أفاد استبيان أجرته مؤسسة " الرأي العام" الاجتماعية في روسيا بأن غالبية المواطنين الروس يرون إمكانية اندلاع حرب نووية في العالم في الوقت الحالي، وبرأي الأشخاص المشمولين بهذا الاستطلاع، فإن التهديد النووي ناجم عن الولايات المتحدة الأمريكية قبل كل شيء. وبدورهم، يؤكد الخبراء أن الوضع الدولي المتوتر والأزمة الأوكرانية لا يعملان إلا على تأجيج الشعور بالهلع لدى الروس
وبحسب البيانات التي جمعتها مؤسسة " الرأي العام" في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، فإن 64% من المواطنين الروس يعتقدون بوجود احتمال بدء " نزاع مسلح في العالم باستخدام السلاح النووي"، بينما لا يؤمن 20% بمثل هذا الخطر، في حين يجد 17% صعوبة في الإجابة على هذا السؤال. وفي الوقت نفسه فإن 53% من الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم يثقون بأن خطر الحرب النووية أعلى " مما كان عليه قبل 15 ـ 20 سنة"، ويعتقد 26% أن مستوى التهديد لم يتغير، بينما يرى 7% فقط بأنه انخفض، في حين وجد 14% صعوبة في الإجابة عن السؤال. من جهته مدير معهد البحوث السياسية، غريغوري دوبروميلوف، يعلّل وجود الخشية العامة من الحرب النووية لدى الروس بتأويلات وسائل الإعلام للوضع السياسي القائم.
ويعتقد النائب الشيوعي، فلاديمير كوموييدف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، أن "الناس خائفون، ليس فقط في روسيا وإنما في العالم كله أيضاً، فالتوتر موجود في كل مكان. بالإضافة إلى عدم إدراك ما يجري، فالطريق إلى السلام على الأرض ما زال بعيداً". وبرأيه، فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الأمريكي باراك أوباما والمسؤولين في إدارته يتحملون ذنب أن " العالم يعيش في حالة من الهلع".
ووفق بيانات مؤسسة " الرأي العام"، فإن 52% من الروس يعتقدون أن " خطر استخدام الأسلحة النووية" ناجم عن الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يرى 12% أنه صادر عن كوريا الشمالية، في حين يعتقد 9% أنه صادر عن باكستان. ويوضح غريغوري كيرتمان المحلل في مؤسسة " الرأي العام" الأمر، قائلاً " عادة ما نتوقع إشعال حرب نووية على يد ذلك البلد الذي يستعرض عضلاته أكثر من غيره "، ووضع 77% من المشمولين بالاستطلاع الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الأولى بين البلدان التي تربطها بروسيا علاقات غير ودية، بينما وضع 66% أوكرانيا و19% بريطانيا في هذه المرتبة.
وأشار غريغوري دوبروميلوف إلى أن الوضع في أوكرانيا " يؤجج الهستيريا"، مضيفاً بأنه " منذ 15-ـ 20 سنة كانت علاقات روسيا والولايات المتحدة وأوروبا أكثر انسجاماً. من جهته، يعتقد بيوتر تبيتشكانوف الخبير بمسائل الحد من انتشار الأسلحة النووية لدى مركز " كارنيغي" في موسكو بأن مخاوف المواطنين "مشروعة"، ذلك أن " علاقات روسيا والولايات المتحدة خلافية، ولأن المواطنين يدركون أن العالم الذي ارتسم في بداية التسعينيات لم يتكوّن بعد، ولم تعد الأسلحة النووية شيئاً لا يمكن استخدامه أبداً".
وذكّر المختصون في علم الاجتماع الأشخاصَ الذين شملهم الاستطلاع بأن " النادي النووي" اقتصر في البداية على روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين فقط، أما فيما بعد فقد انضمت إليه باكستان والهند وكوريا الشمالية، وبحسب بيانات مؤسسة " الرأي العام" فإن غالبية المواطنين يخشون من توسّع " النادي النووي"، ويفسر غريغوري دوبروميلوف ذلك بأن السلاح النووي حصلت عليه تلك البلدان غير الخاضعة بالكامل للسلم العالمي، ولذلك فقد بدأ الناس بالشعور بأنهم أكثر عرضة للخطر.
ويرى بيوتر توبيتشكانوف جوانب إيجابية في حالة الهلع من الحرب النووية، حيث يقول: " ينبغي على رجال السياسة الاستمرار في الحوار حول تقليص الأسلحة النووية، نظراً لأن هذا ما يريده الناس"، وكما استوضحت مؤسسة " الرأي العام" فإن 76% على قناعة بأنه يجب السعي إلى نزع السلاح النووي بالكامل، بينما يقف 14 % ضد ذلك، علماً بأن 19% فقط يؤمنون بأن التخلص الكامل من الأسلحة النووية مستحيل خلال العقود القريبة القادمة.