في صيف عام 1945 أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء، وبدأ السلام يحل على القارة الأوروبية مع استسلام ألمانيا النازية. ولكن في آسيا استمر القتال العنيف بين القوات اليابانية من جهة والقوات الأمريكية البريطانية من جهة أخرى. وعلى الرغم من الدمار والخسائر الفادحة ظل الجيش الياباني قوة هائلة ولم يكن ينوي إلقاء السلاح.
في هذه الأثناء كانت هناك مباحثات بين قادة الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي حول انضمام موسكو إلى الحرب ضد اليابان، وبالطبع فقد كان الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين يرغب في الانتقام بعد النصر الذي حققته اليابان منذ 40 عاماً في عام 1905 على روسيا الإمبراطورية، حيث استولت القوات اليابانية على النصف الجنوبي من جزر سخالين والكوريل المتمركزة والتي تقع إلى الجنوب من شبه جزيرة كامتشاتكا، وبالتالي كان ستالين عازماً على استعادة ما احتلته اليابان في عام 1905 خاصة وأن الولايات المتحدة وبريطانيا وافقتا على الاعتراف بحق الاتحاد السوفيتي بهذه الجزر. والأكثر من ذلك فقد عرض الحلفاء على ستالين احتلال جزء من الجزر اليابانية.
يشار إلى أن الجنرال الأمريكي ماك آرثر كان قد وضع خطة لتقسيم اليابان إلى مناطق على غرار ألمانيا المهزومة. وفي هذا الإطار قسمت الجزر اليابانية حسب خطة الجنرال إلى أربع قطاعات يتم السيطرة عليها من قبل القوات الأمريكية والسوفيتية والبريطانية والصينية، على أن يتم ضم جزيرة هوكايدو الواقعة شمال اليابان وقسم من جزيرة هونشو إلى منطقة تحت السيطرة السوفيتية.
في بداية عام 1945 وعندما كانت القوات السوفيتية تحارب جيش ألمانيا النازية، أمر ستالين بوضع خطة حرب ضد اليابان حيث كان من بموجبها تحرير شمال شرقي الصين وكوريا الشمالية وجزر سخالين والكوريل من اليابانيين، ومن ثم كان من المخطط إجراء إنزال جوي على جزيرة هوكايدو.
بدأت الحرب في 9 من شهر آب/أغسطس لعام 1945، وخلال ثلاثة أسابيع فقط هزم الجيش السوفيتي اليابانيين، وقام بتنفيذ جميع المهام القتالية باستثناء واحدة وهي الاستيلاء على جزيرة هوكايدو التي ألغيت من قبل ستالين نفسه. والسؤال لماذا؟ الكثيرون يفسرون هذا القرار بأنه حكمة من الزعيم السوفيتي، لأن ستالين أدرك بأن الهدف الرئيسي من الحرب قد تم التوصل إليه والجيش الياباني هزم، وتم استرجاع الأراضي المسلوبة منذ 40 عاماً. ولهذا لم يلجأ ستالين إلى التضحية بحياة الآلاف من الجنود السوفيت في معركة غير ضرورية لاحتلال جزيرة هوكايدو. ومع ذلك كان هناك تفاسير أخرى تقول بأن إلغاء العملية جاء بسبب خلافات جدية اندلعت بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.
وفي شهر نيسان/أبريل من عام 1945 توفي الرئيس الأمريكي روزفلت، والذي كانت تربطه علاقة جيدة مع ستالين، في حين أن الرئيس الجديد ترومان كان من المتشددين ضد الاتحاد السوفيتي. وكان يعتقد بأن روزفلت قدم تنازلات كثيرة لستالين، لذلك عزم إلى تصحيح أخطاء سلفه.
بالطبع فإن الحجة الرئيسية التي كان يستند عليها ترومان هي امتلاك واحتكار بلاده للقنبلة الذرية، التي محت عن وجه الخليقة في شهر آب/أغسطس من عام 1945 مدن هيروشيما وناغزاكي. في تلك الأثناء كانت الولايات المتحدة الدولة النووية العظمى، وبالتالي عوّل ترومان على إركاع الزعيم السوفيتي وإملاء شروطه عن طريق القنبلة الذرية.
قبل كل شيء رفض الرئيس خطة ماك آرثر بتقسيم اليابان إلى مناطق احتلال على أمل أن يضع البلاد المهزومة تحت السيطرة الأمريكية فقط. وبعد استسلام اليابان كتب ستالين إلى ترومان يشير فيها إلى رغبة بلاده في تواجد عسكري سوفيتي في هوكايدو، بالطبع ترومان رفض آنذاك. علاوة على ذلك طالب الرئيس بنشر قاعدة أمريكية في إحدى جزر الكوريل التي استولت عليها القوات السوفيتية، وهذا كان تحد أمريكي صارخ.
لم يخف ستالين غضبه ورد قائلاً: "إن مثل هذه المطالب تفرض على دولة مهزومة… أو على دولة غير قادرة على الدفاع عن أراضيها". بعبارة أخرى أشار ستالين إلى أن جزر الكوريل هي جزء من الاتحاد السوفيتي وليس هناك ضرورة في تواجد أمريكي قطعاً. بالتالي تراجع ترومان، ولكن كان على القيادة السوفيتية أيضاً التراجع عن خطط نشر قواتها في هوكايدو.
هكذا وبفضل التناقضات بين الدول المنتصرة تمكنت اليابان المهزومة الحفاظ على وحدتها، ولم يتم اللجوء إلى تقسيم أراضيها لا لمنطقتين ولا لأربع، حيث أصبحت البلاد تحت سيطرة دولة واحدة وهي الولايات المتحدة.