من خلال الإعلان عن "المعايير الأساسية لـ «خطة العمل المشتركة الشاملة»"، أوْلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، ونظرائهم الدوليون الكثير من الاهتمام لطبيعة الاتفاق التاريخية. ولكن هل يشكل هذا الاتفاق انتصاراً تاريخياً أم خطأً تاريخياً؟ هل هو عبارة عن صفقة جيدة أم صفقة سيئة؟ الإجابة الأوضح هي أنه لا يشكل صفقة على الإطلاق. إذ لم يوقّع أي طرف على اتفاق الإطار الذي أُعلن عنه الخميس والذي من المفترض أن يكون عرضة للتغيير. ويبقى من المقرر التفاوض حول الاتفاق النهائي بحلول 30 حزيران/ يونيو، على الرغم من أنه قد يتبيّن أن هذا الموعد الأخير يتمتع بليونة ما - مَثله مثل كافة المواعيد النهائية السابقة. وسيتم التفاوض على التفاصيل الحيوية في الأسابيع المقبلة.
إن الرئيس أوباما، والمناصرون الآخرون للاتفاق، سيعملون على جعل الجمهور يقارن ما بين هذه النتيجة وبين اندلاع حرب مع إيران. ومن بين هذين الخيارين، من المؤكد أن يميل العديدون إلى الترحيب بالصفقة. إلا أن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إرنست قال يوم الأربعاء المنصرم، إن بدائل أخرى كانت قيد الدراسة، بما فيها زيادة العقوبات أو تمديد المحادثات.
إذا قارن المرء بين المؤشرات التي أُعلن عنها الخميس وبين المواقف التفاوضية الأمريكية السابقة، سواء في عهد الرئيس أوباما أو الرئيس السابق جورج بوش الإبن، فإن الأمر يبدو أقل من يكون انتصاراً. فقد قدمت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا تنازلات كبيرة، بما فيها السماح لإيران بالاحتفاظ بمرافق بُنيت بشكل غير قانوني في مُنشأتي فوردو وآراك، وبالحفاظ على مخزونها من اليورانيوم المخصب، وبالتخلص بشكل تدريجي من معظم القيود بعد عشرة أعوام. وستبرّر الإدارة الأمريكية ذلك بأنه كان من الأجدر السيطرة على هذه العوامل (رغم أنه من المبالغة وصفها، كما فعل وزير الخارجية جون كيري، على أنها تعادل "استسلاماً" إيرانياً) ولكن تحقيق ذلك كان ببساطة غير ممكن.
عند التمعّن بمضمون الاتفاق بدلاً من مقارنته بما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيقه في الماضي، فإن اتفاق الإطار يغطي بالتأكيد نطاقاً أوسع من الذي كان المشككون يخشونه. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة هامة قائمة حول كافة القضايا الرئيسية تقريباً التي يعالجها الاتفاق وهي: ما هو مصير اليورانيوم الإيراني المخصب الزائد والمخزون الحالي من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة؟ ما هي الجوانب التي ينبغي على إيران الكشف عنها وتأمين الوصول إليها من أجل "معالجة" الأسئلة المتعلقة بأبحاثها في مجال الأسلحة النووية؟ وما هي الترتيبات التي سيتم اتباعها عندما تطلب "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الوصول إلى موقع مشبوه؟ وأي العقوبات سيتم رفعها وفي ظل أي ظروف؟ وكيف ستتم، من الناحية العملية، "إعادة فرضها" في حال وقوع أي انتهاكات؟ وكيف سيتم تحديد "الانعدام الكبير للأداء" من جهة إيران؟ إن كيفية معالجة هذه الأحكام تشكل عاملاً حاسماً في تقييم قيمة الاتفاق.
وفي كثير من النواحي، يُعتبر أن ما تم حذفه لا يقل أهمية عما تم إدراجه. فالإدارة الأمريكية قد تأمل بأن يمهد ذلك الطريق لقيام علاقات ثنائية أفضل، إلا أن هذا الاتفاق الضيق النطاق والأولي والمؤقت لا يعالج الدعم الذي تقدمه إيران للإرهاب، ولأنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ولبرنامجها المتعلق بالصواريخ الباليستية (وهي قضية ساعدت في إفساد اتفاق مماثل مع كوريا الشمالية في التسعينيات وفي العقد الأول من القرن الحالي). وبالتالي، لن يضمن هذا الاتفاق بحد ذاته "التحول الاستراتيجي لإيران" الذي سعت إليه [الولايات المتحدة ودول أخرى] منذ فترة طويلة.
وبالتالي، لا يجب التوصل فقط إلى التفاصيل المتعلقة بالاتفاق النووي في الأسابيع المقبلة. إذ لا بد للإدارة الأمريكية أن تحدد، بالتعاون مع الكونغرس، كيف ستعالج مخاوفها الأوسع نطاقاً حول إيران في بيئة من الضغط المتراخي وكيف ستطمئن حلفاء الولايات المتحدة حول إلتزام واشنطن تجاههم وتجاه الشرق الأوسط في أعقاب اتفاق سيعتبره الكثيرون على أنه مضاد لمصالحهم. إذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على التقدم الدبلوماسي، سيتوجب عليها إقناع المنتقدين على الصعيد الداخلي بعزمها على إخضاع طهران للمساءلة وإعادة بناء إجماع ثنائي حول إيران كان قد ضعف بشدة على مدى الفترة الماضية التي زادت عن عام واحد.
--------------
الكاتب : مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن.