في نهاية ولايته يواجه الرئيس براك اوباما أحد التحديات الأصعب. تنظيم الدولة الذي عمل حتى الآن في مناطق الازمة والصراع مثل العراق وسوريا، ونقل لاول مرة نشاطه إلى الدولة السيادية صاحبة الجيش القوي ـ مصر. العملية الإرهابية الواسعة للتنظيم في الاسبوع الماضي ضد الجيش في سيناء تسببت في قتل عشرات الجنود. اضافة إلى الاضرر الكبير بحياة الناس وبسمعة الجيش المصري. من شأن هذا الحادث أن يؤدي إلى تغيير شامل في الشرق الاوسط القابل للاشتعال: توسيع نشاط التنظيم إلى دول سيادية اخرى في المنطقة من اجل التسبب في انهيارها.
إلا أن عملا شاملا ومصمما للمجتمع الدولي برئاسة الولايات المتحدة من شأنه اعادة الامور إلى نصابها وكبح انتشار التنظيم. هذه الاستراتيجية ستخدم المصلحة المصرية لاعادة الهدوء وتعزيز السيادة في سيناء، والمصلحة الأمريكية الشاملة في المنطقة ايضا، بكبح تنظيم الدولة إلى حين القضاء عليه.
على هذه الاستراتيجية الشاملة أن تعتبر الاحداث في مصر مقياسا، والعمل في ثلاث جبهات :
الاولى، اعطاء مظلة وتأييد كامل للصراع المصري ضد تنظيم الدولة ومنح شرعية كاملة لاعمال الجيش المصري في سيناء. وتصريحات لزعماء المجتمع الدولي وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي حول عدم شرعية افعال التنظيم، إلى جانب تأييد حق القاهرة بالعمل ضده، ستخدم الهدف. ومع دعم كهذا سيتوجه الرئيس المصري للشعب المصري وللجماهير في الدول العربية من اجل الحصول على الدعم والتأييد. إن تأييدا كهذا سيعيد مصر من جديد إلى احضان الغرب بعد أن كانت مؤخرا ترقص بين واشنطن وموسكو.
الثانية، تقديم الدعم اللوجستي والعسكري الشامل للجيش المصري. على الولايات المتحدة الغاء القيود التي فرضتها في الماضي على بيع ونقل السلاح المتقدم للجيش المصري على اعتبار أن ذلك يمس بحقوق الانسان. الظروف الحالية تفرض وجود نقاش مؤقت وتعزيز قدرات الجيش المصري لمواجهة التحدي الاكبر الذي يفرضه التنظيم على سلامة الجمهورية. يستطيع الجيش الأمريكي ايضا تقديم المعلومات الاستخبارية النوعية للجيش المصري، وتوجيه جوي واستخدام ادوات خاصة في الصراع ضد التنظيم. بتشجيع ودعم أمريكي ستوسع اسرائيل المساعدة الاستخبارية للجيش المصري وتسمح بدخول القوات والسلاح الاضافي إلى سيناء وتجاوز القيود التي ينص عليها اتفاق السلام بين الدول. تجدر الاشارة إلى أن هذا التأييد والدعم يجب أن يكون سراً من اجل عدم تصوير السيسي ونظامه كمتعاونين مع «الصهاينة والأمريكيين».
الثالثة، المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة يجب أن ينظرا إلى حادثة سيناء كحادثة معيارية تستوجب اعطاء غطاء دفاعي شامل لدول المنطقة المستقرة في مواجهة تنظيم الدولة. ومن شأن التلعثم الأمريكي أن يضع دولا اخرى في المنطقه أمام تحدي مشابه، سيؤدي في نهاية الامر إلى انهيارها. لذلك على واشنطن العمل أمام عواصم هذه الدول من اجل مواجهة الخطر المستقبلي الذي يشكله التنظيم على أنظمتها. السياسة الأمريكية الفاشلة في الشرق الاوسط ـ من ليبيا مرورا بمصر وحتى سوريا والعراق ـ دفعت المنطقة إلى حمام من الدماء. يجب ألا تكرر اخطاء الماضي حيث امتنعت عن التدخل في الاحداث الدموية وسمحت للقوات المحلية بأن تواجه السيطرة العليا للدول المتعددة. وعودة الأمريكيين إلى السلوك الفاشل سيكون لها ثمن باهظ تدفعه مصر واسرائيل والمجتمع الدولي ايضا.
الاستراتيجية المقترحة تتلاءم مع الاستراتيجية الأمريكية الشاملة ضد التنظيم والتي تهدف إلى كبح التمدد في المرحلة الاولى وتقليص قوته إلى أن يتم القضاء عليه. نجاح الحالة المصرية سيقرب الهدف. والفشل سيؤدي بالضرورة إلى توسع التنظيم. لذلك يجب أن لا تسمح الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للقاهرة بأن تواجه هذه المسألة بقواها الذاتية فقط. ففي حال سقوط النظام في مصر سيكون الثمن باهظ جدا لمصر وللمنطقة كلها.
-----------
الكاتب : عوفر يسرائيلي