حصل العراقيون اخيراً على وعد اميركي بتسلم دفعة طائرات مقاتلة نوع "F-16" للاستفادة منها في حربهم ضد تنظيم "داعش"، وتساور الادارة الامريكية في هذا الوقت، تساؤلات حول كيف بامكان العراقيين تشغيلها وتسييرها؟
واشترى العراق 18 طائرة مقاتلة امريكية الصنع في عام 2011 بمبلغ ثلاثة مليار دولار، وعاد ليشتري 18 طائرة اخرى ودفع قسطا اخر بنحو 830 مليون دولار خلال العامين الماضيين لتصبح مجموع طائراته الحربية المشتراة الان 36 طائرة، وفقاً لمسؤولين امريكان.
الكولونيل ستيفن وارن، المتحدث باسم البنتاغون قال "الطيارون العراقيون تدربوا على الطائرة الحربية في قواعد الولايات المتحدة الجوية ومنها قاعدة ديفيس مونثان في ولاية اريزونا وست طيارين اخرين تدربوا في قواعد اخرى، وستكون الدفعة الاولى من الطيارين جاهزة لقيادة طائرة F - 16 مطلع الصيف القادم لان الطائرات ستسلم الى العراق هذا الصيف وعددها 10 طائرات فقط".
وتساءلت شبكة FOX NEWS للانباء، عن مدى استعداد الجانب العراقي لقيادة هذه الطائرة. وتحدث في هذا الشأن مجموعة من الخبراء العسكريين المختصين في مجال سلاح الجو الامريكي، من بينهم الطيار المتقاعد بيير سبيري، محلل الدفاع والمساعد في تصميم الشكل الرئيسي للطائرة منذ عام 1970 قائلاً "التدريب على هذه الطائرة امر شاق لانها تحتاج الى طيار ذكي وسريع البديهية وقادر على المناورة بشكل سريع واتخاذ قرارات جريئة".
وكان من المؤمل ان يتسلم العراق الطائرات من ولاية اريزونا في تشرين الثاني من عام 2014، ولكن الوضع الامني حال دون ذلك، فقررت وزارة الدفاع الامريكية تسليم العراق طائراته من ولاية توكسون في أيار القادم، بحسب الخطة التي اعدها البنتاغون.
وتشمل هذه الخطة تدريب الطيارين العراقيين على هذه الطائرات بهذه الفترة ليكونوا قادرين على استخدامها بحسب وزارة الدفاع الامريكية.
وعلى خلفية هذه الخطة، التي اعدتها وزارة الدفاع الامريكية، يشعر العراقيون باحباط كبير لاسيما انهم يتحدثون عن عدم التنسيق بشأن تسليمهم الطائرات، وهذا ما اشار اليه قائد القوة الجوية الفريق الركن انور حمة امين في بيان قال فيه ان "الجدول الزمني لتسليم الطائرات غير واضح، فمن المؤمل ان تصل الطائرات الى العراق في 12 تموز القادم مع طياريها وتبدأ بمهامها على الفور".
ولم يتسن لشبكة FOX NEWS التأكد من هذا التصريح عبر السفارة الامريكية في بغداد.
ويقول الخبير العسكري سبيري ان "اللغط بشأن موعد تسليم الطائرات الى اصحابها سيضر بشكل كبير جهودهم في محاربة تنظيم داعش، ولكن هناك مشكلة وهي ان تسلم العراق لهذه الطائرات بدون جاهزية الطيارين الموجودين في امريكا سيخلق المزيد من الخسائر لا جلب الانتصارات".
ولم تعلق وزارة الدفاع الامريكية بشأن جاهزية الطيارين العراقيين من ناحية لياقتهم البدنية، كما لم يجيبوا على تساؤلات حول ما اذا كانت هذه الطائرات ستستخدم لضرب مواقع جهاديي التنظيم او على مناطق ذات اختلاف طائفي وعرقي.
ويقاتل الجيش العراقي مسلحي "داعش" في العديد من المدن الرئيسية العراقية بمساعدة الضربات الجوية الامريكية، محققاً مؤخراً مكاسب مهمة مثل تحريره مدينة تكريت بمساعدة القوات الشعبية الشيعية المدعومة من ايران والضربات الجوية الامريكية، لكنه ما يزال يصارع من اجل استعادة السيطرة على مدينة الرمادي ومناطق ستراتيجية اخرى في البلاد.
ولا يعتمد الجيش العراقي على القوة الجوية العراقية التي تنظر اليها الولايات المتحدة بانها هزيلة ولاتزال تعتمد على الطائرات الامريكية لتنفيذ ضربات جوية لطرد مسلحي "داعش" من شمال وغرب البلاد.
وينسلو ويلر، طيار امريكي، تحدث بحذر عن عدم امكانية العراقيين في تشغيل هذه الطائرات واستخدام قوتها ضد مسلحي "داعش"، نظراً لافتقارهم الخبرة في التعامل مع هكذا طائرات لاسيما انها ذات سرعة فائقة وحساسة جداً فيمكن ان يتلكأ الطيار العراقي اثناء استخدامها، ناهيك عن عدم وجود الدعم اللوجستي لها لانها بحاجة دائمة الى صيانة ومراقبة وقاعدة إنطلاق خاصة، وهذه الصفات غير موجودة بالعراق الى الان.
ولم يتفق تايلر روكوي مع الطيار المتقاعد السابق ويلر، فقال في هذا الشأن "على الرغم من حمولة الطائرة المحدودة فهي تعد وسيلة جيدة للاستخدام الداخلي مثل مكافحة عمليات التمرد والمراقبة والدفاع الجوي وخفض التهديدات المحتملة على مشارف العاصمة بغداد من قبل مسلحي داعش".
ووفقاً لتقرير موقع صناعات الطائرات الدفاعية، الصادر في تشرين الثاني العام الماضي، فأنه لااحد يعرف ما اذا كان الطيارون العراقيون على استعداد لاستخدام هذه الطائرات الحربية او لا ؟ او انها ستبقى في المدرج دون استخدام، ولكن الولايات المتحدة ستعمل على تسليم هذه الطائرات الى العراق ومسألة مشاركتها امر عراقي خاص".
وهناك معوقات اخرى تعيق تحليق طائرة "F-16" في الجو، فالمسألة ليست تحليق طائرة بالجو فقط، وانما البلد بحاجة الى منظومة لمراقبة حركتها بالرادار وقدرات بشرية على قيادة وسيطرة ابراج المراقبة عراقياً، لربط نظام الاتصال بالطيارين.
الامر الاكثر اهمية تهيئة منصات إقلاع جيدة ومناسبة لهذه الطائرة فضلاً عن توفير فريق متطور لصيانتها الدورية، ناهيك عن وجوب تدريب فريق عراقي يتحمل البيئة العراقية التي غالباً ما تشهد ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
الولايات المتحدة عليها ايضاً ان تعد جهوداً محلية لمتابعة عمل ونشاط الطائرات وهذا يحتاج الى وقت طويل وربما لنهاية هذا العام، فمن خلال هذه المعوقات يمكن القول ان العراق لن يكون قادراً على فرض السيادة الجوية الوطنية قبل 2016.
وعبر سبيري عن مخاوفه من وقوع هذه الطائرات بالايادي الخطأ، مشككاً بالوقت نفسه، من عدم قدرة تنظيم "داعش" على الطيران بمثل هذه الطائرات في حال وقوعها بيدهم، ولكن يعني خسارتها التي تساوي المليارات وإهدار المال والتكنولوجيا، ويمكن ان تقع بيد اي شخص اخر نظراً لعدم استقرار الوضع الامني.