كلنا يعرف تماماً أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية. ولكن ماذا عن امتلاكها القنبلة الهيدروجينية؟. ومنذ وقت طويل تطرح فكرة امتلاك اسرائيل للأسلحة النووية ومنها الحرارية رسمياً وشعبياً للنقاش في إسرائيل والولايات المتحدة ، إضافة إلى الدول العربية.
وقبل أسابيع دعا رئيس «منظمة معهد البحوث» غرانت سميث، إلى مراجعة سياسة الشرق الاوسط في الدول المعنية وتنقيتها من الافكار المخيفة عن إسرائيل بشأن قوتها وأسلحتها النووية، مستنداً في دعوته إلى ما جاء في بحث نشره معهد التحليل الدفاعي الاميركي في 1987. ورفع سميث قضية أمام القضاء للحصول على البحث لينتزع حقه في نشره على الانترنت، ويؤكد أن ذلك البحث تضمن تأكيداً بامتلاك إسرائيل لأسلحة نووية بمفهومها المتطور الذي يعني امتلاكها أسلحة نووية حرارية. غير أن هذا المفهوم المتطور لم يكن كافياً لشريحة من الناس والعلماء والباحثين.
ويقول الرئيس السابق ل «هيئة موظفي لجنة الطاقة النووية الاميركية»، روجر ماتسون، إنه يتهم منذ وقت طويل اسرائيل بسرقة اليورانيوم من من الولايات المتحدة. ويضيف «إنني صدمت لدرجة وعمق التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة لتصنيع ادوات وأجهزة نووية ومدى مساعدة الاخيرة لاسرائيل في صناعة وامتلاك القنبلة الهيدروجينية». غير أن الخبير وليام غرييدر كتب لمجلة «ذا نيشن» مؤيداً لمعظم أفكار سميث وما جاء في البحث، بينما كتب توم غروس في صحيفة «ويكلي ستاندرد» حول فكرة أن تسريب المعلومات حول القوة النووية لإسرائيل، «قد يساعد على تدميرها في حين يعتبرها الغرب جزءاً من الحضارة الغربية»، وأن كثيراً من اصدقائه يشاطرونه افكاره بهذا الشأن. وفي عام 1987 ذكر تقرير أعده إدوين تاونسلي من استخبارات وزارة الدفاع الاميركية، وكلارنس روبنسون، أحد متعهدي الوزارة، أنه ليس سراً تقييم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) للقوة النووية لاسرائيل، وفي واقع الامر فإن اسرائيل تمتلك اسلحة نووية وان الاخيرة أنتجت هذه الاسلحة وقامت بتخزين كميات محدودة منها.
كما تحدث محامون وخبراء قانونيون في الحكومة الاميركية عن بعض جوانب القانون الأميركي التي تسمح للدول الاجنبية ومن بينها إسرائيل بالحصول على المعلومات التي تساعدها في نتاج وتطوير الاسلحة النووية.
وفي 1989 نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» دراسة لمايكل غوردون تحدث فيها عن قرابة 30 عاماً من علاقات التعاون العسكري والنووي بين واشنطن وتل أبيب. كما أكد سميث في وثائق وأبحاث حصل عليها بموجب احكام القضاء ان الولايات المتحدة ساعدت اسرائيل في انتاج وتطوير أسلحة نووية حرارية. ويتحدث أحد هذه الابحاث عن القاعدة التكنولوجية في اسرائيل ودول حلف شمال الاطلسي (ناتو) ذات العلاقة بمبادرة الدفاع الإستراتيجي وبرنامج حرب النجوم اللذين يعودان إلى عهد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان. ويتحدث الباحث الإسرائيلي عوزي إيلام عن التعاون الاميركي الاسرائيلي في مجال الصواريخ في الثمانينات خلال تطبيق بنود مبادرة الدفاع الاستراتيجي، والذي أثمر عن تطوير وإنتاج الصاروخ الاسرائيلي «أرو».
وأوفدت وزارة الدفاع الاميركية فريقاً إلى إسرائيل ودول أوروبية عدة، لتقييم حالة التكنولوجيا العسكرية في ظل استقطاعات في مخصصات مبادرة الدفاع الاستراتيجي.
وفي مقالته لصحيفة «ذا نيشن» يقول غرييدر«إن لغة التقرير الذي وضعه الفريق مكثفة ومبتكرة من ناحية تكنولوجية وقد تفوق قدرات الانسان العادي البعيد عن تخصص الهندسة والفيزياء». ويتعلق العديد من الوثائق التي تم نشرها والكشف عنها ليس بالاسلحة النووية وانما بالنواحي والقدرات التقنية ذات الصلة بمبادرة الدفاع الاستراتيجي وتقييم القدرات الاسرائيلية فيما يتصل بهذه المبادرة. وينطوي انتاج الاسلحة الموجهة بالطاقة على شيء من الخدعة والتحايل إذ يولد إجراء التجارب عليها في الفضاء اشعة الليزر للتصدي للصواريخ الباليستية للاتحاد السوفييتي في ذلك الحين، واعتراضها وابطال مفعولها وهي في الفضاء.
ويعتبر الباحثون والمختصون أن الاسلحة النووية التي تحركها «أشعة إكس» من القنابل والاسلحة النووية الحرارية ويصفونها ب «الجيل الثالث من الاسلحة النووية». وحين زار الفريق الاميركي إسرائيل في اطار التمهيد لاطلاق مبادرة الدفاع الاستراتيجي تفقد محطة «سوريق» الاسرائيلية للابحاث النووية في اطارعملية التقييم التي كان يقوم بها لامكانات إسرائيل وقدراتها على تطوير أسلحة نووية تحركها «أشعة إكس» والليزر، وما زال الإسرائيليون يتعرضون للعرقلة والصعوبات في تصميم وانتاج أسلحة ومعدات نووية تستخدم للانشطار النووي. كما ينبغي ملاحظة أنهم يعملون على تطوير انواع من الشيفرات أو الآليات السرية التي تستخدم في معرفة وتحليل تفاصيل عمليات الانشطار النووي كلياً أو جزئياً، وهي الشيفرات التي تمكنهم من تصنيع وإنتاج القنبلة الهيدروجينية ولكنهم لم يستكملوا بعد حساباتهم كاملة وصولاً إلى النتائج المرجوة.
ويقول نوريس كيلر أحد اعضاء الفريق الاميركي، والذي كان مديراً لمختبرات «لورنس ليفرمور الوطنية» الذي شارك في صياغة تقرير الفريق عن زيارته لاسرائيل في الثمانينات، إن إسرائيل لن تكون قادرة في المستقبل القريب على تطوير وانتاج سلاح نووي يعمل ب«أشعة إكس» والليزر، كما انها لن تكون الشريك الفني المناسب للتعاون مع الولايات المتحدة في هذا القطاع لأنه لن يمكنها من انتاج القنبلة الهيدروجينية. وشملت المناطق التي كانت اسرائيل تمتلك قدرات الطاقة المناسبة للتعاون فيها شملت أشعة الليزر التقليدية التي لم تستخدم القنابل النووية، و«أشعة إكس» و«حركة الالكترون الحر». كما شمل التعاون الأميركي الإسرائيلي في وقت لاحق بعد ذلك وقت لاحق بعد ذلك مجال التصدي للصواريخ الباليستية واعتراضها وهو ما يخالف ما ذهب إليه سميث وغرييدر. وتنبع الأهمية الكبيرة للتقرير من انه يتضمن معلومات وبيانات يصعب ايجادها في محاولة الاجابة على السؤال المثير وهو: هل تمتلك اسرائيل اسلحة نووية حرارية؟.
تعاون إسرائيلي مع جنوب إفريقيا
هناك من يعتقد على نطاق واسع بأن إسرائيل نجحت في القيام بتجربة تفجير نووي سري في 1979 بمساعدة من نظام الأقلية العنصرية في جنوب إفريقيا في ذلك الحين.
كما أن هناك جدلاً ونقاشاً حول موديلات ونماذج الاسلحة النووية الاسرائيلية التي كشف عنها الفني النووي الاسرائيلي مردخاي فعنونو في منتصف ثمانينات القرن الماضي في حديثه لاحدى الصحف البريطانية.
ومن جانبه يقول الصحافي الاستقصائي الأميركي المعروف سيمور هيرش في كتابه «ذا سامسون اوبشن» ( خيار شمشون)، إن بعض الخبراء الاميركيين يعتقدون أن صور بعض الرؤوس الحربية التي تعمل بالاشعاع،إنما هي صور لقنبلة النيوترون. وبعد فإن توفير الشيفرات السرية للكمبيوتر ضروري للغاية لدعم وإنجاح اي برنامج للاسحلة النووية الحرارية.