يصل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى الرياض في الأسبوع المقبل في زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية تدوم يومين في إطار جولة له تشمل الصين، التي وصل إليها أول أمس، وإيران والجزائر، لبحث أوضاع السوق النفطية العالمية. ومن المعروف أن الصين أصبحت المقرض الرئيس لفنزويلا من خلال اتفاقيات النفط مقابل القروض والتي تحصل بموجبها فنزويلا على تمويل مقابل عمليات تسليم آجلة للنفط.
خلال هذه الجولة سيشارك مادورو في القمة، التي تجمع الصين مع تجمع دول أميركا اللاتينية والكاريبي "سيلاك"، المقرر عقدها في 8 و9 كانون الثاني(يناير) الحالي.
وتقول مصادر ديبلوماسية في العاصمة السعودية الرياض لـ" إيلاف" إن الرئيس مادورو سيبحث مع الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في حضور وزير النفط المهندس علي النعيمي "سبل وقف تأثير انخفاض أسعار النفط"، مشيرة إلى أنه سيحاول إقناع القيادة السعودية "بخفض إنتاج النفط لتعزيز الأسعار".
واستبعدت المصادر أن تتجاوب الرياض مع مطلب الرئيس مادورو استنادًا إلى أن رفع السعودية لإنتاجها يرجع إلى أسباب اقتصادية بحتة، ولا علاقة لها بالسياسة، "ما يحكم السعودية هو تحقيق الاستقرار الاقتصادي بالأساس، لكون النفط أهم مصدر للدخل لديها، كما إن هدف السعودية من رفع الإنتاج هو إخراج الغاز الصخري من السوق، نظرًا إلى أن تكلفته مرتفعة، وبالأسعار الحالية سيصبح الاستثمار فيه غير مربح، وبالتالي ستقل معدلات الاستثمار فيه" وفقًا لمصادر نفطية.
وقالت أوبك، التي تضم 12 بلدًا، وتؤمّن ثلث النفط الخام للعالم، إن أسعار النفط تواصل هبوطها بسبب "طلب ضعيف وعرض كبير". وكان وزير النفط السعودي علي النعيمي أكد في نهاية الشهر الماضي أن المملكة أقنعت أعضاء أوبك الآخرين بأنه ليس من مصلحة المنظمة خفض الإنتاج مهما كان سعر الخام منخفضًا.
واجتمع أعضاء "أوبك" في 27 من ديسمبر/كانون الأول، ورفضوا خفض الإنتاج برغم انخفاض سعر النفط في تحول في الاستراتيجية من أجل الدفاع عن حصتها في السوق بدلًا من دعم الأسعار. وقال النعيمي "كسياسة لأوبك.. ليس من مصلحة منتجي المنظمة خفض إنتاجهم أيًا كان السعر.. وأنا أقنعت أوبك بهذا". وأضاف "سواء انخفض إلى 20 أو 40 أو 50 أو 60.. هذا لا يهمّ". وقال "قد لا نرى" مرة أخرى سعر النفط عند 100 دولار للبرميل.
وأكد النعيمي أن لا صحة لما يتردد عن مؤامرة سعودية أدت إلى هبوط أسعار النفط للإضرار بدول نفطية أخرى. وقال إن السياسة النفطية للسعودية مبنية على الاقتصاد فحسب، وليس السياسة، مؤكدًا أن النفط سيتعافى.
وتساءل النعيمي: "هل يُعقل أن يُخفّض منتج للنفط ذو كفاءة عالية الإنتاج، ويستمر المنتج ذو الكفاءة الرديئة في الإنتاج؟.. هذا غير طبيعي. نحن لو خفّضنا إنتاج النفط، ماذا سيحصل لحصتنا في السوق؟، سيأخذها منتج آخر، ويرتفع سعر النفط، وقد يكون هذا المنتج هو الروسي أو البرازيلي أو الأميركي أو أي منتج في الأماكن، حيث كلفة الإنتاج مرتفعة".
وتعد فنزويلا دولة عضو في منظمة أوبك ومن أكبر مصدري النفط في العالم، ويمثل البترول أكثر من 90 % من إيراداتها. وتراجعت أسعار النفط الفنزويلية إلى النصف منذ حزيران (يونيو) الماضي، وتلقي المعارضة هناك باللائمة على حكومة مادورو في الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، ونقص العديد من المواد الغذائية الأساسية والسياسات الاشتراكية لمادورو وسلفه الراحل هوغو تشافيز.
وقال الرئيس الفنزويلي، الذي انتخب رئيسًا لفنزويلا في 14 نيسان (إبريل) 2013 إن بلاده تعاني تبعات الحرب الأميركية لتدمير منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط. واتهم مادورو في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الاثنين الماضي واشنطن بإغراق الأسواق بالنفط كجزء من حربها ضد روسيا.
وانكمش اقتصاد فنزويلا خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2014 وتدهورت احتياطياتها الدولية بشكل حاد وسط تراجع أسعار النفط. وأثار هذا التراجع مخاوف من احتمال تخلف فنزويلا عن سداد سنداتها الخارجية، وهو ما دفع بدوره عائدات سنداتها إلى أعلى مستوى بالمقارنة مع أي دولة من دول الأسواق الناشئة. وينفي مادورو تخلف بلاده عن السداد، ولكنه يقول إن الحكومة الفنزويلية تحتاج تمويلًا في 2015، ويؤكد إن الاقتراض في الأسواق الدولية باهظ التكاليف.