البداية الحقيقية لشركات الأمن فى مصر كان فى عام ١٩٧٩ مع بداية عصر الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، وهو العام الذى ظهرت فيه ولأول مرة بمصر شركة أمن خاصة وهى «كير سيرفيس» حين طالبت السفارة الأمريكية بمصر، وبالتحديد السفير هرمان إيلتز، بوجود شركة أمن خاصة لحراسة السفارة التى كانت بالفعل تحت حراسة قوات الشرطة المصرية وقوات المارينز الأمريكية، إلا أنه تمت الموافقة من قبل السلطات المصرية، وبالفعل تم تدشين أول شركة حراسات وهى شركة كير سيرفيس، بعضوية اثنين من الأجانب واثنين من المصريين، على أن يترأسها لواء مخابرات سابق.
ومع بداية عصر مبارك بدأ ظهور شركات الأمن بشكل أوسع لتقدم خدمات للشركات العالمية، وهو ما جعل جهاز سيادى يشرع فى تدشين أول شركة أمن تابعة له، وهى شركة كوين سيرفيس وهى إحدى الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهى الشركة التى تم تأسيسها فى عام ١٩٨٨ تحت اسم شركة النصر للحراسات ويرأسها اللواء على فهمى.
وتعتبر «كوين» المنافس الرئيسى فى السوق المحلية لشركة كير سيرفيس، وأصبحت متخصصة فى تأمين عدد من المشروعات الحكومية لدرجة الاستحواذ، ومن ضمن هذه المشروعات التى تقوم كوين بتأمينها، مترو الأنفاق، وجامعة عين شمس، وجراج التحرير، ومستشفى جامعة الزقازيق، بالإضافة لبعض العقود مع وزارتى النقل والبيئة، والبنوك الحكومية.
ومع الوقت أصبحت مصر سوقاً مربحة لشركات الأمن العالمية، وهو ما جعل هذه الشركات تقوم بإنشاء فروع لها داخل مصر، وفى مقدمة هذه الشركات شركة «G 4» والتى تعمل فى ١٥٠ دولة حول العالم أغلبها دول نامية، أما عن اسم الشركة فهو اختصار لـ« 4group secuicor» وهو الاسم المحدث بعد اندماجها مع شركة «واكينهنت كوربوريشن»، إلا أن الاسم الحقيقى لها هو «فريدريكبيرج للحراسة» والذى تم اختياره حين تم تأسيس الشركة فى إنجلترا عام ١٩٠١.
يعود تاريخ عمل G 4S فى مصر إلى عام ٢٠٠١ حين أبدت الشركة الأم رغبتها فى الدخول للسوق المصرية، وبالفعل تم ذلك عن طريق اللواء سامح سيف اليزل، وتم بالفعل تدشين الشركة ليصل عدد أفراد الأمن التابعين لها إلى أكثر من ٦ آلاف فرد، ولها ٦ أفرع رئيسية بمصر، اثنان بالقاهرة وبقية فروعها فى السادس من أكتوبر، والعاشر من رمضان، وشرم الشيخ، والإسكندرية.
العلاقة القوية لسيف اليزل وخلفيته الاستخباراتية جعلت الشركة تنمو بشكل سريع، وأصبحت تؤمن بعض المنشآت الحيوية فى مصر، والبنوك الحكومية، بالإضافة إلى بعض شركات التكنولوجيا والمشروعات السياحية بمنتجعات شرم الشيخ والغردقة، بالإضافة لعقود تم إبرامها مع الحكومة المصرية، ورفضت الشركة الإفصاح عن هذه العقود وقيمتها، لتصبح أول شركة متعددة الجنسيات تعمل فى مصر تقوم بتأمين منشآت حيوية. دخول شركة G 4S السوق المصرية لم يمنع بعض الشركات الدولية الأخرى من منافستها، فقامت شركة «سيكيوريتاس» السويدية لخدمات الأمن والتى تم تأسيسها فى ١٩٣٤، بإنشاء فرع فى مصر وبدأت فعلياً نشاطها الموسع عقب ثورة يناير، وتعتبر هذه الشركة هى الوحيدة التى لا يترأسها لواء سابق أو حتى أحد رجال المخابرات المتقاعدين.
لا يمكن أن نتحدث عن شركات الأمن دون الحديث عن الشركة الأكبر حالياً بمصر وهى شركة «فالكون»، والتى صعدت بسرعة الصاروخ، ولا سيما أنها تستحوذ على عشرات المشروعات بمصر.
بدأت الشركة كقسم للحماية والأمن فى بنك «تشيس ناشيونال» قبل أن يتغير اسم البنك إلى البنك التجارى الدولى CIB، وفى عام ٢٠٠٦ قام CIB بتأسيس فالكون جروب كشركة مساهمة مصرية تقدم ثلاث خدمات أساسية وهى «تأمين وحماية المنشآت - أنظمة الحماية الإلكترونية - نقل الأموال»، كانت فالكون وقتها تضم أقل من ٤٠٠ موظف «عنصر أمني» و٦ عملاء فقط، وتضم الشركة حاليًا أكثر من ٧ شركات، كما تضاعف عدد عناصرها خلال الأشهر الماضية من ٦٠٠٠ إلى ١٢٠٠٠، لتحتكر بذلك لنفسها أكثر من ٤٥٪ من سوق الخدمات الأمنية الخاصة فى مصر، وهو ما جعل لها أكثر من ١٤ مقرًا بمحافظات مصر، ويصل رأسمالها إلى ما يزيد على ٣٠ مليون جنيه، وبلغت إيراداتها ٢١٦ مليون جنيه فى عام ٢٠١٤، كما ارتفع عدد عملائها من ٦ عملاء إلى ما يقرب من ٥٠ عميلاً،
ويرجع ذلك إلى العلاقات القوية لملاك الشركة ورؤسائها من الضباط السابقين فى الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات والأمن الوطنى، ففالكون كانت المسئولة عن تأمين الحملة الانتخابية للفريق أحمد شفيق فى انتخابات ٢٠١٢، ثم تولت أيضاً تأمين الحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسى، بالإضافة إلى تأمينها كلاً من بنك مصر وبنك القاهرة والبنك الأهلى قناة السويس وبنك الإسكندرية والبنك التجارى الدولى إضافة إلى بنك «HSBC». كما تتولى الشركة مهمات تأمين العديد من السفارات، تأتى على رأسها السفارتان السعودية والكويتية، إضافة إلى تأمين مقار العديد من الشركات مثل بالم هيلز، وموبينيل، وبيبسى، وكوكاكولا، ومنصور شيفروليه، وعدد من الجامعات المصرية.
بالإضافة إلى الشركات المذكورة سابقا هناك عدد من الشركات المتوسطة، من بينها شركتا الرواد والأمان للخدمات، وتوب سيرفيس والفرات للحراسات الخاصة، والشركة المصرية البريطانية للخدمات الأمنية، وتاتش جروب وفرست باور وبروتكشن، إضافة إلى أكثر من ٢٠٠ شركة أخرى صغيرة.