منـذ تقسيـم الهنـد في عام 1947 والمواجهة العسكرية بين الهند وباكستان مستمرة وتتجدد من حين لأخر وتسبب هذا الصراع الأسيوي في تكبد الجانبين الكثير من الخسائر ، ولم تتغير مواقف وقناعات البلدين رغم التدخلات الكثيرة التي حاولت تقريب وجـهات النـظر، ومـا زال الخـلاف حـول العديد من المواضيع عالقاً بينهما .
لقد خاضت الهند والباكستان ثلاث حروب شاملة، أنتهت الأولى بتقسيم كشمير عام 1949، ولم تستطيع الحرب الثانية عام 1965 تغيير الوضع القائم ، ولكن الحرب الثالثة عام 1971 تسببت في تقسيم الباكستان نفسها إلى دولتين بعد إنفصال الباكستان الشرقية وتأسيس جمهورية بنغلاديش.
الحرب الأولى 1947/ 1948
أندلعت الحرب الهندية الباكستانية الأولى عامي 1947 و 1948 والسبب الرئيسي لإندلاعها هي قضية كشمير لأن كل من الطرفين رغب في بسط سيطرته على هذه المنطقة الإستراتيجية الهامة ، وعند نهاية الحرب الأولى بين الدولتين كانت كشمير مقسمة جزءٌ في الهند وهو ما بات يعرف بولاية جامو وكشمير ، وجزءٌ في الباكستان والذي أصبح يعرف بآزاد كشمير أي "كشمير الحرة"
أندلعت الحرب في 17 من شهر يونيو 1947 حينما أصدر البرلمان البريطاني القانون الخاص بإستقلال وتقسيم الهند ومنح الإمارات والولايات الحق في الانضمام إما إلى الهند أو إلى باكستان، وبهذا أنضمت معظم الولايات إلى أحد الجانبين إلا ثلاث ولايات كان من بينها ولاية جامو وكشمير إذ تردد حاكمها هاري سينغ في تنفيذ القانون البريطاني،
الأمر الذي دفع الكشميريين المسلمين في مقاطعة "بونش" الواقعة في الجزء الأوسط الغربي للقيام بثورة مسلحة ساعدتمهم فيها الباكستان، وأعلن الثوار إقامة أول حكومة لـ "آزاد كشميــــر" أو كشمير الحرة ، وفي في شهر أغسطس رد الهندوس المتعصبون بأعمال عدوانية ضد السكان المسلمين في جامو والتي كان أغلب سكانها من المسلمين قبل أن تتحول إلى أقلية بعد المذابح الجماعية التي وقعت لهم وقد أستشهد في هذه المدابح حوالي 200 ألف مسلم وفرالكثير منهم إلى منطقة "آزاد كشمير".
وفي 23 من شهر أكتوبر دخل إلى كشمير مجاهدون من قبائل الباتان الواقعة شمال غرب الباكستان للدفاع عن إخوانهم المسلمين الذين يتعرضون للمدابح من قبل الهندوس.
وهنا طلب هندوس كشمير المساعدة من الهند وبالفعل أستجابت الهند لمطلبهم ولكن بشرط أن تنظم الولاية إلى الدولة الهندية .
أعلنت الهند إنضمام جامو وكشمير إليها في 27 من شهر أكتوبر وأمرت قواتها النظامية بالتدخل المباشر في هذا النزاع.
فـي نـفس اليـوم رد الحاكـم الـعام لباكستان محمـد عـلي جنـاح على التدخـل الهنـدي بإصدار أوامره إلى الجنرال "جراسي" القائد البريطاني المؤقت للقوات الباكستانية لإرسال قوات باكستانية إلى كشمير،
خلال شهر نوفمبر ، أجتمع الحاكم العام للهند اللورد "مونباتن" بعد أعتذار رئيس الوزراء الهندي نهرو بسبب مرض ألـم بـه ، مـع محـمد علـي جنـاح في أول مباحثات هندية باكستانية بشأن كشمير وقدمت الباكستان في هذا الإجتماع إقتراحاً يدعو إلى وقف إطلاق النار وسحب القوات الهندية ورجال القبائل الباكستانيين في وقت واحد من أراضي ولاية جامو وكشمير على أن تتولـى الهنـد والباكسـتان إدارة الولايـة ويجرى إستفتاء تحت إشراف البلدين .
رفضـت الهنـد هـذه المقترحـات، وأستمـر القتال بين الطرفين طوال فصلي الشتاء والربيع من عام 1948 ، وفي أواخر شهر مارس دخلت القوات النظامية الباكستانية رسمياً في القتال.
في شهر أكانون الثاني تقدمت الهند بإحتجاج رسمي للأمم المتحدة على ما أسمته بالاعتداء الباكستاني على أراض أنضمت إلى الهند .
في شهر مايو تمكنت القوات الباكستانية من تحقيق بعض الإنتصارات العسكرية وكان دفاعها بطولياً على قطاع "مظفر آباد" مما أضطر القوات الهندية للتوقف وبذلك أصبح القتال متقطعاً وغلب على النزاع تحرك النشاط الدبلوماسي للدولتين في أروقة الأمم المتحدة.
توقف إطلاق النار بين الدولتين بعد وساطة الأمم المتحدة، وأصبح وقف إطلاق النار ساري المفعول في الأول من شهر يناير من عام 1949، وبفعل هذه الأحداث أنقسمت كشمير إلى شطرين الأول خاضع للسيادة الهندية ويسمى جامو وكشمير وعاصمته سرينغار، والثاني تسيطر عليه باكستان وعاصمته مظفر آباد.
وهدأت الأوضاع نسبياً على الحدود ولكن هذا الهدوء هو ما يطلق عليه الهدوء الذي يسبق العاصفة ، كما يقولون .
يتبع .............