سيشهد الجيش اللبناني نقلة نوعية كبيرة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لم يرى مثلها منذ استقلال الدولة قبل أكثر من سبعة عقود من الزمن. ويعود الفضل بذلك الى الهبتين السعوديتين للبنان بقيمة أربع مليارات دولار بالاضافة الى المساعدات العسكرية من أميركا وجهات أخرى. وستأتي هذه المساعدات في وقت يشهد لبنان تحديات أمنية كبيرة تهدد كيانه والسلم الأهلي، ومصدرها القوى المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة والمجموعات الارهابية الأخرى المرتبطة بالقاعدة. كما أن لبنان لا يزال في حالة حرب مع اسرائيل مما يستوجب بقاء قواته المسلحة في جهوزية دائمة. أضف الى ذلك اكتشاف حقول الغاز والنفط في المياه والأراضي اللبناني مما يستوجب رفع الجهوزية الأمنية نوعا وكما لحماية هذه المصالح الاستراتيجية المهمة لمستقبل الدولة. وبالرغم من التداعيات السلبية الكبيرة لانتشار الحركات التكفيرية في العراق وسوريا، الا أن وصولها للحدود اللبنانية دفع بالقوى العظمى الى رفع القيود التي كانت موضوعة على تسليم لبنان أسلحة نوعية وهجومية مما سيساهم برفع القدرات النوعية لقواته المسلحة والأمنية.
وقد حازت الولايات المتحدة على حصة الأسد من عقود تجهيز القوات الجوية اللبنانية في حين ذهبت عقود تسليح وتجهيز القوات البحرية بغالبيتها لفرنسا في حين انحسر الدور الروسي في تزيود القوات البرية بذخائر مدفعية وصواريخ متعددة الأعيرة. فلقد كشفت مصادر عسكرية بأن سلاح الجو اللبناني قد اختار طائرات السوبر توكانو الهجومية بعد منافسة شديدة مع طائرات آ تي-6 بيتش كرافت، وهما من فئة طائرات الاسناد الجوي القريب والقادرة على اطلاق أنواع متعددة من الصواريخ والأسلحة الذكية ومن ضمنها صواريخ هيل فاير التي وافقت أميركا على تزويد الجيش اللبناني بكميات منها. ويتوقع أن يحصل سلاح الجو على ثماني طائرات سوبر توكانو لتكون السلاح الأساسي في مهاجمة أوكار الارهابيين. وتجدر الاشارة الى أن القوات الأميركية بدأت تتزود بهذه الأنواع من الطائرات لتستخدم بشكل أساسي في العمليات في أفغانستان والعراق كونها تملك نفس الفعالية لطائرات اف-16 في الحرب على القاعدة وداعش ولكن بربع الكلفة المالية.
وسيكتفي سلاح الجو اللبناني بما حصل عليه من الامارات العربية المتحدة من طائرات طراز غازيل (عدد الباقي في الخدمة 7) ولن يطلب المزيد منها من فرنسا كما كان متوقعا بل اختار الحصول على طوافات الهجوم الخفيفة الأميركية الصنع طراز أو اتش-58 كيووا والتي تستخدم صواريخ هيل فاير أيضا كسلاح أساسي في مهام الاسناد الجوي القريب.
وسيكتفي سلاح الجو بالحصول على صواريخ هوت الموجهة من فرنسا لتستخدم كسلاح أساسي على متن طائرات الغازيل.
كما اختار سلاح الجو اللبناني طائرات كوغر ذات الوزن المتوسطة من تصنيع شركة يوروكوبتر الفرنسية، وهي الطراز المحدث لطائرات البوما والتي يمتلك لبنان سبعة منها كانت بمثابة هبة من دولة الامارات العربية المتحدة.
لكن سلاح الجو اللبناني سيحصل على المزيد من طائرات هيوي-2 المتعددة المهام من شركة "بل" الأميركية، كما تدرس قيادة الجيش امكانية الحصول على طائرات بل-407 الأميركية الصنع.
ويدرس سلاح الجو اللبناني بضع خيارات فيما يتعلق بطائرات دون طيار سيكون مصدرها فرنسا وأميركا، مع الاشارة الى أن الصفقة الموقعة مع فرنسا من ضمن الهبة السعودية تتضمن حوالى سبع طائرات طراز دي في اف 2000 (DVF 2000)تصنيع شركة سورفي كوبتر التي تملكها شركة اير بص العسكرية.
كما تتضمن العقود مع فرنسا شبكات رادار جوية وبحرية تمنح لبنان قدرات على الانذار المبكر لم تكن متاحة له من قبل. كما سيحصل على صواريخ ميسترال مضادة للطائرات لتكون أول صواريخ أرض-جو يمتلكها لبنان منذ صفقة صواريخ الكروتال في السبعينيات.
ومع وصول هذه الطائرات والتجهيزات والأسلحة المرفقة بها الى لبنان خلال الأشهر المقبلة سيترتب على لبنان تجنيد وتدريب كوادر من الطيارين والفنيين لاستيعاب هذا الكم الكبير من العتاد والتجهيزات. وحسب خبراء عسكريين فان تدريب الطيار يحتاج ما بين عامين وثلاثة أعوام مما يعني أن سلاح الجو اللبناني سيكون بحاجة لتخريج ما يقارب المئة طيار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بالاضافة الى تدريب المئات من طواقم الصيانة. كما سيحتاج الجيش الى تخريج ضباط قيادة وسيطرة لادارة أنظمة الرادار والتوجيه.
وسيحتاج لبنان الى تجهيز قواعده الجوية لاستيعاب هذه الطائرات وتحديد أماكن تمركز أسرابه الجديدة. وتجدر الاشارة الى أنه يوجد أربع قواعد جوية، ثلاثة منها قديمة وهي رياق في البقاع والقليعات في الشمال وقاعدة بيروت، ويتم الآن تجهيز قاعدة جديدة في حامات وهي شمال العاصمة بيروت.
أما فيما يخص سلاح البحرية فان لبنان يسحصل على 3 الى 4 سفن حربية طراز اف اس-56 تصنيع شركة سي ام ان (CMN) الفرنسية وهي سفن دورية في المياه العميقة يبلغ طولها 56 مترا ومسلحة بمدفع اوتوماتيكي عيار 76-ملم تصنيع شركة أوتوميلارا الايطالية بالاضافة الى صواريخ مضادة للطائرات.
وستلعب هذه السفن دورا أساسيا في حماية الشواطئ اللبنانية والمنشآت النفطية التي سيبنيها لبنان مستقبلا في مياهه الاقتصادية لاستخراج النفط والغاز. ويعتزم الجيش اللبناني تعزيز قدراته البحرية في الأعوام المقبلة مستفيدا من برنامج المساعدات الأميركية والخطة الخمسية التي أقرتها الحكومة اللبنانية والتي تلحظ شراء سفن دورية لمهام الحماية والاغاثة. وفي هذه الحالة أيضا يتوقع أن يقوم الجيش اللبناني بتدريب وتخريج ضباط بحرية واعداد طواقم لادارة هذه السفن الجديدة اذ سيكون للبنان سلاح بحرية فعلي يستطيع القيام بمهام في المياه الاقتصادية العميقة بعد أن كانت مهماته محصورة في منطقة لا تتجاوز الستة أميال بحرية عن سواحله نظرا لصغر حجم زوارق الدورية.
وستكون للقوات البرية حصتها من الآليات المصفحة وناقلات الجند، لكن أهم ما سيدخل الخدمة هي المدافع الذاتية الحركة عيار 155-ملم طراز قيصر من تصنيع شركة نكستر. فلم تملك القوات المسلحة مسبقا مدافع ذاتية الحركة مما سيعطي القوات البرية قدرة نيران كبيرة بالاضافة الى القدرة على المناورة ميدانيا في عمليات الاسناد الناري المتحرك خلال الدفاع أو الهجوم. وسيحصل الجيش على صواريخ الكورنيت المضادة للدروع الموجهة باللايزر وهي تصنيع روسي. وتجدر الاشارة الى أن جزء كبيرا من المنح السعودية ستذهب لأعمال الصيانة وقطع الغيار للمعدات والتجهيزات التي سيتم شراؤها وذلك لضمان استمرايتها وعملها بفعالية لفترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات من تاريخ استلامها.
موضوع: القوات المسلحة اللبنانية نحو تطور نوعي بالعتاد خلال ثلاثة أعوام يضاعف قدراتها القتالية 
الثلاثاء يناير 13 2015, 22:18
