نأخذ أقوال الايرانيين على محمل الجد. وهذا الاتفاق سيبقى نافذا لمهلة زمنية محددة، فماذا الذي سيحدث خلال 8 سنوات؟ ليس هناك التزام للمستقبل". وهناك قلق خاص في اسرائيل بشأن وصول مفتشي الوكالة الى مواقع عسكرية إيرانية، للتحقق من الالتزام الإيراني بالابتعاد عن الأنشطة السابقة التي كان يمارسها الجيش في المشروع النووي.
ووفقا لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، التزم ممثلو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق من هذا العام "أنه لن يكون هناك اتفاق مع إيران بدون ان تكشف إيران عن نشاطها العسكري المتعلق بالمشروع النووي. والآن، نلاحظ ان إيران لم تكشف عن العناصر السرية من نشاطها في الماضي وتتملص من واجب التوضيحات الضرورية بشأن الأنشطة الماضية".
الى ذلك فإن الاتفاق يتيح فقط إمكانية محدودة جدا في تفتيش المواقع العسكرية. وإذا رغب مفتشو الوكالة التوجه الى موقع ما، ينبغي عليهم اتباع الإجراءات القانونية والتقنية والحصول على موافقة على طلبهم الذي يجب تقديمه قبل 24 يوما من موعد زيارة التفتيش، أي ان "إيران تحصل على إشعار مسبق لتنظيف المرافق السرية قبل وصول المفتشين".
آخر عيب في الاتفاق لاحظته إسرائيل وله علاقة بالبحث والتطوير لأجهزة الطرد المركزي المتطورة"، وهو ما طالب به إيران وحصلت عليه بالفعل وهو السماح لها بمواصلة تطوير أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وهي التكنولوجيا التي من شأنها اختصار الوقت كثيرا في الطريق نحو انتاج للقنبلة".
التنازلات التي قدمتها الدول الكبرى
تراجع المسؤولون عن مواقفهم التي أعلنوها عند بدء المفاوضات وتنازلوا أثناء التفاوض:
لا اعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم نظرا للانتهاكات في الماضية.
إيران لا تحتاج إلى منشأة تحت الارض وقلعة في فوردو.
البحث والتطوير: مجموعة 5+1 قالت ان إيران لا تحتاج الى أجهزة الطرد المركزي للتخصيب.
يجب فرض رقابة حازمة وصارمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تلقت إسرائيل أكثر من مرة تعهدات واضحة بأن "الوقت الضروري" لتخصيب المواد الانشطارية من مستوى منخفض التخصيب وللتحول الى مواد انشطارية عالية التخصيب وهو ما يلزم لصنع اول قنبلة نووية، سيقاس بالسنين.
طلبت إسرائيل وتلقت وعدا، حتى من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن تكشف إيران كافة المعلومات عن برنامجها النووي العسكري.
مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل: الدول الكبرى قالت بصريح العبارة بشكل لا لبس فيه ان إيران لا تحتاج مفاعل الماء الثقيل لبرنامج نووي مدني.
انجازات حققتها إيران في الاتفاق
حصلت إيران على اعتراف دولي بحقها في تخصيب اليورانيوم. هذا يتيح لها تخصيب كمية تصل إلى 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب في مستودعاتها، على الرغم من أنه ما من ضرورة لاستخدام هذه الكمية لأغراض مدنية.
حصلت إيران على اعتراف دولي بكافة منشآتها النووية، بما في ذلك منشأة تحت الأرض في فوردو. لا يشترط الاتفاق على طهران تفكيك أو اغلاق أي من المواقع، ولا تجميد النشاط في أي من المواقع.
الاتفاق يمكن إيران من الحفاظ على 5600 جهاز طرد مركزي في نطنز في المخابئ، مع آلاف الأجهزة الأخرى التي ستبقى تعمل علنا في اقبية موقع فوردو. ثلث أجهزة الطرد المركزي هذه، يمكنها تخصيب النظائر المشعة.
سمح لإيران بمواصلة البحث والتطوير لجميع النماذج المتقدمة من أجهزة الطرد المركزي. وسوف تكون قادرة على تطوير أجهزة الطرد المركزي التي ستكون أسرع بـ 20-25 ضعفا مما هي عليه في الوقت الراهن، وسيكون لهذا دور عندما تقرر طهران إنتاج قنبلة نووية.
الاتفاق يعفي إيران من الالتزام بالكشف عن نشاطاتها الماضية الخاصة ببرنامجها العسكري.
لا يتطرق الاتفاق الى مشروع الصواريخ الإيرانية أرض-أرض.