أطلق رئيس الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف عدة تصريحات هامة خلال لقائه بالملحقين العسكريين الأجانب. بطبيعة الحال، لم يكشف غيراسيموف عن أسرار كبيرة للقوات المسلحة الروسية. ومع ذلك، حصل الملحقون العسكريون المعتمدون في موسكو على بعض التصورات حول مواقف قيادة وزارة الدفاع من تحديث الجيش الروسي وحل القضايا الدولية
أشار غيراسيموف بصورة خاصة، إلى أنه يجري إدخال أسلوب حديث لتدريب القوات من أجل تحسين نوعية الإعداد القتالي. ويشكل نواة هذا الأسلوب أربعة مراكز تدريب قتالي وأربعة ميادين تجارب لشتى صنوف القوات، تابعة للمناطق العسكرية.
أما بالنسبة لقيادة مجمل المؤسسة العسكرية للدولة فإن هذه المهمة يجري حلها الآن بواسطة المركز القومي لإدارة الدفاع. حيث تجري مناوبة قتالية مستمرة، مما يتيح إعداد اقتراحات شاملة ومدروسة لاتخاذ القرارات من قبل القيادة الروسية والاستجابة لكافة الأزمات الطارئة في العالم وفي داخل البلاد في نطاق الوقت الفعلي. وقد جرى في المناطق الإدارية العسكرية وأصناف وأنواع القوات نشر المراكز الإقليمية التي تغلق منظومة الإدارة حتى مستوى اللواء والفرقة وذلك لتنفيذ المهام المماثلة.
قيادة منطقة القطب الشمالي وإعادة تسليح القوات المسلحة
وذكَّر رئيس الأركان العامة أنه اعتباراً من 1 كانون الأول/ ديسمبر، باشرت القيادة الاستراتيجية الموحدة التي تشكلت على قاعدة أسطول الشمال عملها في القطاع الروسي من المنطقة القطبية لحماية مصالح البلد القومية في هذه المنطقة. وإلى جانب الأسطول البحري الحربي سينضم إليها لواء المنطقة القطبية وكذلك وحدات وقطع القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي.
وأعلن غيراسيموف أن الجيش تلقى في غضون عام واحد 38 صاروخاً عابراً للقارات، وأكثر من 250 مركبة جوية وحوالي 280 عربة قتاليية مصفحة وما يزيد عن 5 آلاف من مختلف نماذج السيارات. كما جهزت ثلاثة أفواج من قوات الدفاع الجوي بمنظومات صاروخية حديثة للدفاع الجوي. وقد أعيد تسليح لوائين بمجموعات "اسكندر- ام" العملياتية التكتيكية.
وكشف غيراسيموف عن المعطيات المتعلقة بتوريدات الأسلحة والمعدات العسكرية البحرية للأسطول الحربي في عام 2014.
ومنها الطراد الذري المجهز بالصواريخ المجنحة " سيفيرودفينسك" والغواصة الكبيرة "نوفوروسيسك" والسفينتان الصاروخيتان الكبيرتان" غراد سفياجسك" و" أوغليتش" وثلاثة زوارق إنزال وزورق مضاد لأعمال التخريب.
وثمة معطيات جديدة حول تحسين المنظومة القومية الخاصة بالتحذير من الهجوم الصاروخي. وبحسب قول غيراسيموف فقد جُهزت هذه المنظومة في العام الجاري بمحطتين راداريتين ذات جاهزية تشغيل عالية من طراز "فورونيج". وبالإضافة إلى ذلك يستمر العمل في تصنيع أربع محطات رادارية مماثلة.
وأفاد رئيس الأركان العامة قائلاً: " تعتزم وزارة الدفاع سنوياً، شراء من 70 إلى 100 طائرة حربية وأكثر من 120 طائرة عمودية ونحو 30 سفينة وغواصة وسفن التموين. بالإضافة إلى 600 وحدة من المدرعات المختلفة.
موقف الأركان العامة من الأزمة الأوكرانية
كرس غيراسيموف جزءاً كبيراً من حديثه لتوضيح موقف روسيا من الأحداث الدائرة في المناطق الساخنة من العالم ومن ضمن
ها بشكل خاص سورية وأفغانستان وطبعاً أوكرانيا.
وأكد غيراسيموف على أن التضخيم الإعلامي لموضوعة "روسيا المعادية" في ضوء الأحداث الدائرة في أوكرانيا أتاح للناتو إنشاء المقدمات السياسية لمتابعة تقريب ركائزه من حدود روسيا الاتحادية. في الوقت الحاضر يجري في بولندا وبلدان البلطيق ومياه البحر الأسود وبحر البلطيق تركيز مجموعات القوات البرية والجوية والبحرية للحلف.
وكثرت حالات إجراء المناورات والتدريبات العسكرية لقوى الناتو تحت أساطير مختلقة مثل " صد الخطر الآتي من الشرق".
وفوق ذلك كله، يرى غيراسيموف أن الغرب بالذات يصور روسيا على أنها المسؤولة المباشرة عن الأحداث المأسوية الجارية في أوكرانيا ويعدّها "دولة معتدية".
وردّ غيراسيموف على هذه الاتهامات قائلاً : " لقد قمنا خصيصاً بحساب حجم القوات الروسية التي يزعم أنها موجودة في أراضي أوكرانيا انطلاقاً من مثل هذه التصريحات الاستفزازية. ووفق أكثر التقديرات تواضعاً يبلغ هذا العدد ما يربو عن 8500 دبابة ومصفحة وحوالي 1200 مدفع ونحو 1900 راجمة صواريخ".
علماً بأن رئيس الأركان العامة قارن خلال ذلك المساحة الإجمالية لمقاطعتي لوغانسك ودونيتسك بأراضي مقاطعة موسكو. وتوجه إلى الملحقين العسكريين باعتبارهم عسكريين محترفين قائلاً : " إنكم تعرفون حق المعرفة أنه من المستحيل، حتى افتراضاً، إخفاء هذه المجموعة الضخمة ذات الأصناف والأسلحة المتعددة في قطاع غير كبير نسبياً حيث يعمل بحرية الصحفيون الغربيون وممثلو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ولا سيما أن منطقة جنوب غرب أوكرانيا تقع تحت الرقابة المتواصلة لوسائل الاستطلاع الفضائي والمراقبة التابعة للدول الغربية".
كما رأى غيراسيموف أنه من الضروري الإعلان عن أن العسكريين الروس متواجدون فعلاً في أوكرانيا. فبناء على طلب الأركان العامة الأوكرانية يعمل حالياً في بلدة ديبالتسيفو ممثلو القوات المسلحة الروسية بقيادة الجنرال الكسندر لينتسوف.
وبحسب قول غيراسيموف فإن مهمة هذه البعثة تكمن في العمل، بالاشتراك مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، على مساعدة الطرفين المتنازعين أي القوات الأوكرانية ورجال المليشيات المحلية على إيجاد حلول توافقية لإزالة التوتر وسحب القوات من خطوط التماس.