كشفت لجان برلمانية، امس، ان حجم صفقات الاسلحة التي ابرمها العراق مع الجانب الاميركي تزيد عن 12 مليار دولار منذ 2005، مؤكدة ان الحكومة العراقية دفعت نقداً ثمن مئات الصفقات مع صندوق الـ fms.
وفيما اشارت اللجان الى ملف مقاتلات الـ F16 كدليل على تلكؤ صفقات التسليح الاميركية، اكدت ان العراق غير قادر على استرجاع امواله رغم تأخر الجانب الاميركي بالايفاء بمواعيد التجهيز.
وكانت لجنة الامن البرلمانية اكدت لـ"المدى"، في 24 حزيران الماضي، ان واشنطن لم تف الا بـ 10% من حجم الصفقات العسكرية التي ابرمتها مع بغداد، مشيرة الى ان العراق قام بتسديد ثمن اكثر هذه العقود.
وأبرمت الخارجية الأميركية نحو (476) صفقة تسليح مع الحكومة في إطار السعي لتعزيز التعاون العسكري الأميركي مع العراق، حيث بلغت قيمتها 12.3 مليار دولار.ومن اهم عقود التسليح الموقعة بين بغداد وواشنطن هي صفقة دبابات أبرامز M1A1 وصواريخ هلفاير وطائرات نقل عسكرية إس-130. كما ابرم العراق صفقة شراء 24 طائرة بيجكرافت التدريبية بقيمة 790 مليون دولار.
ووقعت حكومة نوري المالكي مع الولايات المتحدة الاميركية على صفقة شراء 36 مقاتلة إف16 يصل سعر الواحدة منها الى 65 مليون دولار والدبابات من نوع ابرامز M1A1 ومدرعات هامفي.
وفي هذا السياق، يقول حاكم الزاملي، رئيس لجنة الامن والدفاع البرلمانية في تصريح لـ"المدى"، إن "لجنتنا لديها اطلاع تفصيلي على كافة العقود التي تبرمها وزارة الدفاع مع جميع الدول لغرض تجهيز قواتنا بالاسلحة والمعدات والذخيرة وقمنا بتقييمها ومعرفة صلاحيتها".
واوضح الزاملي "اطلعت على ملف (fms) الموجود في وزارة الدفاع وهو مختصر لصندوق المبيعات الاميركية للجيش العراقي منذ عام 2003 وإلى وقتنا الحالي"، مشددا على أن "هذا الملف يعاني من التلكؤ والتأخير لعدم التزام الجانب الاميركي بالمواعيد المحددة لتجهيز العراق بالآليات والمعدات وانواع اخرى من الاسلحة".
واضاف رئيس لجنة الامن البرلمانية "كل هذه الصفقات المبرمة مع الجانب الاميركي والتأخير في تجهيزها تم شرحه في مجلس النواب، خلال الاجتماعات والكتب الرسمية"، مشيرا الى أن "ملف المبيعات العسكرية كلف الحكومة العراقية أكثر من 11 مليار دولار".
ويعد برنامج المبيعات العسكرية الخارجية جزءا من اتفاقية الشراكة الستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق، التي تنص على "تعزيز ودعم قدرات العراق الأمنية لحماية سيادته".
وكشفت لجنة الامن والدفاع البرلمانية، في حزيران الماضي، أن العراق انفق، خلال 8 سنوات، ما يزيد عن 145 مليار دولار على مؤسساته الامنية ومقاتلة التنظيمات الارهابية. لكنها اعترفت بعدم وجود رؤية لهذه النفقات التي وصفتها "بالضخمة والكبيرة"
ويقول الزاملي ان "هذه المبالغ ضخمة جدا قياسا مع الامكانيات الموجودة لدينا والتي من المفروض بعد هذه التخصيصات ان نكون الدولة الاولى في العالم من حيث العدة والعدد"، منوها إلى ان "العراق حاليا متخلف على مستوى التسليح ويحتاج إلى اسلحة متطورة".
ويشدد النائب عن كتلة الاحرار على أن "الولايات المتحدة الاميركية لم تلتزم مع الحكومة العراقية وفق هذه العقود بتجهيزنا بالاسلحة التي نحتاجها في المعارك التي تخوضها قواتنا ضد الارهاب"، معتبرا ان "آلية التجهيز خاطئة لانها لم تعتمد على الاولوية في التسليح لذلك تلكأت عمليات التجهز".
بدوره يوضح النائب هيثم الجبوري، عضو اللجنة المالية، عقود الـfms والاموال المخصصة لها في الموازنات الماضية، بالقول ان "هذا الملف عبارة عن صندوق كانت تدفع له الاموال عبر صندوق dfi (صندوق اعمار العراق) من أجل ان يكون العراق جاهزا لدفع الاموال مباشرة إلى الحكومة الاميركية متى ما قامت بتجهيزنا بالاسلحة".
يذكر ان صندوق (اعمار العراق) تم ايقاف العمل به بعد قرار الامم المتحدة في حزيران عام 2013 باخراج العراق من احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة التي فرضت بعد الغزو العراقي للكويت.
ويبين الجبوري، في حديثه مع "المدى"، بان "اموال صندوق fms وصلت لأكثر من 12 مليار دولار دون أن يستلم العراق اية قطعة عسكرية من الولايات المتحدة الاميركية"، مشيرا الى ان "هذه الاموال مودعة الان لدى الحكومة الاميركية وهي تستخدمها في استثماراتها الخاصة".
ومنذ 2011 تسارعت وتيرة شراء العراق للاسلحة الاميركية، فقد تسلم نحو 100 دبابة من طراز ابرامز، بالاضافة الى مئات من عجلات النقل المصفحة (هامفي، هامر). وتركز النشاط الاميركي بعد 2013 على تزويد العراق بمعدات عسكرية وصواريخ موجهة مع تصاعد خطر داعش قبيل سقوط الموصل العام الماضي.
ويشير الجبوري الى أن "مقاتلات الـ F16، التي اخرت واشنطن تسليمها الى العراق، هي من ضمن عقود fms"، منوها الى ان "اللجنة المالية البرلمانية دعت إلى الغاء هذا العقد وايقافه في العام 2015 وستبقى فقط الاموال المجمدة في هذا الصندوق".
ويقول عضو اللجنة المالية "لن نودع اموالا جديدة في صندوق fms، خلال العام الحالي والاعوام الاخرى، لان الجانب الاميركي لم يلتزم بوعوده مع الجانب العراقي".
ولفت إلى أن "المبالغ التي اودعت في الصندوق ليس بامكان الحكومة العراقية استرجاعها لانها اصبحت عقودا موقعة".
من جانب آخر تؤكد النائبة ماجدة التميمي، العضو الاخر في اللجنة المالية، أن "الحكومة العراقية حولت مبالغ مالية من عام 2005 إلى العام الماضي في اطار ملف المبيعات العسكرية fms وتقدر بـ11.8 مليار دولار".
وتشير التميمي، خلال تصريحها لـ"المدى"، الى ان "ديوان الرقابة المالية لا يعلم بهذه الاموال ولم يسمح له بتدقيقها ولم تخضع للادخال المخزني".
واكدت عضو اللجنة المالية ان "هذا العقد يشمل تجهيز الجيش العراقي بالاسلحة والمعدات والذخيرة الاميركية ومن ضمنه التدريب".