السعودية تسلّح قبائل مأرب ومصر تجهز قوة تدخّل عسكري سريعتعالت أمس الأصوات الأممية المحذرة من مغبة تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في اليمن، في وقت فشلت جولات من الحوار يجريها المبعوث الدولي جمال بن عمر في صنعاء مع الفرقاء السياسيين للخروج من الأزمة، إثر تشدد الحوثيين جهة عدم التراجع عن إعلانهم الدستوري الذي تراه أغلب القوى السياسية والقطاعات الشعبية انقلاباً على العملية السياسية برمتها، بعد وضع الرئيس اليمني ورئيس الحكومة قيد «الإقامة الجبرية» في صنعاء.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس الخميس، أمام مجلس الأمن الدولي إن اليمن «ينهار أمام أعيننا»، داعيا إلى التحرك لوقف انزلاق البلاد نحو الفوضى.
وعرض الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن نتائج زيارته إلى السعودية والإمارات حيث أجرى محادثات ركزت على «منع حرب أهلية في اليمن» كما قال.
وأضاف بان كي مون أمام أعضاء المجلس الـ15 أن «اليمن ينهار أمام انظارنا، ولا يمكن ان نتنحى جانبا ونتفرج».
ودعا بان كي مون إلى منح الرئيس هادي ورئيس وزرائه «حرية التنقل».
من جانبه، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن جمال بن عمر للمجلس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة «اليوم يقف اليمن على مفترق طرق، إما الانزلاق إلى حرب أهلية والتفكك او أن البلاد ستجد سبيلا لتطبيق الانتقال» السياسي.
وأضاف «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي في الأيام المقبلة، هناك مخاطر فعلية ايضا لانهيار الريال» ما سيؤدي إلى تخلف البلاد عن الدفع او تسديد الرواتب. وأضاف «قد يجد عشرات آلاف الأشخاص أنفسهم بدون وظيفة».
وقال «رغم كل العراقيل، لا يزال بإمكان اليمنيين النجاح» في عملية الانتقال الديمقراطي التي بدأت قبل أربع سنوات.
جاء ذلك ضمن جلسة عقدها أعضاء مجلس الأمن أمس، بعد ان تم تأجيلها، بناء على طلب من جمال بن عمر، لإعطاء صورة أفضل عن اتجاهات الحوار التي يشرف عليها بنفسه بين الأطراف اليمنية.
وقالت وكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية إن السعودية «تسلح» رجال القبائل الموالية لها في اليمن عبر حدودها الجنوبية، لدعمهم ضد الحوثيين، في وقت «تجهز» فيه مصر «وحدة عسكرية للتدخل إذا حصل تهديد لمضيق باب المندب»، فيما قال مسؤولون أمنيون إن هناك تنسيقا بين البلدين للتعاطي مع الوضع المضطرب في اليمن.وأوضحت الوكالة أنه «في حين هرب دبلوماسيون وموظفون غربيون من اليمن الأربعاء، زادت المخاوف إزاء الاضطرابات المتزايدة في البلد الفقيرة، والمملكة العربية السعودية تسلح رجال القبائل الموالية لها عبر حدودها الجنوبية، ومصر تجهز وحدة عسكرية للتدخل إذا اقتضى الأمر».
ونسبت الوكالة إلى مسؤولين يمنيين، طلبوا عدم كشف هويتهم، قولهم إنه «بينما يتقدم المقاتلون الحوثيون للسيطرة على المزيد من الأرض، كانت السعودية، الحليف القوي للولايات المتحدة، ترسل الأسلحة والأموال لرجال القبائل في محافظة مأرب، شمالي اليمن، لدعمهم ضد المتمردين».
وخلال الأشهر الأخيرة أعربت السعودية مرارا عن قلقها إزاء استيلاء الحوثيين على السلطة، لكن المملكة، لا تزال شديدة التكتم، حيث لم تذكر شيئا عن تسليح أو تمويل رجال القبائل هناك لمحاربة المتمردين الحوثيين.
ووفق الوكالة، «مأرب هي، منطقة صحراوية غنية بالطاقة مقصورة على السنة، تقع على الحدود مع السعودية، حيث كانت القبائل مقربة للسعوديين منذ فترة طويلة. كما أنها موطن لعدد كبير من المسلحين من الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، العدو اللدود للحوثيين».ونقلت الوكالة عن 3 مسؤولين أمنيين مصريين، طلبوا عدم ذكر هويتهم، قولهم إن مصر جهزت قوة تدخل سريع يمكنها التدخل، إذا هدد الحوثيون الممرات الملاحية في البحر الأحمر الاستراتيجي، لافتين إلى أن هذه القوة، تأتي من الجيش الثالث (الميداني)، الذي يدير العمليات الأمنية والاستخباراتية في البحر الأحمر من مقره في (محافظة) السويس، شرقي القاهرة.
ووفقا للوكالة «يقع اليمن على أحد جوانب (مضيق) باب المندب، المدخل الجنوبي الضيق للبحر الأحمر. ويصل الممر السواحل المصرية والسعودية بقناة السويس في مصر، وهو الطريق البحري الرئيسي لحركة النفط من منطقة الخليج».
وأضاف المسؤولون أن المصريين والسعوديين ينسقون للقيام برد عسكري مشترك للتعامل مع أي احتمالات في اليمن، بما في ذلك تعطيل الشحن.
ويتواجد الألاف من القوات الخاصة المصرية مع نظرائهم السعوديين على حدود المملكة مع العراق كإجراء احترازي ضد المتشددين من جماعة الدولة الاسلامية المتطرفة.
وقالت الوكالة أيضا إنه «باعتبارهما أقوى دولتين سنيتين في المنطقة، فإن مصر والسعودية تنظران لصعود الحوثيين بانزعاج وتعتبرانه انتصارا جيوسياسيا جديدا لدولة إيران غير العربية بعد أن عززت نفوذها في العراق وسوريا ولبنان».وأضافت: «الحوثيون ينفون أي صلة لهم بإيران، كما يصعب على وجه الدقة تحديد دور طهران في الأحداث الأخيرة، غير أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني ومسؤول كبير بوزارة الخارجية الإيرانية، أوضحا في تصريحات منفصلة، الأربعاء أن الجمهورية الإسلامية تنظر باستحسان للأحداث في اليمن».
علاء عز الدين، الخبير العسكري، والمدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، قال إن أي عمل يهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر ويؤثر على عمل مضيق باب المندب وقناة السويس، «لن يقبل به أحد من المجتمع الدولي».
وفي حديث لوكالة الأناضول عبر الهاتف، قال عز الدين: «ليس مصر والسعودية فقط، من ستقف ضد الحوثيين في اليمن في حال تهديد المجري الملاحي، فهذه منطقة مؤثرة استراتيجية، غير مسموح بتعطيلها».
وحول التقارب المصري السعودي في هذا الشأن، لم يستبعد عز الدين هذا التنسيق العسكري، وقال: «أتمنى أن يكون التنسيق أعم وأشمل ليضم كل دول أخرى، تحت مظلة الجامعة العربية، لمنع أي تهديد للتجارة الدولية».
ودعا إلى تكوين قوة تدخل سريع لحماية المنطقة من الإرهاب، ووقف أي تهديد أو تصعيد للعمليات ضد المصالح الدولية.
ولم يصدر إعلان رسمي حتى الساعة (17:57 ت.غ) سواء من الجانب المصري أو السعودي بخصوص التدخل العسكري المحتمل في اليمن.وكانت اللجنة الثورية، التي يرأسها محمد الحوثي، أعلنت من القصر الجمهوري بصنعاء يوم الجمعة الماضي ما أسمته «إعلانا دستورياً»، يقضي بتشكيل مجلس وطني مكون من 551 عضوا، يتم عن طريقه انتخاب مجلس رئاسي مكون من خمسة أشخاص يكلفون شخصا بتشكيل حكومة انتقالية.
وقوبل إعلان جماعة الحوثي بالرفض من معظم الأطراف السياسية في اليمن، الذي يعيش فراغاً دستورياً منذ استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، على خلفية مواجهات عنيفة بين الحرس الرئاسي ومسلحي جماعة الحوثي، أفضت إلى سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرة منزل الرئيس اليمني وعدد من وزراء حكومته.
ومنذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، يسيطر مسلحو الحوثي، يعتنقون المذهب الزيدي، بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية في العاصمة صنعاء، وبسطت سيطرتها على محافظات شمالية وغربية ذات أغلبية سنية.
ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية، إيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية جارة اليمن. وهو ما تنفيه طهران.
وتواجه جماعي الحوثي اتهامات بالعمل على إعادة حكم الزيدية المتوكلية، الذي بدأ في الشطر الشمالي من اليمن عام 1918، وانتهى في 1962، عبر تحرك مسلح بقيادة ما يطلق عليه «تنظيم الضباط الأحرار»، وهو ما تنفيه الجماعة، مرددة أنها تسعى إلى شراكة حقيقية مع كافة القوى اليمنية.
المصدر