تعرف منطقة الشرق الأوسط بانها أكثر المناطق تسلحاً في العالم، لأنها عرضة أكثر من غيرها للحروب والتهديدات لما تتمتع به من أهمية جيو سياسية ومن ثروة نفطية. وقد زادت نسبة التهديدات بعد نشوء إسرائيل وقيام جمهورية إسلامية في إيران، وبعد صعود الحركات الجهادية الإسلامية، والذي تمثل أخيراً بظهور وتنامي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي حين ظلت الولايات المتحدة لوقت طويل المصدر الرئيس لتسلح الدول العربية، بدأت دول المنطقة اليوم - مثل مصر والجزائر والسعودية والعراق - تسجل تنوعاً في مصادر تسلّحها وتستثمر في التصنيع العسكري، مما يساعدها على تعزيز امكاناتها بقدراتها الذاتية ويحررها من الأثمان السياسية، وكذلك من قيود الاستعمال ومن ارتفاع كلفة التجهيز.
مصر
فبعد صفقة الاسلحة الروسية S-300 وما سببته من ردود افعال دولية، وصفقة مقاتلات ميغ-35، عادت مصر لتدخل سوقاً جديدة - انقطعت عنها منذ حوالى ربع قرن - وهي السوق الفرنسية التي تعتبر إحدى المصادر التقليدية المزودة لدول الشرق الاوسط بالسلاح، حيث دخلت مصر في مفاوضات مباشرة مع فرنسا للحصول على أسلحة جديدة من نوعها بالنسبة للمنطقة، وتم الاتفاق على حصول مصر على أربع فرقاطات بحرية فرنسية من طراز غويند بقيمة مليار يورو، وتعد صفقة الأسلحة هذه هي الأكبر في تاريخ البلدين منذ 20 عاما. ووقع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع نظيره المصري في 16 شباط/ فبراير عقداً بقيمة 5 مليار يورو لشراء مصر 24 مقاتلة رافال وفرقاطة متعددة المهام من طراز FREMM Normandie.
السعودية
بالنسبة للسعودية وعلى الرغم من اعتمادها في صفقاتها العسكرية على الولايات المتحدة - وكانت صفقتها الاضخم معها هي شراء 84 طائرة من طراز F-15SA وشراء معدات عسكرية أميركية بقيمة 60 مليار دولار – فقد اشترت72 مقاتلة بريطانية الصنع من طراز يوروفايتر تايفون بقيمة 7.9 مليار دولار، بالإضافة إلى التعاقد مع فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة على برامج تدريبية للحرس الوطني السعودي - تشمل تزويده بأحدث المركبات المصفحة والأنظمة التدريبية الحديثة - في صفقة بلغت قيمتها أكثر من 2 مليار دولار.
وتمتلك السعودية صواريخاً من الصين، وللمفاجأة، فقد كشفت المملكة عن امتلاكها لصواريخ رياح الشرق CSS-2 البالستية الصينية الصنع، خلال مناورة سيف عبدالله في نيسان/ أبريل 2014، ودلذلك على زيادة مبيعات الأسلحة الصينية الى منطقة الشرق الأوسط.
الجزائر
تعمل الجزائر بشكل حثيث على تعزيز قدراتها العسكرية وتنويع مصادر تسليحها وأبرز صفقاته أُبرمت مع موسكو منها عقد وصف بأنه أضخم عقد على الدبابات في العالم، وبموجبه تحصل الجزائر على دبابات روسية من طراز T-90. هذا وحصلت الجزائر في آذار/ مارس 2015 على 42 مروحية هجومية من نوع صياد الليل من روسيا بقيمة 2.7 مليار دولار.
وعقدت الجزائر كذلك صفقة مع إيطاليا حصلت بموجبها على مروحيات إيطالية الصنع وسفن إنزال برمائية، وقد صنّفت عام 2013 كثالت مستورد للأسلحة الإيطالية، فبلغت قيمة وارداتها من الأسلحة الإيطالية حينها 236 مليون يورو. كما تعاقدت مع الصين عام 2012 لشراء 3 طرادات C28A تتسلمها منتصف عام 2015، وقد خضع الطراد الأول لتجارب بحرية في آب/ أغسطس 2014 والثاني في 6 شباط/فبراير 2015. كما استقدمت البحرية الجزائرية فرقاطتي Meko A-200 من ألمانيا بموجب عقدين وقعتهما عام 2012 بقيمة 2.7 مليار دولار تقريباً.
وعمل سلاح البحرية الجزائري في الآونة الأخيرة على عقد صفقات مع الحليف الفرنسي - الذي له دور كبير في تسليح الجيش الجزائري - فاستوردت سفن دورية عسكرية من طراز FPB-98 بهدف عصرنة قواتها، بالإضافة إلى استيراد غواصات روسية حديثة.
الإمارات
وتعد الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا أبرز مصدري السلاح للإمارات العربية المتحدة التي اشترت 63 طائرة ميراج و80 مقاتلة F-16 E/F و30 مروحية أباتشي. وقامت الإمارات مؤخرًا بالاتفاق على شراء 12 طائرة نقل تكتيكية من طراز C-130J وست طائرات نقل إستراتيجية من طراز غلوبماستر.
وكذلك اشترت من روسيا أنظمة بانتسير للدفاع الجوي، وأنظمة دفاعية مضادة للصواريخ طويلة وقصيرة المدى بمجموع صفقات بلغت قيمتها 9 مليارات دولار.
المغرب
أما الجيش المغربي فهو يعتمد في تسليحه على فرنسا بشكل كبير، بحيث يعتبر المستورد الأول لفرقاطة فريم المتعددة المهام، كما يعتمد على الولايات المتحدة في عتاده الجوي وبخاصة بمقاتلات F-16. وعقد المغرب صفقات تشمل طائرات تدريبي مع روسيا وفرنسا وإسبانيا.
العراق
يعمد العراق على إعادة بناء جيشه الذي دمّر عقب الغزو الأميركي، بعد أن كان يصنف كأكبر قوة عسكرية على الصعيد العربي. ويتم تأسيس الجيش العراقي بالاعتماد على التدريب والتسليح الأميركيين بنسبة كبيرة، حيث أن الدبابات العراقية كالأبرامز وغيرها من العربات المدرعة أميركية الصنع. غير أن تأخر الولايات المتحدة بتوريد الأسلحة التي يحتاجها في حربه ضد داعش أدى إلى اخذ الحكومة العراقية بعين الاعتبار تنويع مصادرها التسلحية. وفي عام 2011، وقع العراق صفقات مع روسيا لشراء أسلحة بقيمة 4.2 مليار دولار، لتصبح موسكو أكبر مورد سلاح له بعد واشنطن. وفي كانون الثاني/ يناير 2015، ذكرت صحيفة فيدوموستي الروسية نقلاً عن مصادر في قطاع الصناعات الحربية الروسية أن روسيا وقعت عام 2014 عقودا لتسليم العراق دفعة كبيرة من المدافع وراجمات الصواريخ والذخائر بمبلغ مليار دولار.
هذا وقد اشترى العراق عربات ومقاتلات من بيلاروسيا وأوكرانيا وتشيكيا.
ولا بد من الإشارة إلى أن العديد من الدول تفرض قيوداً دولية على سوق السلاح - من بينها الولايات المتحدة الأميركية - ومنها معاهدات ضبط التسلح، والتحالفات الاستراتيجية التي تلعب دورا في التزويد بالسلاح وتحديد مصدره.