نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، تقريراً أشارت فيه إلى أن تركيا تتخذ خطوات لتعزيز صناعة الأسلحة، بهدف تقليص اعتمادها على حلفائها في حلف «شمال الأطلسي».
وأشارت الصحيفة إلى أنه «بعدما استبدلت الإمبرطورية العثمانية السيوف بالبنادق، منذ قرنين من الزمن، اعتمد الجيش التركي على الأسلحة والتقنية الغربية»، مضيفة أن «القيادة التركية تدفع باتجاه إنهاء هذه القاعدة وتتحوّل باتجاه استراتيجية تقلق حلفاءها في الحلف الأطلسي».
وفق الصحيفة، فقد تحركت أنقرة أخيراً في سبيل تقليص اعتمادها العسكري على الغرب، ولا يعتبر «ما قامت به الشهر الماضي من إنشاء لمنشآت لاختبار الصواريخ وتقنيات الرادار»، إلا دليلاً على ذلك، مشيرة في هذا المجال، إلى أن هذه الخطورة «جزء من جهود تركيا لتعزيز صناعة تصدير الأسلحة التي تنمو بسرعة، فضلاً عن تزويد قوّاتها بدبابات مصنوعة محلياً وسفن حربية وطائرات من دون طيار وصواريخ، للوصول إلى هدف تصنيع طائرة حربية مقاتلة، في عام 2023، أي في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية».
علاوة على ذلك، رفضت أنقرة عروضاً من حلفائها في «الحلف الأطلسي» للحصول على نظام صواريخ دفاعية، في مقابل حصولها على آخر مصنّع في الصين، يقول عنه حلفاؤها أنه لا يتوافق مع تقنياتهم، كما يهدد التعاون الاستخباري.
بحسب كاتب التقرير إيمري بيكر، فإن الحكومة التركية ــ ذات الجذور الإسلامية ــ «تحاجج بأنها بحاجة إلى قوة عسكرية أكثر استقلالاً، لتجنّب مصير الإمبرطورية العثمانية التي انهارت بعدما اعتمدت على التحالف مع ألمانيا والنمسا والمجر في مواجهة بريطانيا وفرنسا، الأمر الذي أدى إلى أكثر الفصول التاريخية مرارة، وهو ما يغذّي الشعور بقلّة الثقة اتجاه الغرب».
وفي هذا الإطار، أشار الكاتب إلى ما قاله رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، في آذار الماضي، وهو: «خسرنا الحرب العالمية الأولى لأن الدولة العثمانية لم تمتلك تقنيّتها القتالية الخاصة»، مضيفاً أن «أمة لا تملك صناعتها الدفاعية الخاصة لا يمكنها ادعاء الاستقلالية».
إضافة إلى المثل السابق، عاشت أنقرة مثالاً أكثر حداثة، بحسب بيكر، وهو «حين قامت الولايات المتحدة بفرض حظر ساحق على الأسلحة إلى تركيا، على مدى ثلاث سنوات، بعد تدخلها العسكري في قبرص، عام 1974». إضافة إلى ذلك، إن «حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي قبلوا بنشر صواريخ باتريوت لحمايتها، خلال حرب الخليج عام 1991، بعد نقاشات طويلة ومستمرة»، أضاف بيكر.
«التغيير في السياسة التركية يكدّر التحالف مع الغرب، لأن الجانبين يحتاجان إلى مساعدة بعضهما لبعض في مواجهة التهديدات الأمنية، خصوصاً في المعركة ضد مسلحي داعش في سوريا والعراق»، قال أحد المسؤولين الغربيين في بروكسل لبيكر، مضيفاً أن «تركيا تعيد صياغة نفسها على أنها غير منحازة في خطابها، الأمر الذي يجعل حلف الأطلسي غير مرتاح». وبناءً عليه، رأى هذا المسؤول أن «موقف تركيا سيشكل مسألة على مدى السنوات المقبلة، ليس فقط إذا حصلت صفقة الصواريخ الصينية، ولكن أيضاً بسبب سياساتها».
وأشار إيمري بيكر إلى أن «بعض المسؤولين في واشنطن وبروكسل ينظرون إلى هذه التطورات، على أنها جزء من محور أوسع للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يسعى بجهد إلى تكوين سياسة خارجية مستقلة، الأمر الذي أدى، أيضاً، إلى توترات أخرى في سوريا ومصر وإسرائيل، على سبيل المثال».