كلف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الجيش والقضاء بإنهاء أعمال العنف بين العرب والأمازيغ في منطقة غرداية بالجنوب والتي أسفرت عن أكثر من 20 قتيلا وعشرات الجرحى في الأيام الأخيرة.

وقد اتخذت القضية أبعادا وطنية حملت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على عقد اجتماع طارئ مساء الأربعاء مع رئيس الوزراء عبد المالك سلال ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح.

وإثر الاجتماع كلف الرئيس بوتفليقة قائد المنطقة العسكرية الرابعة التي تتبعها ولاية غرداية، ب"الإشراف على عمل مصالح الأمن والسلطات المحلية المعنية من أجل استتباب النظام العام والحفاظ عليه عبر ولاية غرداية"، وفق بيان للرئاسة.

كما كلف بوتفليقة رئيس الوزراء ب"السهر بمعية وزير العدل (..) على أن تتكفل النيابة العامة بسرعة وبحزم بكل خروقات القانون عبر ولاية غرداية لاسيما المساس بأمن الأشخاص والممتلكات".

ومنذ أكثر من سنتين، أرسلت إلى الولاية لدى اندلاع كل من موجة من أعمال العنف، تعزيزات من الشرطة والدرك لكنها لم تتمكن من بسط الأمن في الوادي الصخري الكائن على أبواب الصحراء.

يتعايش في هذه المنطقة منذ قرون المزابيون (قبائل زناتة)، وهم أقلية إتنية دينية من الأمازيغ الإباضيين، وعرب يتبعون المذهب المالكي (مسلمون سنة). وانضم إليهم على مر العقود سكان آخرون اجتذبهم التمدن واكتشاف النفط في حقول قريبة.

وذكرت صحيفة "لا تريبيون" الخميس أن "الحل العسكري" لم يسفر عن أي نتيجة. وأضافت أن "الأزمة هي وجه من الوجوه التي تعبر عن أزمة الدولة الوطنية التي لم تعمد إلى الاستفادة من خصوصية المناطق بل تجاهلت إشكال التنظيم الذاتي للأجداد".

ويواصل المزابيون الذين يشكلون الأكثرية في المنطقة، ويشكل معقلهم غرداية المشهورة بهندستها المعمارية المميزة والمصنفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، حياتهم وفق طريقتهم الاجتماعية الخاصة بهم.

كشفت وزارة الداخلية الجزائرية عن محجوزات أولية من الأسلحة التي اُستعملت في إثارة أعمال عنف هزت غرداية جنوب البلاد، وخلفت نحو 22 قتيلا، وعشرات الجرحى، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة.

وقالت السلطات المركزية في بيان إن “قوات الشرطة العاملة بولاية غرداية توصلت بعد تحريات دقيقة وواسعة لنقاط مشبوهة، إلى اكتشاف ورشات لصناعة وتخزين الوسائل المستعملة في الأحداث الدامية”.

وأضافت أنه “جرى حجز أسلحة خطيرة من صنع يدوي وتقليدي، تمايزت بين الهجومية والدفاعية، وهي عبارة عن أسلحة بيضاء متمثلة في فؤوس وسكاكين معدلة، وقارورات غاز استعملت في الرشق من فوق أسطح المنازل، وكريات جبس محشوة بمسامير وشفرات حادة، وأكياس وقارورات مادة روح الملح، وزجاجات حارقة، وسماد كيميائي، وأقواس لرمي القضبان الحديدية، وقاذفات حجارة من الحجم الكبير يتم استعمالها بواسطة أربعة أشخاص فأكثر، وبنادق صيد”.

وتابع البيان أنه “وفيما يخص الوسائل الدفاعية، فقد استعملت الصفائح الحديدية المعدلة والمختلفة الأحجام كدروع، إضافة إلى الخوذات الواقية”.

ولا تزال التحقيقات الأمنية والقضائية جارية للإيقاع بكافة المطلوبين والضالعين في أحداث غرداية، فيما نفذت الشرطة مداهمات للمواقع المشبوهة في مدن غرداية والقرارة وبريان.

وخصص الأمن الجزائري “خطا أخضر لاستقبال نداءات السكان واستقبال البلاغات والشكاوى عن أي مشتبه فيه أو عن أي حادث من شأنه إشعال فتيل العنف من جديد”.