يواصل الجانبان الروسى والمصرى تلميحاتهما بشأن صفقة الأسلحة الروسية لمصر، والتى يصل ثمنها إلى ٣ مليارات ونصف المليار دولار. والمبررات المحيطة بهذه الصفقة تتلخَّص فى رغبة مصر فى تنويع العلاقات، وتنويع مصادر التسليح، والضغوط الأمريكية عموما، وتعطيل صفقة المروحيات الآباتشى العشر التى تم الإفراج عنها مؤخرا على وجه الخصوص. هذا إلى جانب أسباب لم يتم الإعلان عنها، يمكن تلخيصها فى عبارة بسيطة: «لن تعود العلاقات بين القاهرة وواشنطن إلى ما كانت عليه أبدا».
لكن الملاحظ أنه لا توجد تصريحات رسمية على مستوى عالٍ تصدر حول صفقة الأسلحة الروسية، بل وظهرت تصريحات دبلوماسية روسية تحذّر من المبالغات الإعلامية حول هذه الصفقة، ومن الواضح أن هذه التصريحات ظهرت بعد أن بدأت وسائل إعلام ومجموعات مصالح فى مصر بالمبالغة فى هذه الصفقة، وإطلاق تكهنات وتحليلات ساذجة وسطحية تهدف فى نهاية المطاف إلى إشعال الأوضاع وفرملة أحد جوانب العلاقات بين موسكو والقاهرة، وتسخين الشركاء الغربيين المعنيين بتصدير السلاح لمصر أو نسج علاقات عسكرية ذات طابع معين.
الخبراء العسكريون ووسائل الإعلام فى مصر يتحدَّثون عن تغيير موازين القوى فى الشرق الأوسط فى حال حصلت مصر من روسيا على مقاتلات «ميج ٣٥» ومنظومات دفاع جوى من طراز «إس ٣٠٠»،
ما يعنى أن واشنطن يجب أن تسلِّح إسرائيل بأسلحة حديثة، وبالتالى فالتسمية القريبة مما يجرى ليست «تغيير موازين القوى فى المنطقة»، وإنما «سباق تسليح»، ولا يمكن أن نتجاهل القوة العسكرية لإيران، بينما تركيا تتسلح وفقا لمعايير حلف الناتو ومطابقتها لمعايير تسليح أعضائه.
والمدهش هنا أن صحيفة «وورلد تريبيون» الأمريكية ذكرت أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وافق على إعادة إمداد إسرائيل بصواريخ «هيل فاير» التى كان قد أوقف توريدها لإسرائيل خلال الأحداث الأخيرة فى غزة. وقالت مصادر إسرائيلية، وفقا لتقرير أوردته الصحيفة المذكورة على موقعها الإلكترونى، إن إدارة أوباما وافقت على تجديد إرسال شحنات صواريخ من طراز «هيل فاير» لإسرائيل، وأكدت هذه المصادر أنه قد وصل بالفعل إلى إسرائيل عدد غير محدد من تلك الصواريخ التى تم نقلها على مروحيات وتسلمها سلاح الجو الإسرائيلى فى سبتمبر الماضى، وعلى الفور طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية تجديد ما لديها من صواريخ «هيل فاير» القديمة والذخائر الأمريكية الأخرى.
والتساؤلات الكثيرة التى طُرحت منذ بدء الحديث عن تزويد روسيا مصر بالأسلحة لا تزال تتردد:
هل مصر فى حالة حرب أم بحاجة للدفاع عن نفسها بتجهيز جيشها بأحدث الأسلحة، والتى تتناسب مع الوضع الميدانى والاحتياجات الحقيقية؟
هل تتناسب أسعار هذه الصفقة مع إمكانيات مصر المالية؟
هل يمكن أن تتحملها خزينة الدولة؟
ما العلاقة بين عمليات التسليح التى تأتى عادة فى مقدمة العلاقات مع روسيا وبين التنمية الاقتصادية فى الداخل المصرى؟
هل ستسمح روسيا، فعليا، بتغيير موازين القوى فى الشرق الأوسط؟
من الواضح أن خطوات التسليح تسير أسرع من عمليات التبادل التجارى والاقتصادى بين القاهرة وموسكو، لكن المثير للتساؤلات أن تل أبيب لا تبدى أى امتعاض أو احتجاج، وبالتالى هناك انطباع بوجود حلقة مفقودة فى ظل ما تعيشه المنطقة من أحداث، وفى ظل المواجهات بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى من جهة أخرى
---------------------------------