فيما وجه النائب الأميركي دنكن هنتر رسالة الى الرئيس باراك أوباما الخميس الماضي، عبّر فيها عن خشيته من "شراء الأردن طائرات صينية بدون طيار"، بسبب "رفض الإدارة الأميركية سابقا طلبا أردنيا بشراء هذه الطائرات من الولايات المتحدة"، أكدت السفارة الأميركية لدى الأردن أمس، أنه "سيتم النظر في طلبات الحلفاء، في ضوء سياسة الصادرات المحتملة لأنظمة جوية بدون طيار الصادرة حديثا".
وفي وقت ادعى فيه النائب الجمهوري هنتر في الرسالة، أن "الأردن يتواصل في الوقت الحالي مع الصين للحصول على طائرات مسلحة بدون طيار"، وهي الطائرات التي طلبها الأردن ورفضت الإدارة الأميركية إعطاء رخصة لتصديرها له، أواخر العام الماضي، رفضت الحكومة التعليق على الأمر.
واكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام والاتصال محمد المومني، ردا على استفسارات "الغد" حول الموضوع بالقول: "لا تعليق".
وكان هنتر قال إنه "علم عن وجود تمثيل صيني حاليا في الأردن لبحث هذا الأمر، وكذلك العمليات والأمور اللوجستية والأخرى المرتبطة بعملية بيع عاجلة لأنظمة تسليحية بدون طيار"، فيما نقل أحد موظفي الكونغرس، بحسب ما أشار موقع مختص بالشأن الدفاعي "ديفينس ون"، إلى أن هنتر علم عن الزيارة الصينية للأردن من "مصادر رفيعة جدا في المملكة".
وحثت الرسالة، التي نقل موقع "ذا هيل" المعني بأخبار الكونغرس مقتطفات منها، الرئيس أوباما على "التفكير جديا بالسماح للأردن باستعارة والاستفادة من طائرات "ام كيو-1" بدون طيار، والتي تدعى "بريداتور يو ايه في"، الموجودة أصلا لدى سلاح الجو الأميركي، لأن طلبات المملكة لمساعدات عسكرية محددة تزداد أهمية".
وقال هنتر إنه "واثق من أن بلاده يمكن أن تحد من اهتمام الأردن بالطائرات الصينية من خلال اتخاذ إجراءات فورية".
وطلب من البيت الأبيض تميكن الأردن من الحصول على طائرات اميركية "مسلحة" بدون طيار، قبل أن يتم إتمام أي صفقة بين الأردنيين والصينيين.
محليا، اكد المتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية سيلفيو غونزاليز، في تصريح خاص لـ"الغد" امس، التزام الولايات المتحدة بصرامة معايير "البيع والنقل والاستعمال اللاحق للأنظمة الجوية الأميركية المنشأ التي تكون بدون طيار".
وأضاف، في رده على سؤال، حول نية بلاده إعارة هذه الطائرات للأردن، إن "جميع الصادرات المحتملة لأنظمة جوية بدون طيار، تندرج في إطار سياسة التصدير الصادرة مؤخرا، والخاصة بهذه الأنظمة، ووفقا لسياسة نقل الأسلحة التقليدية، وعلى أساس أن كل حالة يتم التعامل معها على حدة"، قائلا "نحن بالتأكيد سننظر في أي طلبات من الحلفاء في ضوء هذه السياسة".
غير أن غونزاليز أكد أنه "لا يمكن للسفارة التعليق على هذه القرارات، الى ان يتم إخطار الكونغرس بها رسميا".
أما بالنسبة لخطط الحكومة الأردنية في هذا الصدد، فقال "إن بامكان (الغد) الحصول على تعليق من حكومة المملكة بخصوص خطط المشتريات الخاصة بها".
وشدد على أن بلاده ستستمر في بذل كل جهد ممكن للإسراع بالمساعدة الأمنية للأردن، وأن وزارة الخارجية تعمل على وجه السرعة، على الطلبات الأردنية الخاصة بتعزيز قدرات المملكة العسكرية، وذلك بالشراكة مع وزارة الدفاع الأميركية.
وأعاد غونزاليز التأكيد، في هذا السياق، على ان الأردن هو "حليف لا يقدر بثمن، وهو حليف ننسق معه بشكل وثيق بشأن مجموعة من القضايا في جميع أنحاء المنطقة".
كما شدد على أن الأردن "يبقى ركيزة فيما يخص الأمن الإقليمي، وهو مستمر بتقديم مساهماته الحاسمة للتحالف الدولي للحد من قدرة تنظيم (داعش)، وهزيمته في نهاية المطاف".
وذكر أن الولايات المتحدة ومنذ عقود، "دعمت بقوة الجهود التي يبذلها الأردن لتعزيز أمنه، وتوفر أكثر من 300 مليون دولار من المساعدات الأمنية له سنويا، مما يجعله واحدة من أكبر برامج المساعدات الأمنية لدينا".
وكان هنتر و22 نائبا جمهوريا، قالوا في رسالة سابقة، وجهوها للبيت الأبيض في آذار (مارس) الماضي، إنه "يجب السماح للأردن باستعارة ذات الطائرات لغايات الحرب ضد داعش".
كما كانت سبقت ذلك، رسالة أخرى لنواب جمهوريين في شباط (فبراير) الماضي، تطالب بتزويد الأردن بهذه الطائرات، فيما كانت هذه الرسالة تطالب ببيع الطائرات الى المملكة، ثم تحولت لاحقا إلى "إعارة الطائرات" فقط.
وقالت الرسالة الثانية التي وقعها هنتر قبل شهرين إنه "بموجب اقترح الإعارة، فإن الطيارين الأردنيين سيقودون هذه الطائرات في العمليات، ولكن الطائرات نفسها ستبقى تحت ملكية سلاح الجو الأميركي".
وفيما تحمل هذه الطائرات، في العادة، صاروخين اثنين، من نوع "هيلفاير"، قال مسؤول في الكونغرس، إنه بموجب الخطة في الرسالة، فإن الولايات المتحدة "ستقرض الأردن ثلاث أو أربع طائرات، ومن شأن ذلك أن يجعل لدى الأردن عددا كافيا من هذه الطائرات، بحيث تبقى واحدة منها على الأقل في الجو على مدار الساعة".
وفيما كانت الإدارة الأميركية رفضت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، منح رخصة تصدير لشركة "جنرال اتوميكس" المصنعة لهذا الطائرات، تحديدا الى الأردن، بحسب ما قال نواب جمهوريون، فإن الاقتراح الجديد، يتيح "إقراضا" وليس بيعا لهذه الطائرات، ما يعني "التفافا على المخاوف بشأن سوء الاستخدام، لأن سلاح الجو الأميركي سيبقي، وعلى نحو فعال، بيده حق الاعتراض على كيفية استخدام عمّان لهذه الطائرات"، وفقا لمسؤول في الكونغرس.
ويرى محللون أميركيون، أن هنتر يسعى لإفادة شركة "جنرال أتوميكس"، المصنعة لهذه الفئة من الطائرات، لأنها تعد المساهم الأكبر في حملته الانتخابية.
وعلى الرغم من أن الشركة لن تبيع الطائرات للأردن الا أنها ستستفيد ماليا لناحية عمليات الصيانة وقطع الغيار وكل ما يتعلق بهذه الطائرات أثناء وجودها في المملكة.
ورأى هنتر أن اي صفقة مع الصين "ستضر بصناعة الدفاع الأميركية، وسيفتح سوقا جديدة لبكين، ويجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة والأردن، للعمل جنبا إلى جنب، في مكافحة تنظيم داعش".
ويبدو أن "البنتاغون" ينظر حاليا في هذا الاقتراح، ففي جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي في 18 آذار (مارس) الماضي، طرح هنتر الفكرة مع وزير الدفاع اشتون كارتر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي، حيث أشار هنتر حينها الى أنه "سيكون من الصعب بيع طائرات بدون طيار إلى الأردن مباشرة، بسبب القيود الواردة في لوائح الاتجار الدولي للأسلحة".
وبينما أكد أنه "يدرك حقيقة التزام الولايات المتحدة بالمحافظة على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جيرانها"، اعتبر أن اقتراحه "سيتجاوز هذه العقبات، لأن الأردنيين لن يمتلكوا هذه الطائرات، فليست هناك مشكلة حول التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".
ورد وزير الدفاع كارتر حينها بأن "هذه أحد الأشكال المتعددة التي ننظر اليها لمساعدة الأردنيين وشركاء التحالف الآخرين"، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن ذلك، معتبرا أن "المنطق والاحتمالات التي وصفها هنتر "حقيقية".
أما ديمبسي فقال إن رسالة هؤلاء النواب بهذا الخصوص "يجري بحثها في وزارة الخارجية".
أما بالنسبة للصين، فأصبحت تسوق بنشاط هذه الطائرات بدون طيار في سوق الدفاع الدولي، وفي وقت سابق من هذا العام، عرضت شركات الدفاع الصينية المملوكة للدولة طائراتها بدون طيار في معرض الدفاع الدولي في أبو ظبي.
وتشبه الطائرة الصينية التي تحمل اسم "ذا وينغ لوونغ" The Wing Loong التي يجري الحديث عن ان الأردن يبحث شراءها، بشكل كبير، طائرة "البريدتور" الأميركية، ويقال إنها تمتلك نطاقا مشابها، وتحميلا للأسلحة، وغيرها من الخصائص.
وعلى غرار "البريدتور" فإن "وينغ لوونغ" لديها ريادة في ما يخص حجرة الوقود في الطائرة، بحيث يمكنها الطيران لمدة 20 ساعة متواصلة، ويمكن أن تحمل صواريخ، كما تشير معلومات الى ان كلا من مصر والسعودية والإمارات تسعى لشراء هذه الطائرات.
وحاولت "الغد" الحصول على رد من السفارة الصينية لدى الأردن، حول حقيقة وجود ممثل لحكومتها في المملكة، بشأن عقد صفقة بهذا الشأن، إلا أنه لم يتسن لها ذلك.
http://alghad.com/articles/870931