يسلط هذا المقال الضوء على الجيوش التي تنشر أحدث التكنولوجيات لمواجهة تهديدات العبوات الناسفة غير النظامية (IED). بعدما اصبحت القنابل المزروعة على جانبي الطريق او (IED) السمة الاساسية للسلاح المستخدم من قبل الجماعات المسلحة في العراق وافغانستان وغيرها من الدول في انحاء العالم كافة ذلك على مدى ال 15 سنة التي خلت. وبالتالي، فقد بات عدد الجرحى والقتلى من القوات المتحالفة الذين سقطوا نتيجة اصابتهم بالعبوات الناسفة ابان الصراعات الدائرة في شرق افريقيا وغربها، أكثر من نصف الخسائر البشرية.
ازاء هذا الواقع، عمدت بعض الجيوش في العالم الى وضع خطة سريعة تقضي بابتكار تكنولوجيا حديثة ودراسات تكتية تهدف بمجملها الى الحد من تهديدات (IED) والى تقليص عدد الاصابات والاضرار الناجمة عنها.
دمجت هذه التكنولوجيا حاليا بالكامل ضمن عمل معظم الجيوش ولمدى طويل وباتت جاهزة لان تنشر في مناطق النزاعات المستقبلية.
زادت الجماعات المسلحة من نسبة استخدامها لعبوات (IED) للحد بشكل تكتي من حركة قوافل الامدادات ونشاط القوات المناورة من جهة ولمهاجمة الاهداف البالغة الاهمية استراتيجيا واحباط عمل القوات العسكرية التابعة للدولة ونشر الرعب بين المدنيين من جهة اخرى اضافة الى ان عبوات (IED) تظهر مدى القوة التي تتمتع بها هذه الجماعات.
بحلول العام 2012، لم يعد استخدام عبوات (IED) محصورا فقط في افغانستان والعراق فحسب، بل تخطى ذلك لتستخدم في بعض الدول الاخرى وفقا لما نشر بأن اكثر من 500 عبوة تفجر كل شهر خارج الاراضي الافغانية.
تتصدر كل من كولومبيا وباكستان وتايلاندا قائمة الدول الضحية التي تستخدم فيها عبوات (IED). وبدأ هذا السلاح يشكل خطرا كبيرا على المكسيك والصومال ونيجيريا.
ان هذه العبوات الناسفة (IED) قليلة الثمن نسبيا وبسيطة كما انها سهلة التجميع لتصبح جاهزة للاستخدام فضلا عن انه من السهل جدا الحصول عليها عن طريق الانترنت او نظم الاتصالات العالمية التي بدورها ساهمت في نشر تكنولوجيا (IED) الى ما وراء مسارح القتال.
تضم النظم الاساسية المستخدمة من قبل فرق التخلص من عبوات المتفجرات (EOD) للحماية من خطرها، تضم المركبات البرية غير المأهولة (UGVs)،
واللباس الخاص بالقنابل والمراقبة الجوية، كلاب التفتيش، التحاليل المخابراتية والتحقيقات ذات الصلة. تجدر الاشارة الى ان التدريب هو المفتاح الاساس لفعالية نشر مثل هذه التكنولوجيا في العمليات المضادة للعبوات الناسفة غير النظامية. يتم تقسيم التدريب الى مجموعات ومن ثم الى اعمال فردية على غرار معطل مفعول الذخائر او مسح الموقع. ومهما تباينت الاجهزة، يبقى تنفيذ العمل نفسه لذا فان التدريب يمكن ان يؤسس قاعدة صغيرة للمعرفة تنمو وتزيد مع الايام.
بالاضافة الى انها تستخدم لمواجهة عبوات (IED)، تعمل المناطيد على توفير الحماية للقوات لانها توفر زاوية مشاهدة عالية للمواقع الامامية حيث يمكن ان تتواجد هذه العبوات. الى ذلك، ان استخدام الاجهزة المحمولة باليد وكاشف الالغام Vallon من اجل ايجاد صفائح الضغط واسلاك القيادة يعتبر امرا ذي اهمية بالغة من اجل اتمام مهام مكافحة العبوات الناسفة (IED).
تعد الكلاب المدربة عسكريا (MWDs) مفتاحا اساسيا لايجاد عبوات (IED) وبالتالي تدميرها. تتشابه معظم الكلاب من نوع (MWDs)، التي يطلق عليها ايضا تسمية الكلاب المزدوجة الهدف، مع الكلاب البوليسية لناحية خضوعها لدورات تدريبية في مجال السيطرة على الاعتداء او وظائف الهجوم بالاضافة الى كشف المخدرات او المواد المتفجرة.
تدرب الكلاب المتخصصة في البحث (SSDs) على العمل منفردة من دون مقود لايجاد المتفجرات عبوات (IED) التي تعترض دوريات المشاة، والمشغلون يوجهون كلابهم من خلال اعطائهم اشارات شفهية او مرئية. وعندما يكتشف كلب باحث متخصص SSD جهازا مزروعا او قنبلة ما، تطوق الدورية حول المكان وتستدعي فريق EOD لتدمير التهديد. يجب على هذه الكلاب ان تكون مدربة وبالتالي قادرة على ايجاد المتفجرات من دون اعطاء اي اشارات ايجابية خاطئة وان تأتي التأشيرات في الوقت المحدد لذلك.
في حين ان الكلاب تعتبر خير طريقة لكشف المتفجرات وفي تنبيه من حولها، فان الفريق الذي لا يملك الكلاب والذي توكل اليه مهمة التعرف على العبوات وتدميرها، غالبا ما يستخدم العربات البرية غير المأهولة (UGVs) لتحديد مكان (IED) او معالجتها.
تأتي الروبوطات البرية مختلفة الاشكال والاحجام وتتراوح زنة النظم من 5،0 الى 3،2 كلغ، تتميز بعض الروبوطات الاستطلاع الخفيفة بامكانية رميها فوق الحواجز للتحقق من نظافة المنصات المجاورة لها. على سبيل المثال، وفرت شركة iRobot عائلة منتجاتها من نوع PackBot 50 - 70 رطل مع ذراع تحكم عن بعد وكاميرا ملونة لكشف بقايا المتفجرات وازالة الاجسام المشبوهة. الى ذلك، اتفقت شركتا Boeing وiRobot على تسليم قدرات مشابهة اطلق عليها اسم نظام Mini - EOD، والذي يبلغ وزنه 30 رطلا، بدورها ستزود شركة iRobot الجيش بعربة برية غير مأهولة (SUGV) تزن 35 رطلا، خضعت لاول تطوير بموجب برنامج نظم القتال المستقبلية.
يستمر الجيش الاميركي في تعزيز واختبار روبوطات من نوع Talon 150 - 170 رطل والتي تتميز هي ايضا بذراع مناور من شأنه ان يشارك في هندسة واستخدام وحدات EOD ابان حصول مخاطر مفاجئة ابان الاستجوابات.
تستخدم ربوطات Talon III - B وTalon IV في كشف وتعريف والغاء التفجيرات المحتمل حصولها، فهذه العربات مجهزة بكاميرات مضيئة عدة وبكاميرا مراقبة تدور وتميل "Pan/Tilt" اضافة الى اجهزة راديوية بعيدة المدى مع وحدة تحكم خاصة بالمشغل قوية الاحتمال. من جهته، اشترى البنتاغون نظم خاصة بمسح الالغام المضادة الاشخاص من نوع M160 البالغ وزنها 6 اطنان (MPMCSs) والتي ترتكز على المنصة التجارية DOK-ING المستخدمة لاول مرة في العمليات الانسانية لازالة الالغام والمنقولة بشكل كامل للجيش الاميركي. يستخدم هذا النظام على مستوى الفرقة او الفيلق كجزء من عمل رئيسي منظم ضمن الوية دعم القتال او الالوية الهندسية. ان العديد من نظم الربوطات هذه، وخصوصا تلك المصنوعة سريعا بين عامي 2003 و2009 بغية استخدامها في العراق وافغانستان، هي تجارية وجاهزة للاستعمال وغالبا ما تكون غير قابلة لتقاسم القطع المشتركة او حتى البرمجيات ذلك يعود لاعمال التطوير المستمرة اضافة الى مسائل التدريب واللوجستيات.
وللتخفيف من وقع هذه المشكلة، طور البنتاغون محفظة عمل مشتركة جديدة (IOP) للنسخة الاساسية لتحديد معايير UGV الخاصة بالعمل المشترك والنمطية والقواسم المشتركة. وفي حال تم العثور على مستشعر او مكوّن مثبت على روبوط خاص وكان ذلك قويا او متطورا، حينها يصبح الجندي قادرا على التوصيل والتشغيل بشكل بسيط مع المكون او القسم الموجود على روبوطات اخرى من دون الحاجة للرجوع الى المصنع او المطور الآخر للجهاز الثاني. الى ذلك، استخدم نظام Husky Mounted Detection (MDSs) اولا من قبل فرق الهندسة المقاتلة لتأدية مهام مسح الطرقات. ترتفع مقصورة العربة جيدا عن الارض حيث يوفر لها الحماية بَدَنُ مدرع على شكل V لتفادي الانفجارات. جهزت المنصات برادار اختراق الارض (GPR) من انتاج شركة NIITEK وهي فرع من شركة (Chemring لكشف اخطار التفجيرات المعدنية وغير المعدنية وصفائح الضغط والالغام المضادة للدبابات.
يمكن ضبط توجيه نظام رادار GPR من NIITEK من قبل المشغل داخل مقصورة Husky وحاليا ممكن تعديله بواسطة جهاز تحكم عن بعد. تتحكم المحركات الكهربائية بقدرات الانحراف والتوجيه الى اعلى أو اسفل الخاصة بالرادار - من 150 ملم الى 450 ملم فوق الارض - ذلك في مجموعة مختلفة من البيئات والوظائف.
وكجزء من حملة مكافحة عبوات IED في العراق وافغانستان اجرى الجيش الاميركي اختبارات ذات صلة بالقدرات الجوية لنظام مكافحة C-IED الخاصة بالاستطلاع والمراقبة والتهديف والاكتساب بالشكل الذي كان اصلا يطلق عليه تسمية مهام المراقبة والاكتشاف وتحديد الهوية ومن ثم الالغاء (TF - ODIN) حيث جهز ذلك بطائرة الاستطلاع الجوي المتعددة المستشعرات (ARMS) من طراز C-12R والمزودة بدورها بالصور الفيديوية ذات الحركة الكلية (FMV) وقدرات الاتصالات الاستخباراتية (COMINT) ونظام التوجيه الجوي الدقيق (APG). دعمَّت هذه القدرات المركبات الجوية غير المأهولة بتوفيرالمعلومات المتقدمة حول المتمردين الذين يخططون لشن هجمات بعبوات (IED) كما ولكشف هذه العبوات المزروعة تحت الارض وفوقها.
يخطط الجيش الاميركي مستقبلاً، لاختبار المنطاد الهجين المؤلف من مركبة جوية طويلة الامد للاستمرار في الجو، متعددة الاستخبارات (LEMV) والمتخصصة في القيام بأدوار الرصد ومكافحة (IED) على مدى طويل.
من جهتها، عملت المملكة المتحدة جاهدة في تطوير تكنولوجيا C-IED وطورت مقاربتها الخاصة لحل هذه المعضلة.
يشمل نظام مكافحة الالغام Talisman المستخدم في الجيش البريطاني مجموعة من النظم لتأمين حل "golf-bag" لاستعماله في عمليات مكافحة العبوات الناسفة غير النظامية لصالح الجيش البريطاني. يضم نظام Talisman عربتي الحماية من الالغام Buffalo التي توفر الحماية لمشغلي عمليات C-IED، واربع عربات للاستشعار فئة Mastiff "Protected Eyes" مع بعض او كل عجلات مكافحة الالغام من نوع SPARK اضافة الى عربتين بريتين غير مأهولتين من طراز "Project PANAMA" وعربتين من نوع Talon اضافة الى طائرتين دون طيار من نوع T-Hawk ومزيل الالغام "Mini MineWolf" واحد على الاقل.
ان مشروع عربات PANAMA هو بالاساس Snatch Land Rovers الذي تحول الى عربات تشغل عن بعد والتي تضم ضمن هيكليتها رادار اختراق بري و/او اجهزة كشف المعادن، اشارة الى ان نظام Mini MineWolf MW240 هو اضافة جديدة في هذا المجال. تعتبر المركبات الجوية دون طيار، والتي تزن بعضها 6 اطنان، صغيرة الحجم، نموذجا يشغل عن بعد من عربة مسح الالغام MineWolf حيث تستخدم الحرّاثة او المدراسات من اجل القضاء على الالغام وعبوات (IED).
يشمل نظام Mastiff Protected Eyes نظام اكتساب الهدف البصري المشغل عن بعد (ROTAS) الذي يضم من جهة الكاميرا الحرارية Catherine Mega Pixel من Thales، وكاميرا TV عالية الوضوح اضافة الى ليزر Celt.
وهذا يسمح على امدية محسوبة تحديد بعض الاهداف مع استخدام نظام الملاحة GNAV المعتمد على الاقمار الاصطناعية لتحديد اماكن تلك الاهداف بدقة كبيرة الى جانب مكان شبكة المركبات الصديقة، يستخدم نظام Mastiff كمنصة قيادة وتحكم لتشغيل وحدات Talisman والمركبات الجوية غير المقودة Talon وT-Hawk.
تعتبر T-Hawk مركبة جوية دون طيار صغيرة جدا وعامودية الاطلاق مع 45 دقيقة من الاستمرارية، انها جيدة في توفير اعمال الرصد والكشف كما انها تؤمن رؤية جوية واضحة لعبوات (IEDs). اللافت ان المنطقة السفلية للطائرة T-Hawk تجعل منها قادرة على كشف العبوات اينما وجدت على الطرقات.
اكدت التجارب المؤلمة ابان العمليات انه للتغلب على تهديد (IED) ومعالجتها بطرق متعددة يحتاج الى استخدام الاستخبار وجمع المعلومات للعثور على الاماكن حيث قد يضع الارهابيين متفجراتهم من نوع (IED) والعمل على تحييدها اثر العثور عليها من خلال طواقم EOD لتفادي خطرها.
هناك اليوم اعتراف بان الحصول على قدرات مواجهة تهديد (IED) امر غاية في الصعوبة لكنه ملزم لاي جيش قد يطلب منه العمل في بيئة تزدحم بالثوار والمخربين الذين قد يستخدمون تكتيكات حربية غير تناسقية.