رجّحت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها اليوم الأربعاء، أن تكون إيران والقوى الست الكبرى على وشك التوصل إلى اتفاق للحدّ من البرنامج النووي الإيراني، مشيرة إلى أن التسارع في وتيرة المحادثات بين الجانبين بعد أشهر من عدم تحقيق أي تقدم يُذكر، يؤكد أن المفاوضين في جنيف قد يتمكنون من تحديد إطار بحلول نهاية مارس (آذار)، مع إبرام اتفاق نهائي في نهاية يونيو (حزيران).
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاتفاق قد يكون غير مؤكد حتى الآن، لكنه يعطي أملاً بإمكانية وضع حل سلمي للتهديد النووي الإيراني.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن أي اتفاق يجب أن يضع قيوداً يمكن التحقّق منها على البرنامج النووي ويضمن عدم قيام إيران بإنتاج ما يكفي من المواد الصالحة لصنع الأسلحة نووية، مشيرة إلى أن أي اتفاق لن ينهي البرنامج النووي الإيراني الذي تؤكد إيران حاجته له لتوليد الطاقة والأغراض الطبية، ولن يمحو الخبرة النووية التي اكتسبها العلماء الإيرانيون على مدى ما يقرب من 60 عاماً، منذ اتفاق بين الرئيس أيزنهاور والشاه محمد رضا بهلوي يقضي بتقديم الولايات المتحدة التكنولوجيا النووية لإيران.
ولفتت الصحيفة إلى أن النقاد لأي اتفاق من أي نوع، بما في ذلك نواب في الكونغرس، مثل السناتور مارك كيرك، وهو جمهوري من ولاية إلينوي، والسيناتور روبرت مينينديز وهو ديمقراطي من ولاية نيو جيرسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إسرائيل، يطالبون بتفكيك البرنامج الإيراني بالكامل نظراً لتاريخ البلاد الطويل في الكذب حول جهودها لإنتاج الوقود النووي ومتابعة الأنشطة الأخرى المتعلقة بالأسلحة.
وأوضحت افتتاحية الصحيفة أن النتيجة المرجوة من عملية التفكيك الكامل لا يمكن أن تتحقق، ولم يتمكن الرئيس جورج دبليو بوش من تأمين هذا الهدف في عام 2003، عندما كانت إيران لا تمتلك إلا بضع عشرات من أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم لإنتاج الوقود النووي، وبعد مرور 12 عاماً، تمتلك إيران ما يقدر بنحو 19 ألف جهاز للطرد المركزي، ناهيك عن عشرات المنشآت، منها ما تم تصميمه ليصمد أمام أي هجوم عسكري.
ورأت الصحيفة أن قصف إيران قد يؤخر البرنامج النووي لبضع سنوات لكنه لن يقضي عليه، وستكون النتائج العكسية أليمة، مثل استفزاز إيران لتسريع إنتاج سلاح نووي بما يؤجج التوترات الإقليمية.
وكشفت الصحيفة أن الولايات المتحدة وشركاؤها (بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا)، ركزوا في المفاوضات على الحدّ من أنشطة إيران، وخصوصاً تخصيب اليورانيوم لأغراض صنع الأسلحة، بغرض هيكلة اتفاق يساعدهم على التعرف السريع على أي تحرك إيراني لبناء قنبلة نووية بسنة على الأقل حتى يتسنى إعادة فرض العقوبات ومقاطعة البرنامج من خلال الحرب الإلكترونية أو القيام بعمل عسكري.
وتابعت الصحيفة بأن الدول الست أحرزت تقدماً حول الإطار الزمني للاتفاق خلال محادثات جنيف التي جرت هذا الأسبوع، إذ تقوم فكرتهم على تقييد قدرات إيران لإنتاج الوقود النووي لفترة تمتد على مدى 10 أعوام مع تخفيف القيود تدريجيّاً في السنوات الخمس التالية، أما الطعم الذي يتم إغراء الإيرانيين به فهو تخفيف العقوبات الاقتصادية الخانقة التي فرضتها الأمم المتحدة والدول الغربية، بحيث تستطيع إيران بعد إبرام الاتفاق مواصلة تخصيب اليورانيوم للحصول على الطاقة ومتابعة الأغراض الطبية دون قيود.
وأوضحت الصحيفة أن المنشآت النووية الرئيسية في إيران تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة بالفعل، ولكن أي اتفاق يتوجب أن يجعل إيران تصادق على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية بما يسمح لعمليات التفتيش أن تكون أكثر صرامة لضمان عدم تحويل المواد إلى برنامج سري للأسلحة النووية.
وخلصت الصحيفة إلى أن أي اتفاق قد يفتح المجال أمام تهدئة العلاقات بين إيران وأمريكا التي ظلت مهددة بسبب التهديد النووي لأكثر من عقد من الزمان، وهو ما يسمح بمعالجة بعض الخلافات العالقة مثل برامج إيران النووية ومشاركتها في التوتر الإقليمي.